رئيس التحرير
عصام كامل

مأساة عيد الأم


كرم الإسلام الأم وجعل رعايتها وحسن صحابتها من الإيمان فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من قال أبوك»، وجاءه رجل يسأله عن بره بأمه وكيف أنه أدى مناسك الحج وهو يحملها على كتفيه هل يكون بذلك قد وفاها حقها فقال صلى الله عليه وسلم: لا ولو بطلقة من طلقات الولادة، وقد قيل قديما «الجنة تحت أقدام الأمهات» ولا يختلف أحد على ذلك لكن في زمننا هذا صار الاحتفال بعيد الأم تقليدًا نتبعه بعد أن أقرته الأعراف.. وبعد أن كان الاحتفال بعيد الأم يقتصر على تقديم الأبناء الهدايا لأمهاتهم توسع هذا التقليد -الذي يعد عرفانا وتقديرا لدور الأم- وصارت هدايا عيد الأم عبئا ثقيلا على كاهل الأسر خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وما نعانيه من سوء الأحوال المعيشية، فقد أخبرت امرأة زوجها أن أبناءها مثلهم مثل زملائهم أخبروها أن كلا منهم أحضر هدية لمعلمته في المدرسة، وبالتالي فلابد لهم أن يكونوا مثل زملائهم ويحضروا الهدايا لمدرساتهم في المدرسة، صمت الأب برهة يفكر في الأمر لكنه سريعًا ما صرخ:أجيب منين؟!


هدأت زوجته من روعته وجلست إلى جانبه تواسيه لكنها أبدًا لم تتنازل عن إحضار هدايا عيد الأم، أخذت تقترح عليه إحضار أقل القليل من الهدايا حتى لا يكسر بقلوب الأطفال أمام زملائهم، أخيرًا رضخ لطلب زوجته وجلسا معًا يفكران في عدد الهدايا التي يحتاجونها، قالت الأم ابنتك تريد هدية لمدرستها في المدرسة، وابنك يريد مهاداة مدرسته في المدرسة، بالإضافة إلى هديتي وهدية أمي، نظر الرجل إليها طويلا ثم سألها وماذا عن الدروس؟ نظرت الزوجة إلى زوجها وأخبرته أنها نسيت ذلك، وأنهن لسن بحاجة إليها، خرج الرجل مهموما لا يدري ماذا يفعل ومن أين يأتي بهذه الأموال لإحضار الهدايا.

هناك في العمل جلس حزينا مهموما مدهوشا، لاحظ زملاؤه ذلك فأخذوا يلاطفونه ويسألونه عما به، هنا حكى لهم عما يدور بخلده وما كان منه ومن زوجته، وأثناء ذلك كان يتابع الأخبار على أحد المواقع الإلكترونية فمر أمامه خبر استوقفه كثيرًا يقول أفتى الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، ووصف عيد الأم بأنه "عيد الكفار"، معتبرًا الاحتفال به "حرام، ولا يجوز للمسلمين المشاركة فيه".

هنا قفز الرجل من مكتبه فرحًا مسرورًا وقال وجدتها نعم وجدتها، وعاد إلى زوجته وأخبرها بفتوى الشيخ برهامي وتمسك بها وقال إن الاحتفال بعيد الأم: حرام.. حرام.. حرام.
الجريدة الرسمية