رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

شبه طعام.. لشبه مواطن


تتخذ الأمور منحى أكثر خطورة مما نتخيل نحن كمصريين عاديين أو حتى كحكومة متخبطة عاجزة لا تدرى ماذا تفعل، فإذا وضعت مجموعة من الأخبار بجوار بعضها وقرأت ماذا تعني، ستدرك حتمًا في حينها أننا نعيش كارثة ومقبلون على كوارث أخرى شديدة الوقع على الوطن نحتاج فيها لأمر رشد يجمعنا جميعًا.


فلقد أذاعت إحدى الفضائيات تقريرًا مصورًا من قلب القاهرة عن أسواق بقايا الطعام، أو ما يسمونه (كسر الطعام) وهى بقايا أو قل مخلفات المصانع والمطاعم والفنادق والتي صارت غذاءً شعبيًا لكثير من المصريين الذين يدركون أنهم يأكلون طعامًا فاسدًا ملوثًا أو منتهى الصلاحية أو في أيسر الأحوال مقزز، ومع ذلك يأكلونه ويتهافتون على شرائه لأنهم ببساطة مفقورون وعاجزون عن الإتيان بغيره.. إذن هم يتشبثون بحياة لا طائل منها سوى المهانة لدرجة أن كثيرًا ممن تم التصوير معهم وهم بالطبع شرفاء، لم يتواروا أو يخجلوا من فقرهم لأنه صار أمرًا واقعًا لهم ولغيرهم.. ماذا يفعل هؤلاء الغلابة!

بالقطع، كان يجب أن تسأل الحكومة في ذلك وأن (يبهدلها) البرلمان الذي انشغل نوابه بحمل الكروت الحمراء لزملائهم ومجاملة رئيس مجلسهم الذي خشى على نفسه من الاغتيال بسبب كشف قيمة سيارته المصفحة التي تستطيع توفير الطعام لآلاف من فقراء المصريين.. لكن هذا لم يحدث بل إن البرلمان كشر عن أنيابه وعزل النائب الذي كشف ستر سيارات رئيس المجلس الموقر!

الخبر الثانى الأكثر قلقًا، والمحزن والمخزي لنا كمصريين بعيدا عن الطائفية المقيتة هو ما حدث للمواطنين المصريين المسيحيين في سيناء من تهجير وقتل على الهوية من جانب عصابات الضلال والإجرام التي لا تعرف دينًا أو وطنًا، هؤلاء المجرمون نتوقع منهم أسوا ما يفعله مخلوق، لكن أن تتعامل الحكومة بتلك الخفة والاستكانة والاستسلام للأمر الواقع تقول إنها ستيسر النقل للموظفين منهم والطلاب وما شابه فهذا مكمن الخطر نفسه..

هناك مقاومة لتلك العصابات المجرمة ويجب أن نتغلب عليها ولكن.. يحدث ذلك فقط بالتلاحم الشعبى الذي لا تجلبه أغان تافهة وأناشيد هزلية.. يحدث التلاحم بالعدل والمساواة التامة والمواطنة الحقة بين الجميع حتى ننسى جميعا الكلمة المقيتة والهزلية ( الإخوة الأقباط)، فكلنا مصريون وليس بيننا إخوة أقباط وآخرون مسيحيون إن كنا نريد إيجابية وتضامنًا حقيقيًا بعيدًا عن زيف وبريق الفضائيات، لكن يبدو أن الأمر ليس كذلك لأن الحكومة التي لم تفزع لوجود أشباه مواطنين يأكلون أشباه طعام في شبه دولة لا تدرك معنى المواطنة خاصة إن كان غائبًا عنها الحس بما يدور حولها وتسعى لزيادة رواتب وزرائها ومعاونيهم حتى يجابهوا فقرا هم صانعوه.. منتهى الهزل والله !

الخبر الأخير والذي يكمل منظومة الخطر على الوطن هو ما صرح به وزير التعليم الجديد عن ضرورة إيجاد مصادر جديدة لتمويل التعليم الحكومى، ثم لم يكشف لنا عن كيفية إيجاد هذا المصادر من موازنة الدولة أم من جيوب المواطنين، فلا يوجد تعليم بالشحاتة من رجال الأعمال كما يتخيل البعض، ولا يملك الفقراء دخلا كافيا للطعام حتى يدفعوه للتعليم في المدارس الحكومية، معنى هذا أن الخصخصة وبيع الخدمات التعليمية هي خطة الوزير الجديد وتوجه الدولة وهنا تكتمل دائرة الخطر الحقيقى للوطن، هذا فضلا عن تلميح البعض من رجال الوزارة بإلغاء مكتب النسيق مما يقضى نهائيًا على آخر ملمح للمساواة في مصر وآخر عتبات الحراك الاجتماعى للأبناء الفقراء، حيث يتم دخول الجامعة بالواسطة والكوسة التي لا تتناقص أبدًا في مصر.. اللهم لطفك بنا. 
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية