رئيس التحرير
عصام كامل

الدين القيّم


وصف الحق سبحانه وتعالى دين الإسلام بالدين القيم، وذلك لما حواه من مكارم وفضائل وقيم إنسانية رفيعة ومبادئ سامية تسمو بالإنسان وترتقي به إذا ما أخذ بمنهجه السمح والذي تعلوه الرحمة والاعتدال والوسطية.. هذا وإذا تأملنا هذا الوصف الإلهي لدين الإسلام ندرك مدى عظمة وسمو ورقى منهجه وندرك أنه دين حياة ليست للنفوس فقط وإنما للقلوب والأرواح، وليس للبشر فقط بل هو دين حياة لكل الكائنات التي تعيش فوق الأرض، ومن الدلالات التي تؤكد على أنه دين قيم، أنه لا عدوان فيه ولا اعتداء ولا إكراه في التدين به حيث يقول تعالى: "لا إكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي".. وفي آية أخرى: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"..


ومن الدلالات أيضا أنه دين قيم أنه احترم العقل ودعاه للتأمل والتفكر والتدبر والنظر في الآيات الكونية حتى يكون صاحبه على قناعة كاملة تامة في الإيمان بوجود الله تعالى ووحدانيته.. ومن الدلالات أيضا على أنه دين قيم، أنه لم يهمل أي شأن من شئون الحياة ولا أي جانب من جوانبها ومن خلاله نظم الحق سبحانه حركة الإنسان في الأرض وأمره بعمارتها والإصلاح فيها وإقامة العدل الإلهي ونشر الرحمة الإلهية وجعل ذلك مناط خلافة الإنسان في الأرض، ونهاه عن الإفساد فيها والجور والظلم والبغي بكل صوره وأشكاله، هذا والإسلام قنن للبشر حقوقهم وساوى في الحقوق بين الرجل والمرأة..


ففي الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: "النساء شقائق الرجال لهن ما لهم وعليهن ما عليهم".. وجعل حقوقا للوالدين وأمر ببرهما والإحسان إليهما، وأوصى بصلة الأرحام وذي القربى، وجعل حقوقا للجوار للمسلمين وغير المسلمين، والإسلام جعل للدماء حرمة شديدة وصلت إلى أنه من قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا، وفي الإسلام وسعة في المشاركة في الحياة والجوار لغير المسلمين وهو ما يسمى في عصرنا هذا بالمواطنة..


هذا والإسلام يدعو إلى العدل والإحسان ويأمر بكل فضيلة وينهى عن كل رذيلة ويدعو إلى حسن المعاملات مع كل مظاهر الحياة، مع البشر بصفة عامة مسلمين وغير مسلمين حتى مع الكافر الذي ينكر وجود الله تعالى ولا يؤمن به سبحانه ما دام لا يكيد للمسلمين ولا يعتدي عليهم..


 والإسلام في حقيقته وجوهره وفحواه هو سلام وتسليم، سلام مع جميع خلق الله تعالى، ولا يتحقق ذلك للإنسان إلا إذا حدث له سلام مع نفسه ينعكس على الآخرين من خلال المعاملات ولا يتأتى ذلك إلا بالاستقامة على منهج الإسلام والتخلق بأخلاقه الكريمة والتعامل به بالفهم الصحيح والتسليم لله تعالى فيما أمر ونهى وفيما قدر وقضى..


 هذا، ومن كمال الإسلام أن رسالته هي رسالة متجددة في ذاتها صالحة لكل زمان ومكان، وهي أبعد ما تكون عن الجمود والرتابة والوقوف عند زمن بعينه وهي متوائمة مع كل العصور والأزمنة ولكن ينقصنا الفهم الصحيح لها واستنباط ما يتواءم مع مستجدات العصر ومتطلباته..


 هذا، ولقد اصطفى الله تعالى لأداء رسالة هذا الدين القيم صفوة خلقه وأحبهم إليه تعالى وأكرمهم وقد أهله سبحانه لحمل أمانة تبليغ الرسالة فأدبه سبحانه بالآداب الربانية وخلقه بالأخلاق القرآنية ووصفه بالخلق العظيم وجعله رحمة للعالم صلى الله عليه وسلم، ولقد ترجم حضرته أخلاق الرسالة التي جاء بها قولا وعملا وسلوكا وكان بحق نبي الرحمة ورسول الإنسانية وسيد ولد آدم عليه السلام.. 


وفي حديث جامع عن دين الإسلام الحنيف ورسالته السمحاء قال عليه الصلاة والسلام: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".. عزيزي القارئ كانت هذه إطلالة سريعة على منهج الإسلام العظيم والذي هو بحق.. دين قيم.
الجريدة الرسمية