رئيس التحرير
عصام كامل

الأقصر السينمائي.. أيها السادة!


ها هو مهرجان الأقصر السينمائي؛ يعود متألقا في دورة جديدة تبدأ خلال أيام قليلة، مكللا بكل أسباب نجاح الدورات السابقة، ومدعما بحماس القائمين عليه، ليكون أكبر وأكثر وأهم مهرجان يقام على أرض مصر خلال السنوات الأخيرة من بعد 25 يناير تحديدا.


والأمر لا يحمل أي صيغة مبالغة فهذا المهرجان الذي يستعد لدورته السادسة هو بالفعل أحد أهم مشروعات مؤسسة شباب الفنانين المستقلين ورئيسها السيناريست سيد فؤاد نتيجة الغياب التام للفيلم الإفريقى في مصر، بالإضافة إلى افتقار محافظة الأقصر إلى أي ‏أنشطة ثقافية وفنية على مدار العام..


 ‏كما أنه ولأول مرة في مصر تقوم مؤسسة غير حكومية بتنظيم حدث ثقافى بذلك الحجم الكبير الذي يتطلب تنظيما فائقا، ومع ذلك ينجح فيه سيد فؤاد بمساعدة كتيبة مقاتلة على رأسها المخرجة عزة الحسيني مدير المهرجان والدينامو الذي لا يهدأ أو يترك أي تفصيلة صغيرة أو كبيرة دون تبنيها والعمل على حلها، ناهيك عن نقاد وشباب من عينة الزميل شريف عوض أو القدير فاروق عبد الخالق وآخرين لا يتسع المقام لذكر أسمائهم لكنهم جميعا تروس محكمة في ماكينة صارت عملاقة اسمها مهرجان الأقصر السينمائي الدولي.


خلال سنوات المهرجان القليلة هناك عشرات الاتفاقيات والفاعليات الموازية والمنشطة لهذا المهرجان على مستوى أفريقيا كلها من شمالها لجنوبها ومن غربها لشرقها، ومن كوت ديفوار والسنغال وإثيوبيا، لقرطاج والجزائر وحتى السودان، حيث تجد مشاركات في لجان تحكيم وتوءمة بين المهرجان وبعض هذه المهرجانات، حتى كان وروما الأوربيتين أقام معهما المهرجان شراكة واتفاقيات، ناهيك عن ورش الإبداع والتكريمات والأفلام المهمة والندوات المدهشة في ظل روح جماعية أيضا نادرا ما تجدها في مهرجانات عريقة كمهرجان القاهرة السينمائي الذي يظل بعد رحيل سعد الدين وهبة، ثم تجربتي حسين فهمي وشريف الشوباشي الناجحتين نهبا للشلل وعصابات المهرجانات المنظمة التي لا تهدف إلا لتحقيق مصالحها الشخصية، والأمر أشد سوءا في الإسكندرية السينمائي الذي يعاني من السطو والنهب في ظل صمت مريب من وزارة الثقافة المصرية التي تدعمه رغم ذلك.


وعلي الجانب الآخر، وفي مهرجان وليد آخر شاء الحظ أن يكون بالأقصر أيضا قبل أن ينتقل لشرم الشيخ ستجد الفشل ملازما له منذ أولى دوراته وهو مهرجان السينما الأوروبية، وهو للحقيقة اختيار ليس بكفاءة وذكاء الاختيار الأفريقي الذي تحتاجه مصر كثيرا في ظل تغيرات سياسية وتعقيدات عديدة.. 


ولو كنت من الدولة المصرية لمنحت مهرجان الأقصر الأفريقي دعما غير محدود ربما ينجح فيما فشلت فيه السياسة في تجميع هذه القارة لصالح مصر، ومن يدري فقد يكون حل مشكلة المياه مع إثيوبيا في أحد أضلاع المثلث المصري وهو هذا المهرجان الذي يقدم كل عام ورشة ناجحة للمخرج الإثيوبي الكبير هايلي جريما، ففي كل الدنيا تدعم مهرجانات السينما السياسة والعكس إلا مصر، لذلك أشعر بالاندهاش وخيبة المل وأنا أتابع سيد فؤاد كل عام وهو يشكو من فقر دعم الدولة له سواء من السياحة أو الثقافة في الوقت الذي يمكن أن يكون هذا المهرجان هو البوابة الناعمة لترويج السياحة والثقافة والسياسة أيضا.

إنني أطالب المسئولين في دولتنا المصونة أن ينتبهوا جيدا لأهمية هذا المهرجان وأن يبذلوا كل الدعم له حتى يظهر بالصورة التي تليق بمصر في دورته القادمة بعد أيام، وألا يبخلوا في وضعه على الخارطة السياحية لمصر بهدف الجذب والتنشيط ووضع مصر في المكان الذي تستحقه مرة أخرى بعد أن خسرنا الكثير برعونة القرارات والتصريحات السياسية التي أثرت على السياحة كثيرا من تضخيم وترويج لفكرة الإرهاب، بدلا من ترويج فكرة الاستقرار والأمان خصوصا وأن السينما هي خير من يلعب هذا الدور الذي نتمني أن نستثمره كما ينبغي.. اللهم إني قد بلغت.. اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية