رئيس التحرير
عصام كامل

محمد المصري يكتب: الطلاق مشكلة مجتمع

محمد المصري
محمد المصري

مما لا شك فيه أن ظاهرة الطلاق من الظواهر الاجتماعية التي استفحل أمرها، وانشر خبرها، وتطاول بنيانها، وأحرقت كثيرا من البيوت المصرية بنارها، وأذقتهم من ويلاتها وشررها، فكم من بيوت شرد أهلها، وتلطمتْ بحار أمواجها، وبكى صغارها وكبارها.


فضلا عن قضاياه التي تملأ المحاكم بضجيجها، وأرحام وصلها الزواج فأمعن في تقطيعها؛ لهذا وغيره كان الطلاق داء العصر خاصة في مصر، حيث ترتفع معدلاته جدا في هذا المصر، فما السبب يا ترى في انتشارها؟ ولماذا تطاولت وتعاظم خبرها؟

والذي أراه أن ذلك لأسباب عدة، مترابطة كترابط سلسلة الحلقة، فمن ذلك: 

الأمية الثقافية التي تسود المجتمع، وضعف الجانب الفكري، وتدهور الجانب الأخلاقي، مع أن الله رفع من شأن العلم والعلماء فقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، ومدح نبيه – صلى الله عليه وسلم- فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، فما بال الناس لا يقتدون بأخلاق النبي، ولا يأخذون العبرة من صديق أو وليّ.

ومن أسبابها بروز الانتماءات الحزبية، وظهور العصبية الحزبية، والتي تستحيل معها العشرة الزوجية، ومنها تسلط أحد الزوجين في انفراده بالقرارات، ولا يرجع إلى الآخر في الأمور والتوجيهات.

ومنها التدخل العنيف من الأهل في شئون البيت، أو تخليهم عنهما عند حدوث الشقاق والبين، ومنها الإدمان والمخدرات، والعطلة عن القيام بالوظائف والأعمال.

ومنها كذلك العلاقات المحرمة، وضعف أحد الطرفين وقصوره في إشباع رغبات صاحبه، والغيرة غير المبررة والتي توشك أن تقتل البيت وتدمره، وأهم من ذلك قلة الدين، وضعف الوعي الثقافي بين المتزوجين، كما تساهم الأوضاع الاقتصادية، ووسائل الاتصالات السمعية والمرئية، والصحبة غير السوية أو المرضية.

وعلاج مشكلة الطلاق يكمن بشكل عام في مشروع ثقافي توعوي، يقوم به العقلاء والمفكرون، وأهل الإصلاح والدين، بعد وضع دراسة جدوى قوية، ورعاية من الدولة الفتيّة، ويساهم الإعلام فيه بمؤسساته، ويتحد مع الأزهر والأوقاف وغيرهما ممن يهتم بذلك، ثم تنتشر القوافل في أنحاء مصر وتسير، تثقف المجتمع بآداب الزواج وأمور البيت

كما تحث الآباء على تيسير الزواج، وكيفية معالجة المشكلات والأخطار، ولابد من قيام الدولة بدورها في توفير فرص العمل، وتحسين الدخل للموظفين وخفض قيمة السلع، ولا بأس من تكثيف المحاضرات والخطب، وتقديم النصائح للمتزوجين وتعظيم شأن الأسر، وتقديم أفلام مناسبة تعالج المشكلات الاجتماعية وتكون على الدوام.

وخلق بيئة مجتمعية حاضنة لمكارم الأخلاق، وخلاصة العلاج يتمثل في أمرين: ثقافة ووعي، وتحسين الدخل والوضع، حفظ الله مصر وأهلها وباركهم، وأسبغ عليهم من نعمه وأكرمهم.
الجريدة الرسمية