رئيس التحرير
عصام كامل

مدير عام مكتبة الأزهر: لدينا 52 ألف مخطوط.. و300 ألف مجلد نادر

فيتو

أكد عبد المجيد أحمد عبد اللطيف، مدير عام مكتبة الأزهر الشريف؛ أن حفظ تراث الإسلام والمسلمين على مدار مئات القرون هو أهم ما يميز مكتبة الأزهر عن باقي مكتبات العالم، مشيرًا إلى أن هذا الهدف تحقق من خلال وجود مجموعة ضخمة من المخطوطات النادرة والمؤلفات القيمة والأبحاث المهمة التي أعدها علماء المسلمين في شتى مناحي العلوم التي عرفها البشر.


وأوضح أنه جارٍ العمل الآن في إنشاء مقر جديد للمكتبة يواكب أحدث ما توصل إليه العالم في إنشاء المؤسسات العلمية والمكتبية، ومن المنتظر أن يتم افتتاحه في غضون عامين ليكون «مفخرة للمصريين والعرب والمسلمين في شتى أنحاء العالم»، وغير ذلك من التفاصيل التي نسردها في الحوار التالي...

>> متى نشأت مكتبة الأزهر الشريف؟

مكتبة الأزهر الشريف مرتبطة من حيث النشأة والتكوين بنشأة الجامع الأزهر منذ ألف وستين عامًا، وجاءت فكرة إنشائها مواكبة للحراك العلمي والثقافي والتراثي الذي شهده الجامع منذ الأيام الأولى لافتتاحه، والذي بدأ فيه العلماء تدوين الأبحاث العلمية والدروس الملقاة على مسامع الطلاب المصريين والوافدين من باقي دول العالم الذين كانوا يسكنون الأروقة في ذلك الوقت؛ حيث لاحظ قيادات الأزهر - آنذاك - بعد شهور قليلة من هذا الحراك تكون مجموعة من الكتب والمؤلفات العلمية والمخطوطات النادرة، فخافوا أن تضيع هذه الكنوز بمرور الزمن فوافقوا على إنشاء مكتبة تحفظ بداخلها هذه المقتنيات التي لا تقدر بثمن؛ لتصبح منذ ذلك الوقت وحتى عصرنا الحالي كنوز العالم الإسلامي والمسلمين في أيدٍ أمينة.

والمكتبة الموجودة حاليًا هي امتداد للمكتبة القديمة التي أنشئت بالجامع الأزهر قبل عام 517 هجرية، وقد تعددت مراحل تطويرها وتوسعتها منذ نشأتها وحتى عام 1413 هجرية الموافق 1897 ميلادية حين أصدر مجلس إدارة الجامع الأزهر قرارًا بإنشائها ككيان رسمي وتنظيم عملها وفقًا لآليات وأهداف وبرنامج محدد، وذلك بعد توصية من الإمام محمد عبده – مفتي الديار المصرية آنذاك - الذي رأى ضرورة جمع الكتب المتفرقة من أروقة الجامع الأزهر ومكتبات المساجد الكبرى في مكان واحد لحفظها والانتفاع بها على الوجه الأكمل، وشُكل وقتها فريق عمل لتسجيل مقتنيات المكتبة وفهرستها واختير لحفظ كنوزها 6 قاعات بالجامع الأزهر هي: المدرسة الإقبغاوية، والمدرسة الطيبرسية، والرواق العباسي، ورواق الأتراك، ورواق الشوام، ورواق المغاربة، وظل الباحثين وطلاب العلم يتوافدون إليها في ذلك المقر إلى أن تم نقلها بكامل مقتنياتها عام 1994 ميلادية إلى مبناها الحالي بمقر المشيخة بالدراسة.

>> ما الذي يميز مكتبة الأزهر عن باقي مكتبات العالم؟
أي مكتبة في العالم هدفها الأساسي نشر الثقافة والوعي - وهذا ما نشترك فيه مع الجميع؛ إلا أن مكتبة الأزهر تتميز عن مثيلاتها في شتى بقاع الأرض بأن لها هدف أسمى حافظنا على تحقيقه جيل بعد جيل وهو حفظ تراث الإسلام والمسلمين على مدار مئات القرون، وهذا يتمثل في وجود مجموعة ضخمة من مخطوطات ومؤلفات وأبحاث علماء المسلمين في كل مناحي المعرفة، وليس في مجال العلوم الشرعية فقط؛ فما تحويه مكتبة الأزهر يتضمن على سبيل المثال وليس الحصر كنوزًا في علوم الشرع والطب والفلك والحساب والهندسة وشتى العلوم التي عرفها البشر. 


