رئيس التحرير
عصام كامل

محب الرافعي وزير التربية الأسبق: تطوير التعليم يحتاج 12 عاما وتغيير الوزراء يفسد الخطط

فيتو

 أطالب بتعديل نظام القبول بالجامعات
سوق العمل يتطلب مهارات لا تتوفر في خريجي الجامعات


قال الدكتور محب الرافعي، وزير التربية والتعليم الأسبق، إن وضع خريجي الجامعات في الوقت الحالي لا يصلح لتلبية احتياجات سوق العمل، مشيرًا إلى أنه يجب قبول أعداد أقل بالجامعات لتوفير فرص العمل، والاتجاه نحو مسارات التعليم الفني، مشددًا على أن تطوير التعليم هو رؤية دولة قبل أن يكون رؤية عدد من الخبراء.
وأضاف الرافعي في حوار مع فيتو، أن التخصصات الحديثة كالنانو تكنولوجي والهندسة النووية هى المستقبل، والتي يجب أن تفتح مجالات التطوير أمامها، مشيرًا إلى أنه من المهم جدًا أن يكون هناك نظام قبول للجامعات.. وإلى نص الحوار:



> كيف ترى مستوى خريجي الجامعات؟
في الحقيقة سوق العمل تحتاج إلى مهارات لا تتوفر عند خريجي الجامعات في الوقت الحالي، ويتطلب هذا أن نعرف ما المهارات التي يحتاجها سوق العمل في مصر أو في الدول العربية أو حتى سوق العمل في الصين، ليكون لدى الخريج القدرة على التنافسية.
وينبغي على كل الجامعات المصرية أن تتجه لإجراء توأمة مع الجامعات الأجنبية، أو الدرجة المزدوجة، بحيث نطبق نفس “الكورسات” التي يدرسونها في الجامعات الأجنبية بنفس الدرجة العلمية، ليحصل الخريج في النهاية على شهادتين من جامعتين مصرية وأجنبية.

> البعض يرى أن هناك العديد من التخصصات التي يتم تدريسها بلا جدوى.. فما رأيك؟
المشكلة الكبيرة التي تواجهنا في مصر والدول العربية هى: “هل التعليم يكون من أجل التعليم أم من أجل التوظيف؟ وهل هدف الجامعات هو التعليم والتثقيف، أم التوظيف؟”، ففي الجامعات الأجنبية يكون هدف الجامعة هو إكساب الطالب المهارات التثقيفية والمعرفية فقط، وليس التوظيف والتي يمكن أن ينميها بمهارات أخرى بعد التخرج ليحصل على وظيفة ما، ولكن إذا كان الهدف من التعليم الجامعي هو التوظيف، فيتم إلغاء كليات التجارة، والآداب، والتربية، لعدم الحاجة لخريجيها، أو أن يتم قبول أعداد قليلة جدًا، ليتوفر للخريجين وظيفة، كما أن قبول أعداد قليلة بالجامعات يتطلب أن يكون هناك مسار آخر للمهارات الفنية والتعليم الفني، وهو الشيء الذي نحتاج إليه أكثر من غيره.
وفي النهاية تطوير التعليم هو رؤية دولة، قبل أن يكون رؤية عدد من الخبراء، يرجع ذلك إلى رؤية الدولة بأكملها، وما الذي تحتاجه من التعليم، فهل هى تريد دولة صناعية، فتقوم ببناء المصانع، وتحتاج إلى العمال والفنيين المهرة، أم تريد دولة تكنولوجية حديثة، فتهتم بالمجالات التكنولوجية، وكليات الصناعات التكنولوجية، وبالتالي تصبح الجامعة هنا تلبية لاحتياجات سوق العمل.

> ما أبرز التخصصات التي يمكن استحداثها في الجامعات لتتواكب مع سوق العمل؟
يجب الاهتمام بالتخصصات الحديثة المستقبلية، كالنانو تكنولوجي، الذي يدخل في العديد من التخصصات، وأنشئت له المعامل، والمراكز البحثية المتخصصة، والهندسة النووية التي نحتاجها في محطة الضبعة.

