رئيس التحرير
عصام كامل

بين قلاش وسلامة وأول مهمة للنقيب الجديد!


هذه المشاهد لن يراها أحد إلا في نقابة الصحفين.. ليس في الأمر مبالغة وليس انحيازا.. إنما هي الحقيقة تتكرر كل مرة ويتناقلها جيل بعد جيل.. فالنقيب السابق الخاسر للانتخابات يكون دائما أول من يمسك بميكروفون رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات ليقدم التهنئة للنقيب الجديد.. بينما يمسك النقيب الجديد الفائز بالانتخابات بالميكروفون نفسه ليشكر النقيب السابق.. السابق يؤكد دائما استعداده لتقديم ما يطلب منه للنقيب الجديد وللنقابة والنقيب الجديد يؤكد الاستفادة من كل جهد سبق وقدمه النقيب السابق!


هذا المشهد ومنذ تشرفنا بعضوية النقابة يتكرر كل انتخابات مهما كانت درجة الاختلاف أو الخلاف أو التباين بين المرشحين، ومهما كانت سخونة المعركة وما بها من ضرب تحت الحزام..

ما لا يعرفه الكثيرون عن نقابة الصحفيين هو القوانين العرفية الداخلية التي تحكمها، والتي رأيناها من نقيب إلى آخر، ومن مجلس إلى مجلس آخر، من إبراهيم نافع إلى مكرم محمد أحمد، ومن جلال عارف إلى ضياء رشوان، ومن ممدوح الولي إلى يحيي قلاش، وقد ورثوه وتوارثوه جميعا من أول نقيب عام 42 محمود أبو الفتح إلى فكري اباظة، إلى نقيب النقباء كامل زهيري مع حفظ الألقاب لهم جميعا، بل نجد أن النقيب إبراهيم نافع وهو رئيس أكبر مؤسسة صحفية وكما فعل كامل زهيري مع السادات نجده وقد واجه وزارة الداخلية أكثر من مرة، وهو أيضا من تصدي للقانون 95 حتى تم إسقاطه بالفعل!

حتى الشطط الذي أصاب البعض، وانحرف بدور النقابة بما لا إجماع عليه ولا تفويض فيه للقيام به، كان محل استنكار من أغلبية الأعضاء، بغض النظر عن أي نتيجة انتخابية تتسببب فيها- وخصوصا في انتخابات المجلس وليس النقيب- التربيطات الانتخابية والقدرة على الحشد، ومبدأ تبادل الأصوات بين الكتل والتيارات والمؤسسات، وبالتالي فالعبرة بالرأي العام لأعضاء الجمعية العمومية، وكان في أغلبيته الكاسحة رافضا بالضرورة- مثله مثل عموم المصريين- أي هتافات ضد الجيش العظيم تمت من غير الصحفيين، وكذلك الزج بالنقابة في أمور هي من صميم العمل السياسي المباشر، وليست من صميم العمل الوطني، والفرق بين الوطني والسياسي كبير كبير!

على كل حال انتهت الانتخابات والكل يحترمها وينصاع لنتائجها، وهي نموذج في الديمقراطية والنزاهة والاحترام، وهي مهمة يتسلمها فريق بعد فريق، وجيل من جيل يتبدلون ولا يتبدل النظام الحاكم للجماعة الصحفية، وتتبقي النقطة المهمة المضيئة في هذه الانتخابات وهي تجربة الزميلة العزيزة جيهان الشعراوي إذ اختارت وبجرأة أن تترشح على مقعد النقيب، رغم أنها ابنة الأهرام، ومنه مرشح كبير فاز بالفعل أمس بالانتخابات، ولم تعبأ باللوم من أحد، وتحملت اهتمام الإعلام بمرشحين فقط، ولم تيأس حتى اللحظة الأخيرة من خوض معركة شريفة وعادلة، ليس فقط لبنات جنسها، وانما لكسر دائرة المنافسة بين أسماء محددة بعينها، وهو ما فعله اخرون لهم التحية كالزميل إسلام كمال وغيرهم..

شكرا للأستاذ يحيي قلاش ومبروك للأستاذ عبد المحسن سلامة الذي نأمل منه على الفور وفي نقطة انطلاق كبيرة أن تكون أولى قراراته تشكيل لجنة موسعة لبحث أمر القانون الجديد للنقابة، بعد أن تجاوز الزمن القانون القديم وكله كله غير دستوري، ولا علاقة له بالحاضر ولا بالمستقبل ولا حتى بالمنطق، وربما كان لنا عن ملامح القانون المنتظر مقال آخر!

نقطة أخيرة: شكرا للشعب المصري العظيم الذي تابع عن قرب وباهتمام غير مسبوق انتخابات الأمس، وهو ما يعكس اهتماما بالنقابة ودورها، وأن ما جري منذ أشهر من عتاب بلغ حد الغضب العارم ليس إلا عتاب المحبين، ولا يعكس أيضا إلا الدور المنتظر لديهم من نقابة عريقة هي نقابة الشعب في الأصل.. فعنه تعبر وعنه تدافع.. أو هكذا ينبغي!
الجريدة الرسمية