>> كم يبلغ عدد المخطوطات والمؤلفات المحفوظة داخل مكتبة الأزهر؟
ما يزيد عن 52 ألف مخطوط نادر، و300 ألف كتاب مطبوع، يتعدى عمر بعضها الألف عام، ومقتنيات تراثية أخرى منها أول آلة طباعة عرفها العالم وهى "الحجر" فمن المعروف أنه في بداية تدوين المؤلفات لم يكن هناك طابعات حديثة مثل المتواجدة لدينا الآن فكانوا ينقشون الحروف على الحجر ثم يطبعونها على الورق إلى أن يكتمل المؤلف، ولدينا نسخ من تلك الكتب التي طبعت على الحجارة؛ بالإضافة إلى أن المكتبة كان بها متحف وأغلق بعد إنشاء مرصد الأزهر وحفظت مقتنياته النادرة في المخازن انتظارًا لعرضها مرة أخرى بمجرد اكتمال المبنى الجديد للمكتبة، والذي أعد في تصميمه مقرًا لمتحف عالمي.

كما أن مكتبة الأزهر تتميز بأنها دار إيداع لكل ما يصدر عن الأزهر بكامل هيئاته من مطبوعات، فعلى سبيل المثال جميع رسائل الماجستير والدكتوراه التي تناقش بكليات الجامعة الأزهر من الإسكندرية وحتى أسوان نحتفظ منها بنسخة، ولذلك نحن نمتلك تراث ضخم من الرسائل الأكاديمية وهذه من ضمن الأشياء التي تتميز بها مكتبة الأزهر عن باقي مكتبات العالم.

وفي هذا السياق أود التأكيد على أن ما تحويه مكتبة الأزهر من تراث ضخم وكنوز ثمينة نتاج فكري وبحثي لعلماء المسلمين من كافة أنحاء العالم وليس للمصريين فقط، وهذا يرجع إلى أن التنوع والعالمية التي امتاز بهما الأزهر الشريف على مدار سنواته التي تزيد عن الألف عام جعلت الحراك العلمي بداخله "حراك عالمي" شارك فيه علماء من كافة الجنسيات، ومن هنا أخذت مكتبة الأزهر صفة العالمية.

>> ما دامت مكتبة الأزهر تكتسب صفة العالمية لماذا لا يعرف العامة شيئا عن مقتنياتها؟
لأن المكتبة مظلومة إعلاميًا، والدليل على هذا أن علماء وباحثين وطلاب من شتى جنسيات العالم يتوافدون إلى مكتبة الأزهر لينهلوا من كنوزها العلمية في الوقت الذي لا يعرف فيه كثير من المصريين عنها شيئا؛ ولهذا أود أن أتقدم بالشكر لـ«فيتو» لأن مبادرتها من شأنها تسليط الضوء على مكتبة الأزهر ومن ثم جعلها تتبوء مكانتها التي تستحقها وترقى بها إلى تقديم خدمات أفضل من تلك المقدمة في أي مكتبة بالعالم.

>> عودة إلى مقر المكتبة الجديد... ما هي تفاصيل إنشائه؟
إنشاء مبنى جديد للمكتبة هو أحد بنود بروتوكول تعاون وقع بين مؤسسة جامع الشيخ زايد الكبير بدولة الإمارات، وبين الأزهر الشريف، ومن ضمن أهدافه إنشاء مبنى عالمي لمكتبة الأزهر الشريف يضم كل مقتنيات المكتبة الموجودة بها حاليًا، واختير لهذا المبنى مقر يقع على طريق صلاح سالم بجوار مبنى إدارة المعاهد الأزهرية ودار الأسلحة والذخيرة ومسجد الرحمن الرحيم بمدينة نصر.

>> هل بدأ العمل في هذا المقر أم أنه ما زال قيد الدراسة؟
بدأ العمل فيه منذ أشهر؛ واكتمل حتى الآن 75% من الإنشاءات، وتصميم المبنى عبارة عن بدروم و4 طوابق، بها قاعات فخمة لعقد الندوات والمؤتمرات ومقرات لمراكز بحثية تقدم كل الخدمات المعلوماتية الحديثة التي عرفها العالم، بالإضافة إلى متحف عالمي تعرض من خلاله مقتنيات العالم الإسلامي النادرة المحفوظة بمخازن المكتبة؛ باختصار شديد سيكون هذا المبنى مواكبًا لأحدث ما توصل إليه العالم في إنشاء المؤسسات العلمية والمكتبية.

ومن المنتظر أن تنتهي جميع الأعمال الإنشائية به وافتتاحه في غضون عام ونصف العام أو عامين على الأكثر، وسيكون بمجرد افتتاحه مفخرة للأزهر والمصريين والعرب وكافة المسلمين في كل أنحاء العالم.

>> رسالة أخيرة
مشكلة مجتمعنا تتلخص في عدم تقديره للدور الأساسي والهام الذي يلعبه مجال البحث العلمي والتقنيات المعلوماتية الحديثة، وما تحويه مكتبة الأزهر الشريف كنوز علمية وثقافية وتراثية لا تقدر بثمن ولذلك نحن نعول على المنابر الإعلامية المخلصة مثل «فيتو» بأن يعملوا على تسليط مزيد من الضوء على هذه المكتبة وما يشبهها من أماكن علمية لنتخلص من هذه المشكلة ونستفيد بالمقتنيات الثمينة التي نملكها، ومن ثم ننقل تجاربنا وعلمنا إلى جميع دول العالم.
الجريدة الرسمية