رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية «عزازيل» مع الله


عزيزي القارئ توقفنا في المقال السابق عند ثلاثة أسئلة وهى، كيف وصل إبليس إلى السماء؟ وبما وصل إلى مكانته الرفيعة بين الملائكة؟ وهل الأرض وغيرها من الكائنات عارفة بالله عزوجل؟ ولماذا خلق الله آدم من الأرض؟


نبدأ الإجابة عن السؤال الأول، ذكرنا من قبل أن الجن وهو الجنس الذي ينتمي إليه إبليس خلقهم الله من النار وأسكنهم الأرض وعمروها قبل خلق الإنسان، وكان حالهم الفساد والإفساد فيها، والجن من أعلى مظاهر طلاقة القدرة الإلهية في عالم الخلق، فقد أعطاهم الله تعالى القدرة على التشكل في الصور كلها- فيما عدا صورة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فإن الشيطان لا يتمثل بحضرته- وأعطاهم عز وجل القدرة على خرق حاجز الزمان والمكان فكانوا يصعدون إلى السماء ويسترقون السمع أي يتجسسوا على عالم السماء ويتصنطوا عليه، وكان الله تعالى يرسل إليهم الملائكة كلما فعلوا ذلك تقاتلهم..

وفي إحدى المرات أثناء قتال الملائكة لهم وقع إبليس في الأسر وكان صغيرًا واسمه الحقيقي "عزازيل"، فسألت الملائكة الله تعالى فيه ماذا يصنعون به، فأمرهم سبحانه أن يأتوا به إلى السماء الدنيا، فأخذوه إليها وتربى بين ملائكة السماء الأولى فعبد الله بعبادتهم وذكره تعالى بذكرهم فتفوق عليهم في العبادة والذكر، وذلك لأنه جنس مغاير لجنس الملائكة فالملائكة خلقوا من النور وهو وجنسه خلقوا من النار، وهو مكلف ومخير بين الإيمان والكفر والطاعة والمعصية..

فقد عبد الله باختياره وبمحض إرادته ومعلوم أن الملائكة مفطورين ومجبلين على طاعة الله وعبادته عز وجل وليس لهم أدنى اختيار ولذا تفوق عليهم في عبادة الله تعالى وذكره، وبعد تفوقه وارتقاءه على ملائكة السماء الأولى رقاه الله إلى السماء الثانية فعبد الله بعبادة أهلها من الملائكة فتفوق وارتقى عليهم، فرقاه الله إلى السماء الثالثة فعبد بعبادتهم وتفوق عليهم فرقاه الله تعالى إلى السماء الرابعة، وهكذا عبد بعبادتهم وتفوق عليهم وهكذا إلى أن ارتقى إلى السماء السابعة ووصل إلى رتبة طاووس الملائكة، وكان له شأن عظيم بين الملائكة وحظى بالقرب من الله تعالى ومنحه الله معرفة كل شيء وعلمه لغات الكائنات وعرفه بها..

كانت هذه هى الإجابة عن السؤال الأول، من هو إبليس وكيف وصل إلى السماء وبما وصل إلى رتبة طاووس الملائكة، هذا على الرغم من كل ما وصل إليه إبليس وحظي به إلا أنه لم ينس أصله ولم يفارقه طبعه الجني ولم ينس داره الأولى والأصل وهى الأرض، فلما سمع من الله أنه سبحانه وتعالى سيجعل له خليفة في الأرض حن إليها وتطلع إلى أن يكون هو الخليفة لما يعلمه عن شرف الخلافة والاستخلاف والتي تعني الإنابة من الله تعالى عنه سبحانه في عمارة الأرض وإدارتها..

فلما علم أن الاستخلاف للبشر، لآدم وذريته أخذته الغيرة وحسد آدم وتوعده هو وذريته، وطلب من الله عزوجل أن يعطيه الفرصة في تضليل وإغواء آدم وذريته وإثبات أنه كان أحق بالخلافة، وأن الإنسان ليس جديرًا بها، فأعطاه الله ذلك وأنظره إلى يوم الدين ولما توعد إبليس البشر بإهلالهم بالإغواء والتغرير والتخويف والتزيين والوسوسة والتضليل قال الله له، تزين لهم وتغرر بهم وتضلهم فيعصونني بالليل والنهار فألهمهم الاستغفار فيستغفرونني فيجدوني أنا الغفار، وهذا من عظيم فضل الله تعالى ورحمته بنا نحن بنو الإنسان، هذا وسوف أجيب عن باقي التساؤلات بمشيئة الله في المقالات التالية والآن فلنستغفر الله ونتوب إليه.
الجريدة الرسمية