رئيس التحرير
عصام كامل

«بوسي».. قصة حقيقية!


كانت القطة الجميلة "بوسي" قد فقدت البصر بسبب تعذيبها من أطفال الشوارع وبعض الكبار لسبب لا يعرفه أحد عن هؤلاء ممن تحولوا في لحظات إلى كائنات سادية لا تعرف من الرحمة شيئا.. ربما الأسرة التي كانت بوسي لديهم قد طردوها أو أنها خرجت ولم تعرف العودة إليهم أو أنهم فقدوها أثناء خروجها معهم في سيارتهم إلا أن المحصلة النهائية أن القطة الجميلة جدًا قد فقدت البصر!


في البيت الجديد الذي ذهبت إليه بعد رحب بها كان قد سبقها قط آخر.. تعرفت عليه بحذر فهو يراها ولا تراه ولا يعرف إلا الله طريقة التفاهم بينهما، إلا أنه وبعد فترة استغل ضعفها ومارس عنف ضدها لا مبرر له إلا أن كان العطف عليها لظروفها استفزه، ولكن ها هى الطبيعة تستدعيه وتستدعيها وتصبح بوسي حامل وتظهر عليها أعراض الحمل!

بوسي تجوب أرجاء البيت بلهفة غريبة ومثيرة ولم تترك مكانًا مغلقًا أو به مغلق إلا وطرقته وذهبت إليه وكأنها تبحث عن شيء ما وتريد أن تصل إليه بإصرار لا مثيل له إلا أن المدهش جدًا ورغم بصرها المفقود إلا أنها كانت تبحث عن مكان تضع فيه حملها والأكثر دهشة أنها كانت تصل بالفعل إلى مداخل أماكن هى فعلًا مغلقة وتبدو آمنة لها!

أنجبت بوسي قطين أحدهما شبها جدًا والآخر شبه أبيه القط، وظلت على حمايتهما وإرضاعهما ثم إطعامهما أسابيع كبروا بعدها وبدأ الجميع يعتمد على نفسه في الطعام والشراب وبدأ أولادها في مزاحمتها في الأكل فكانت تترك لهما طعامها، وبدأ أولادها أيضًا في مزاحمتها في الشراب فكانت أيضًا تترك لهما المياه بل وتربت عليهما وتداعبهما وتحتضنهما، لكن كانت في كل مرة تبذل جهدًا للوصول إلى الطعام والشراب رغم أنها حفظت مكانهما إلا أن فقدانها البصر جعلها تقف بالقرب أو على حافة أماكن الأكل والمياه وبالطبع ليس بدقة وصول أبنائها المبصرين!

كانت تنحي جانبًا وتقف بالقرب من أولادها وهم يأكلان أو يشربان ولا ترجع للأكل مرة أخرى رغم أنهما غالبًا ما يزاحموها عند بداية طعامها ولا تغضب وكأنها تشبع لشبعهما ومع كبرهما بدءا يعتديان عليها ويضايقانها كأبوهما القط الكبير وكانت كل مرة تنحي جانبًا أو تذهب لأحد الأركان لكن كانت وهى فاقدة البصر-ولا نعرف كيف يحدث ذلك- تجري من أقصى مكان بالبيت إلى أقصاه الآخر أن سمعت صوت صرخة لأحدهما أو تشاجرا معًا أو اصطدما بمكان أو كل ما يشي بتعرضهما للخطر!

من الذي أوحى للقطة بكل هذه المشاعر؟ ومن الذي زرع بقلبها كل هذا الحب والخوف على وليديها منذ كانا في بطنها؟ ومن الذي ألهمها بكل هذا التفاني وكل هذا التحمل منهما ومن أجلهما؟!
إنها الأم وإنه العزيز الحكيم..
إنها الغريزة وإنه اللطيف الكريم..
رحم الله أمي..
الجريدة الرسمية