> ماذا عن الترابط بين ما يدرسه الطالب في مرحلة التعليم قبل الجامعي وما يدرسه خلال التعليم الجامعي؟
الهدف من التعليم العام والأساسي هو إكساب التلميذ مهارات أساسية، وهى اللغة العربية، والإنجليزية، والحساب، وبعض الثقافات العامة كمواد التاريخ والجغرافيا وغيرها، وبالنسبة إلى الثانوية العامة، فالهدف منها هو إعطاء الطالب المهارات التي تمكنه من الالتحاق بالجامعة، وبالتالي لتطوير الثانوية العامة ينبغي معرفة المهارات التي تحتاجها الجامعة، كالتفكير والبحث، والتفكير الناقد، وحل المشكلات، والقياس والملاحظة، بالإضافة إلى مهارات التحليل، لكن للأسف الشديد الثانوية العامة في وقتها الحالي أصبحت حفظ معلومات لكتابتها في الامتحان، فنظم الامتحانات والتقويم لدينا هى نظم تحث على الحفظ، وليس على التفكير.

> هل ترى أن التركيز على الثانوية العامة سبب من أسباب تراجع مستوى التعليم؟
مصطلح “بعبع الثانوية العامة” يأتي من كون أن درجة واحدة تطيح بالطالب من كلية إلى كلية أخرى، لذا فمن المهم جدًا أن يكون هناك نظام قبول للجامعات، كما هو موجود في العالم كله، وفي بعض الجامعات في مصر كالجامعة الألمانية وجامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا، فإذا أراد الطالب أن يلتحق بكلية الهندسة، ينبغي النظر أولًا إلى المهارات التي تحتاجها كلية الهندسة، سواء المهارات المعرفية، أو العقلية، والجوانب الوجدانية، فتصبح درجة الثانوية العامة ليست هى المؤهلة للجامعة، بل يجب أن يصاحبها درجة امتحان القدرات الخاص بالكلية التي يرغب الطالب في الالتحاق بها.

> هناك انتقادات كثيرة للتعليم الفني وأنه لا يتواكب مع سوق العمل.. فكيف ترى ذلك؟
مدخلات التعليم الفني هى مخرجات الصف الثالث الإعدادي، ويأخذ التعليم الفني أضعف المخرجات، فمعظم الملتحقين به لا يعرفون القراءة أو الكتابة، بمعنى أن أضعف الطلاب هم الذين يلتحقون بالتعليم الفني، لذا يجب تطوير التعليم الفني، ليصبح جاذبًا وليس طاردًا، وأن يوضع أمام الطالب هدف الالتحاق بالجامعة التكنولوجية، وأن يعرف أنه لن يقف عند الدبلوم فقط.

> كنت وزيرًا للتربية والتعليم في فترة دقيقة.. فما أبرز المعوقات أمام تطوير التعليم؟
عملية تطوير التعليم لا تتم بين يوم وليلة، ولكنها تتطلب ما بين 8 و12 سنة، حتى تبدأ المرحلة الابتدائية، ويجب أن يتقبل المجتمع عملية التطوير التي تشمل المناهج والمعلم وحل الكثافة، وأن يكون هناك مساندة مجتمعية وإعلامية لذلك التطوير، الذي يقوم على نظم امتحانات تعتمد على التفكير والبحث، وتفعيل منظومة قيم لتنمية قيم ومبادئ أبنائنا منذ الصغر، فيصبح التطوير يتركز على أول ثلاثة صفوف فقط، الأول والثاني والثالث الابتدائي، ويتم توجيه الميزانية الأكبر، والمعلمين الأفضل لهم.

> لماذا لا يتم الالتزام بإستراتيجية واحدة للارتقاء بالتعليم؟
الإستراتيجيات الواحدة موجودة، ولكن المشكلة في الفترة الزمنية حيث لا توجد فترة كافية، ويبدأ الهجوم على الفور، فهناك مقاومة للتغيير، وأي شخص يفكر في التغيير يجد أولياء الأمور لا يعجبهم الحال، فعندما أردت أن أربط الطالب بالمدرسة في الثانوية العامة، ووضعت 10 درجات للحضور والسلوك، قام أولياء الأمور والطلاب بعمل تظاهرات، فكل تغيير يقابله معارضة من أولياء الأمور والطلاب والمعلمين والإعلام والمجتمع، والكل متعجل بأن يتم الإصلاح بسرعة، لكن التعليم يحتاج وقتًا لإصلاحه.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية