رئيس التحرير
عصام كامل

عبد الرحمن رشاد عضو الهيئة الوطنية للإعلام: ماسبيرو «هرم مصر الإعلامي».. والهجوم عليه غير مبرر

فيتو


  • يجب أن يعبر الإعلام الوطني عن قيم وتراث الشعب
  • أشكر القيادة السياسية على تكليفي بعضوية الهيئة الوطنية للإعلام
  • "هنا القاهرة" تعرض للسرقة من برامج تافهة تذاع على القنوات الفضائية
  • الجلوس خلف الميكروفون والتحدث بسطحية أصبح متاحا لـ"كل من هب ودب"
  • الإذاعة كانت جادة للغاية في الماضى
  • توليت رئاسة الإذاعة المصرية في ظرف وطني ودقيق
  • محاولات اختراق ماسبيرو لاتزال قائمة
  • الإذاعات العربية تطورت وإذاعتنا "محلك سر"
  • محمد عبد الوهاب وصفنى بـ "المذيع المجنون"
  • نواجه خطة محكمة لتسطيح عقل الشباب المصري
  • الإعلام تحول إلى ساحة معارك ومهنة من لا مهنة له
  • لا يمكن أن تلغى وسيلة وكل الوسائل تنافس بعضها البعض
  • هيكلة ماسبيرو يجب أن تعتمد على التدريب والتطوير لا الاستبعاد والتسريح




عاشق للإذاعة منذ نعومة أظافره، كان له حلم يعيش في وجدانه ويطارده على امتداد عمره حتى أتته الفرصة ليقتنصها ويحول دفة حياته الدراسية ليصبح فيما بعد رئيسًا للإذاعة المصرية في مرحلة عصيبة مرت بها مصر، فيعبر بالإذاعة إلى بر الأمان بسلام بعد مقاومة محاولات اختراقها من قبل عناصر الشر والإرهاب، إنه عبد الرحمن رشاد، رئيس الإذاعة المصرية السابق الذي تم اختياره عضوا بالهيئة الوطنية للإعلام مؤخرا، الذي كان ضيفًا في صالون "فيــتو"، ليتحدث عن دور الهيئة وذكرياته مع الميكروفون ورأيه في حال الإذاعة المصرية في وقتنا الراهن، وكذلك رؤيته للمشهد الإعلامي بصفة عامة... فإلى نص الحوار:

*بداية.. كيف رأيت اختيارك لعضوية الهيئة الوطنية للإعلام؟
أولا.. أود توجيه الشكر للقيادة السياسية لاختيارها لي عضوا في الهيئة الوطنية للإعلام، وهو تكليف بمهام شديدة الأهمية وتشريف لاختيارى من بين الكثير من الإعلاميين لهذه الهيئة الرفيعة، المنوط بها الكثير من المهام الثقيلة والتي لا أراها بالرغم من هذا مستحيلة.

وما طبيعة الدور الذي ستلعبه الهيئة في سبيل تطوير الإعلام المصرى؟
تدخل مهام الهيئة الوطنية في إطار مستقبلي للإعلام الوطني المملوك للشعب، والذي يتحمل مسئولية جسيمة في مواكبة الأحداث التي تمر بها مصر في هذه المرحلة الدقيقة، والذي لابد أن يكون إعلامًا يعبر عن الشعب المصري، وأن يقدم مواد إعلامية متميزة تنافس إنتاج القنوات الخاصة، وهذه مسئوليات جسيمة، فالإعلام الوطني لابد أن يعبر عن تقاليد وقيم وتراث الشعب المصري ومشكلاته.

وما المتطلبات التي يمكن حال تطبيقها تيسر عمل الهيئة الوطنية للإعلام؟
لابد من وضع حلول للمشكلات المالية والفنية والتكنولوجية القائمة، فضلا عن ضرورة تطوير الأداء واستثمار الطاقات والمواهب البشرية، وإذا نجحنا في هذا نكون قطعنا نصف الطريق لبناء إعلام جديد يقدم خطابًا إعلاميًا يلبي طموحات الشعب المصري.

ما تقييمك للإذاعة المصرية وتاريخها؟
لقد كانت إذاعتنا المصرية هي الأولى في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث كانت مصر قلعة مضيئة وسط الصحراء القاحلة حولها في أفريقيا وآسيا والعالم العربي، ولقد بدأت مصر تفكيرها في إنشاء إذاعة مصرية عام ١٩٣٢، وبدأت الإذاعة وخلفها تراث يدعمها على المستويين "اللغوي والثقافي" وهذا انعكس على عملية انتقاء العاملين بها والمذيعين، حتى أنه تقدم آنذاك ٢٠٠٠ متقدم تم اختيار ٣ فقط من بينهم، وهم "أحمد سالم، ومحمد فتحي، وأحمد كمال سرور"، أي أنها ولدت عملاقة، فالإذاعة المصرية هي الإذاعة الأم التي تمتلك التراث الوطنى والفكرى والأخلاقى لمصر، ولقد نقلنا تجربتنا الإذاعية إلى الإذاعات العربية، فقد ظللت لمدة 15 عاما رئيس اللجنة الدائمة للإذاعة في الجامعة العربية، وأسهمنا في تطوير الإذاعات العربية التي بدأت من حيث انتهينا نحن، ولكن الابن الأصغر يكبر ويطور من نفسه ونحن ظللنا للأسف "محلك سر".

*ما أبرز الفروق بين الإذاعة في وقتنا الحالى وفي الماضي؟
الفروق كبيرة للغاية ومرتبطة بتغيرات المجتمع، فالإذاعة في الأساس كائن اجتماعي، والتغيرات في التعليم والمجتمع انعكست على وسائل الاتصال عامة، والإذاعة خاصة، فعلي سبيل المثال حينما نشأت الإذاعة كانت تهتم باللغة العربية والخطابة وقضايا المجتمع وفعالياته وكذلك الفن، فقد كانت جادة للغاية، وكان بها قامات صنعت قيما إذاعية، وكانت مؤهلات العاملين بها أساسها اللغة العربية والثقافة الرفيعة والحضور المجتمعي، أي أن الموضوع لم يكن هينًا وكان يعتمد على ضوابط مهنية، بخلاف الآن "كل من هب ودب" يجلس خلف الميكروفون ويتحدث بسطحية.

*لماذا انحدرت الإذاعة في اعتقادك ومتى بدأ هذا الانحدار ؟
كلنا نعد جانيًا ومجنيًا عليه، وأعتقد أنه يصعب تحديد فترة زمنية بعينها.

*ولكن هناك من يدعي أن الشباب يريد التسطيح ويؤيده حتى أنهم يقبلون على الأفلام والبرامج التي تقدم المضامين السطحية، ما تعقيبك؟
أنا ضد هذا، والقول إن الشباب يريد التسطيح مردود عليه، فالشباب متعطش للاستماع إلى القصائد والأغنيات الراقية، كما أنهم يميلون إلى قراءة الأدب والروايات الجديدة، وبالرغم من أننى لا أميل إلى نظرية المؤامرة ولكن هذه خطة محكمة لتسطيح وتتفيه عقل الشباب المصري وتغريبهم وإبعادهم عن الثقافة المصرية الحقيقية، وإبعاد ومن يكون على علم بمثل هذه المؤمرات وأبعادها بفعل فاعل عن المشهد.

*لماذا قررت تحويل مسيرتك المهنية من السياسة والاقتصاد إلى الإذاعة والإعلام؟
الأمر يتعلق بالحلم، فمنذ صغر سني وأنا مشترك في الإذاعة بالمدرسة الابتدائية وكذلك الثانوية، أما في الجامعة فكنت أحرص على الاشتراك في المعسكرات والمسابقات الثقافية، وحتى بعد دخولى الخدمة العسكرية ظل الحلم "عايش" بداخلى، وبمجرد انتهائي من أداء الخدمة العسكرية فوجئت بإعلان عن طلب مذيعين ومحررين ومترجمين للالتحاق بالإذاعة المصرية، وتقدمت فوفقت والتحقت بالبرنامج العام، وتمكنت من ترجمة حلمى إلى عمل.

*متى كانت المرة الأولى لك أمام ميكروفون الإذاعة المصرية.. وما أبرز المواقف التي مررت بها في بداية عملك؟
كانت المرة الأولى لى أمام الميكروفون في 13 مارس 1980، وهناك موقف لن أنساه حينما كنت المذيع الثالث مع الأستاذ عبد الوهاب محمود، وكانت السيدة بديعة رفاعي هي المدير التنفيذي آنذاك، حيث كنت في نوبة العمل، وفوجئت بأن عبد الوهاب محمود أعطانى موجز أنباء الرابعة واختفى، ودقت الساعة الرابعة في غيابه وكان لابد من قراءة الموجز والتحليل ووفقت في ذلك، وفيما بعد تلقيت مكالمة من السيدة بديعة رفاعى تقول لى "برافو عليك" وتوضح أن كل ما حدث قد تم بالاتفاق بينها وبين عبد الوهاب محمود، ولن أنسى أيضًا حينما ذهبت لإذاعة أداء مبارك اليمين الدستورية بعد استشهاد الرئيس السادات بمجلس الشعب في 16 أكتوبر عام 1981، وهو حديث كبير وأرجع الفضل في إسناده لي إلى أساتذتى الذين كانوا يدفعوننا إلى مثل هذه الأحداث المسئولة لتعليمنا وإفادتنا.

*من هم أبرز هؤلاء الأساتذة؟
لقد سعدت باللحاق بعدد من أساتذة الإذاعة الذين أثروا وأثروا في مسيرتي الإذاعية، أبرزهم صبري سلامة وسعد زغلول نصار وأمين بسيوني وبديعة رفاعى وآمال فهمى وطاهر أبو زيد وغيرهم من الأساتذة الذين تلقينا على أيديهم قواعد العمل، وحاولنا نقل تجاربهم.

*ما طبيعة البرامج التي قدمتها أثناء عملك بالإذاعة المصرية؟
لقد عملت كمذيع للأخبار وكقارئ للنشرات وقدمت كل البرامج على الهواء، بدءًا من "أقدم هذا المساء" و"أخبار خفيفة" و"أوائل الطلبة" و"عالم الاقتصاد" و"قصائد وألحان" الذي كنا ننقب فيه عن كل القصائد العربية المُغناة.

*ما أبرز ذكرياتك مع برامج الهواء؟
أتذكر أثناء فترة تقديمي برنامج "قصائد وألحان" على الهواء، أن الموسيقار محمد عبد الوهاب قد قام بالتواصل مع الأستاذ فاروق شوشة حينما كان رئيسًا للبرنامج العام ليسأله من هذا المذيع المجنون الذي يقدم برنامج شعر على الهواء دون أن يخشى الخطأ في العروض أو القوافى، وأتذكر أن المرحوم سيد مكاوى كان يحدثنى على الهواء في هذا البرنامج وكذلك السيد بدير.

*حدثنا عن كواليس فترة رئاستك للإذاعة المصرية
لقد توليت رئاسة الإذاعة المصرية في ظرف وطني دقيق للغاية، فقد بدأت السيطرة عليها من ٢٣ يونيو ٢٠١٣ تزامنا مع قيام المصريين ضد الجماعة الإرهابية، وحينما كان يسيطر على وزارة الإعلام وزيرًا يعمل على تصفية الكوادر الإعلامية التي كان يعتقد أنها ضد جماعته، وكان معه مجموعة تنفذ أوامره داخل ماسبيرو وتقود المبنى، ولكننى تمكنت مع مجموعة من الشباب الوطني من مواجهة هذا كله وقمنا بإذاعة كل البيانات التي كان يعود فيها الفضل إلى الجيش المصري الذي دعم الشعب وعلي رأسه المشير السيسي، وتمكننا من العبور بالإذاعة بسلام في هذه المرحلة العصيبة، كما أن الإذاعة المصرية كان لها دور في ثورة 30 يونيو، حيث كانت حاضرة في الميادين يُذاع من خلالها بيان نجاح الثورة، وحينما تسلمت الإذاعة رسميًا بدأنا في إعادة تنظيم الكوادر المؤيدة لثورة الشعب، وإبعاد العناصر المؤيدة للجماعة الإرهابية وبدأنا في إعادة الإذاعة للشعب المصري، وأنتجنا مجموعة من البرامج تواكب الأحداث، منها "تحيا مصر"، والذي تم اقتباس اسم صندوق "تحيا مصر" منه، وبعد تولى السيسي الحكم "وقفت الإذاعة على رجليها".

*هل بالفعل كانت هناك محاولات لاختراق ماسبيرو من قبل عناصر الجماعة الإرهابية؟
بالطبع ولا تزال هذه المحاولات قائمة، كما أن هناك عناصر موجودة حتى الآن.

*وما أبرز القرارات التي أصدرتها بعد توليك رئاسة الإذاعة المصرية؟
بدأنا العمل على نقل الأحداث من مواقعها، وذلك بالاستفاده من المراسلين والشباب كما قمنا بتفعيل دور الشبكة الإقليمية وفكرنا في إنشاء موقع للإذاعة على الإنترنت، وتوجهنا في التفكير أيضًا لإنشاء عدد من الإذاعات الشابة لمواكبة الموجة الحديثة ومنها "شعبى إف إم".

*حدثنا عن فكرة إذاعة "شعبى إف إم" تحديدًا؟
اقترح فكرة الإذاعة الإعلامي "خالد فتوح"، وأعجبت بها في حينها، ووافقت على تدشينها على وجه السرعة، وطلبت منه أن يستمع إلى شرائط التراث الشعبى والأغانى الشعبية، وأرى أن الفكرة مهمة خاصة أن الغناء الشعبى نابع من الشعوب ويعبر عنها، ورغم المقاومة الشديدة من بعض المدعين وكارهي النجاح ومحاربتهم للفكرة، فإن الإذاعة نجحت وأطلقت رسميًا بعد أن خرجت على المعاش، وضمت لراديو النيل وما زالت تحقق نجاحات.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية