رئيس التحرير
عصام كامل

التكريم الإلهي للإنسان


لقد خص الله تعالى الإنسان بما لم يخص به كائنًا في الكون من الشرف والفضل والتكريم بما في ذلك الملائكة الكرام، وفي هذا المقال سوف نشير إلى بعض مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان والتي منها الإخبار السابق لخلق الإنسان، والذي جاء في قوله تعالى: "إني جاعل في الأرض خليفة".. ولا شك أن لهذا الإخبار دلالات كثيرة، تبين مدى محبة الله للإنسان وعظيم قدره وسمو مكانته عنده سبحانه وتعالى، وفيه أيضًا إشارة واضحة إلى أن الإنسان مخلوق متفرد عن سائر المخلوقات، وإشارة أيضًا إلى أنه «محور الكون والوجود والحياة»، ثم يأتي التشريف الأسمى والأجل بأن عملت فيه يد القدرة..


فقد سواه الله تعالى بيده سبحانه ولم يبدأ خلقه بكلمة كن كشأن سائر المخلوقات، ثم يقيم الله تعالى الإنسان في تشريف آخر، ويا له من تشريف وهو سجود الملائكة للإنسان، ومعلوم أنه سجود تكريم وتعظيم لا سجود عبادة ثم يخص الله تعالى الإنسان بعلم الأسماء كلها، ويمنحه سبحانه البيان، وتقف الملائكة عاجزة أمام علم الإنسان، وعن ذلك كله يحدثنا سبحانه وتعالى في قرآنه فيقول:

"وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون، وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون".

هذا ولنا هنا عند هذا الحوار وقفات سريعة منها من أين جاء العلم للملائكة بأن الإنسان سيكون مفسدًا في الأرض سافكًا للدماء، ولم يكن هناك بشر في الأرض قبل آدم عليه السلام فهو أبو البشر وأول الجنس البشري، هل أخذت الملائكة بالقياس على حال الجن الذين عمروا الأرض وسكنوها قبل الإنسان، وكان حالهم فيها الإفساد والاقتتال فيما بينهم، أم هل كان للملائكة نظر في اللوح المحفوظ الذي سطرت فيه يد القدرة بالعلم الإلهي مقادير الخلق والعباد..

وهل كان قولهم "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" غيرة منهم على أن يعصى الله، وهل كانوا ناظرين لأنفسهم بعين الكمال وللبشر بعين النقص، هذا وما هي الأسماء التي علمها الله لآدم عليه السلام هل هي كل ما يقع تحت مسمى، أم أسماء بعينها، هذا وفي قول الله تعالى للملائكة: "ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون"، في هذا الخطاب إشارة إلى أن للملائكة خواطر في سرائرهم وهناك أشياء يكتمونها في أنفسهم هنا سؤال يطرح نفسه وهو فيما تدور خواطر الملائكة، هذا ما سوف نتحدث عنه في مقال قادم إن شاء الله، ومازال السؤال مطروحًا من هو الإنسان؟
الجريدة الرسمية