الاستقطاب الأعور في انتخابات الصحفيين
نعم، تستطيع زميلى الصحفى أن تشير إلى الأعور وتقول له في عينه "أنت أعور"، حسب المثل الشعبي المؤصل لجرأة أصحاب الحق المسلوب.
تستطيع أن تشير إلى كل صاحب شعار سياسي أو حزبي أو تنظيمي خارج الإطار النقابي بأعرافه وتقاليده التي تحكمها مواد قانون النقابة ويبرزها مبرر وجودها ككيان جامع لأهل المهنة بغرض حماية حقوقهم وحرياتهم الصحفية، وتقول له "أنت كاذب"، وتزيد عليها أن تجربته تؤكد تنحيته شعاراته جانبًا بعدما يتمكن من كرسيه ضمن مقاعد مجلس بناية عبد الخالق ثروت.
أذكر له أن شعارات جرى استنساخها قبل وبعد يناير من القاموس السياسي، لتشوه التنافس النقابي الهادف لخدمة زملاء عبر عمل عام طوعي دون شروط أو حسابات، بإرادة سوء قلبت الحق باطلًا وجعلت المرادفات في غير مواقعها من العبارات، لم تخدم سوى حسابات ومصالح مردديها، ولم تقطع الطريق أمام جائر على حق زميل في عمل لائق لقاء أجر عادل وضمان اجتماعي وأمان وظيفي، ولم تشفع له رغم تردي أوضاعه عند مواطن بسيط يكرر اتهامات بالفساد والإفساد ليلًا نهارًا للمهنة وممارسيها على المشاع دون تمييز.
قل لرموز الاستقطاب إن أحزابكم وتياراتكم وأفكاركم البعيدة عن توظيفها في غير محلها ومجالها، وعلاقات أربابكم ومنافسيكم الموالين لأجهزة ومؤسسات حكومات متعاقبة، لم تجعل منا سوى ألعوبة بأيدى الراغبين في النيل من قيمة وكرامة المهنة وممارسيها، وأذكر لهم أن صراعهم ما هو إلا واحدة من حلقات فشلهم المستمر في إنجاز إصلاح سياسي حقيقي عام يصيب حياة ومجتمع، أرادوا تكرارها وإذاعتها داخل الملاذ الأخير للمصريين الباحثين عن العيش والكرامة، بإرادتهم وأموالهم، نقاباتهم المهنية.
عبر عن تطلعاتك لمجلس نقابة تتمنى دوره في حدود ما انتميت إلى الكيان المهني لأجله، وضِع المعايير التي تختار على أساسها من يمثلونك لتحقيق أهدافك وإنجاز حقوقك والدفاع عن مصالحك المشتركة مع كافة زملائك، ولا تخدع نفسك وغيرك ثانية باستدعاء أشخاص تجرى لهم محاولة تفصيل معايير وشروط لا تليق بهم وشخصياتهم، وتسدد ضريبة اختياراتك الفاشلة مجددًا على حساب نفسك وعائلتك وعملك.
تفهم حقيقة أن شعار "استقلال النقابة" هو هدف حقيقي لا يتحقق بسيطرة تيار عليه أو باستدعاء منافسين له يقولون بأنه عداء للدولة، وتأكد أن الفريقين سيلقيا بحقوقك ومصالحك في أقرب سلة مهملات تحت أقدام قيادة تنظيمية، أو حكومية، أو أصحاب مؤسسات، بحثًا عن ميزة هنا أو عطية هناك، متى انتهت مهمتك بالتصويت في عرس كثيرًا ما ينهونه بشعار لا يعبر عنه آلام المرحلة التالية عليه، "عاش كفاح ووحدة الصحفيين".
تذكر أن من خدعوك بالاستقلال قهروك وسلبوا حقوقك وزملائك داخل مؤسساتهم أفكارهم وتياراتهم، أفقروك حتى صرت بلا مأوى، ولا تنس أن من أوهموك بالعيشة الهنية في أحضان حكومات وأجهزة ومؤسسات، وعدوك بما لا يملكون ولم يحصدوا من الطائر الأسود إلا على فتات عظام الكتاكيت، ولأنفسهم.
تأمل المشهد دون تأثر بأكذوبة أن المجتمع كله ينتظر نتائج انتخابات نقابتك، وأن الحكومة ستموت بغيظها وربما تغضب عليك إذا ما أتيت بمجلس ونقيب يخالف توقعاتها، فهى بلا توقعات حقيقة ولا تنتظر تحديدك هوية نقيب ومجلس حتى تقرر موقفها منك وإياهم، إن كان لها موقف.
إصلاح شأن نقابتك ومهنتك مرهون باستيعاب حقيقة دورك وتغيير طريقة تفكيرك في مستقبلك، والبدائل لن تكون أسوأ مما تعيشه، كرامة مهدرة لدى أصحاب عمل، مجالس تتواطأ على حقوقك، سقوط أكبر لقيمتك وهيبة مهنتك أمام الغير، وتشريعات تحرمك ولا تحميك.