رئيس التحرير
عصام كامل

وزير نادر الوجود !


الوزير نادر الوجود هو من يمتلك أفقًا سياسيًا واسعًا ودراية كاملة بحدود وظيفة وطبيعة وزارته.. تجرى السياسة منه مجرى الدم في العروق.. وهو نموذج موجود في مصر رغم ندرته وهو الأقدر على النجاح وتغيير الواقع الصعب والسيطرة عليه، إذ يملك بحكم تكوينه العقلي والوجداني وتركيبته السياسية قدرات خاصة تؤهله للتواصل مع المجتمع وإدارة حوار مثمر مقنع سواء على أرض الواقع أو عبر وسائل التواصل المختلفة، ويمكنه اتخاذ قرارات ناجعة تريح الناس وتضيف إلى حكومته رصيدًا من الشعبية والمساندة الجماهيرية..


والسؤال: كم وزيرًا سياسيًا عرفته مصر في السنوات الأخيرة؟! والجواب: لا يتجاوزون أصابع اليدين.. وقد صادفت وعايشت هذين الصنفين من الوزراء.. الوزير الموظف.. والوزير السياسي الذي أراه متحققًا في شخص الدكتور على مصيلحي، وزير التموين الحالي، فرغم ما تعرض له من نقد قاسٍ وهجوم غير مبرر، وتعامل البعض مع تصريحاته وقراراته الأخيرة على طريقة "ولا تقربوا الصلاة" بانتقائية غريبة حين أراد ضبط منظومة فاسدة تسببت في إهدار كثير من مخصصات الدعم؛ فقرر الرجل تقليل الحصة المخصصة من الخبز المدعم للكارت الذهبي.. صحيح أن القرار بدا متعجلًا، أراد سد ثغرة ينفذ منها الفساد لكنه لم يوفر بدائل لصرف الخبز لغير الحائزين لبطاقات التموين الذكية، حتى يتم استخراج بطاقات ذكية لهم بديلا للبطاقات الورقية التي تبين أنها باب كبير للتلاعب واختلاس دعم الغلابة يحمّل ميزانية الدولة مليارات الجنيهات سنويًا، يستفيد منها ناهبو قوت الغلابة..

صحيح أن الوزير مصيلحي اعتذر ورجع عن قراره ليعطي مهلة جديدة لتحويل البطاقات الورقية إلى ذكية خلال 3 أشهر لكن ما يشفع للوزير هو رغبته في الحفاظ على المال العام وتقليل الهدر ومنع النهب والاستغلال من جانب معدومي الضمير.

عمومًا.. الوزير مصيلحي تصرف بكياسة وبحس سياسي ينم عن أنه فعلًا "وزير سياسي" لا يرى غضاضة في التراجع عن قرار غير مناسب، وزاد على ذلك أنه اعتذر ليكرس فضيلة سياسية غائبة للأسف في مجتمعنا.
الجريدة الرسمية