رئيس التحرير
عصام كامل

خوارج العصر


لكل عصر خوارجه، إذ لم يحدث أن مر قرن من القرون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا وكان فيه من خرج عن اعتدال الإسلام وسماحته، وانحرف في فهمه، وأخرجه من سياقه الرباني، نعم كان لكل زمن رجال يجعلون من أمراضهم النفسية وفساد نفوسهم أسلوبًا في فهم الدين، لذلك لم يكن من المستغرب أن تكون جماعة الإخوان بخروجها عن أهل السنة وتبنيها للتكفير بل وممارستها له هى فرقة الخوارج لهذا الزمن، أما عن الخوارج الأصلية فقد نشأت في نهاية عصر سيدنا عثمان بن عفان وبداية عصر سيدنا على بن أبي طالب، وقد أطلقوا على أنفسهم اسم "جماعة المؤمنين"، إذ كانوا لا يرون مؤمنًا إلا هم، وقد رأى الخوارج وفقًا لمذهبهم أن معظم الصحابة ارتدوا عن الإسلام، وأجازوا لأنفسهم قتال وقتل من لا يؤمن بأفكارهم.


لا أخفيكم سرًا أنني رأيت هذه الأفكار منذ زمن في جماعة الإخوان، ولا أظن أن المسألة شاقة لو عدنا لأفكار حسن البنا الذي قُدِّم للأمة على أنه مجدد القرن الفائت، وهو في الحقيقة لم يكتب كتابًا واحدًا إلا مذكراته الشخصية، ولن تجد له إسهامًا في الفقه أو التفسير أو علوم الحديث، فقط كوَّن هذا الرجل تنظيمًا عسكريًا محكمًا ضم فيه منذ بدايته مجموعة من الجهلاء وأنصاف المتعلمين.. ولكن من خلال ما يسمى بـ"رسائل حسن البنا" ستجد فكرًا تكفيريًا من الطراز الأول، يظهر أكثر ما يظهر في رسالة التعاليم، ومن بعد حسن البنا جاء سيد قطب الأب الروحي لهذه الجماعة، ليضخ فيها مشروعًا تكفيريًا كاملًا أصبح هو دستور الجماعة، وعليه تتلمذ محمد بديع ومحمود عزت ومحمد مرسي ورشاد البيومي وآخرون كانوا هم دعاة التكفير وقادة خوارج العصر.

ومن خلال من أطلقوا عليهم "فقهاء الإخوان" مثل الشيخ الخطيب والشيخ عبد الرحمن البر استحضروا فقها في غير موضعه، وقد دار هذا الفقه ـ أو قل الجهل ـ حول تقديس الجماعة ورفع مرتبتها فوق مرتبة البشر، وجعلها مساوية للإسلام، وبالتالي زكوا أنفسهم على باقي المسلمين، وكان أن أجازوا لأنفسهم رفع السلاح على من خالفهم، وكانوا من قبل قد نشروا الفتنة في البلاد بـ"غزوة الفتاوى" التي أطلقوها في وجوهنا عن الأقباط، وفي سبيلهم لتنفيذ مخططاتهم أحلوا لأنفسهم الكذب والخديعة تحت مظلة "الضرورات تبيح المحظورات" و"الحرب خدعة" وكان من سمات خوارج العصر ما فعلوه بمصر في السنوات الأخيرة من قتل وترويع وتفجير وتخريب، وهم يهتفون "هى لله هى لله!" وكم من الجرائم ارتكبوها باسم الإسلام، والإسلام لا يعرفها، ولو فهم المُضَللون منهم لأدركوا أن تلك الجماعة هى أعدى أعداء الإسلام.
الجريدة الرسمية