رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «أقباط العريش» يتحدون الساعات الأولى لـ«الغربة»

فيتو

شعور لا يُوصف، حينما تستيقظ وتجد كل شيء حولك "غريبا"، الفراش والجدران ورائحة المكان، ماذا حدث!.. ومن هؤلاء؟ ولماذا أنا خصيصًا كُتب عليّ الابتعاد عن بيتي وفراشي وأصدقائي؟.. لحظات فارقة في حياة الإنسان، تتبدل إثرها أمورًا كثيرة، بل وتشكله إنسانًا جديدًا، قادرًا على استقبال كل مصاب بصدر رحب، ونفس تواقة للهو واللعب، عادة ما تكون هذه اللحظات قصيرة.. ليلة أو ساعات أو بضع دقائق.


هذا ما حدث مع هؤلاء الأطفال، الذين وجدوا بين ليلة وضحاها أنفسهم يحملون حقائب مكتظة بملابسهم وكتبهم وأدواتهم المدرسية، وبعض الطعام، الفتور واللا إدراك، هما المسيطران على وجوههم، لا يفهمون ما يحدث، حسبهم فقط أنهم فازوا بالكرة، ولم ينسوها في منزلهم، "المهجور الآن" ويرحلون، عسى هذه الساعات تمضي في غمار اللعب، وشراء "البلالين" والحلوى، وكأن هذا اليوم رُسم في خيال هؤلاء الصغار "يوم العيد"!.

رفعوا شعار: «أرض الله دائمًا تصلح للعيش»، فبرغم أنها أول ليلة تمر عليهم، وهم تحت سماء غير سمائهم، وتحتضنهم أسرّة غير التي اعتادونها، إلا أنهم استيقظوا مفعمين بإشراقة الشمس الجديدة، أينما كان محلها، فالسماء صافية، والجو مناسب جدًا للعب كرة القدم، والتنزه على الشاطئ.

للكبار شأن آخر، ووضع يختلف تماما، فمعروف أن الإنسان كلما تقدم به العمر، تقوى روابط انتمائه لبيته وأرضه وعائلته، كذلك يصبح من الصعب عليه أن يتأقلم مع بيئة جديدة ومختلفة، ربما لم يعش بها يومًا واحدًا قبل ذلك. تضطره الظروف إلى أن يساير وضعه الجديد، ويبدأ في تكوين علاقات مع أشخاص، بعضهم غريب والبعض الآخر مر على الذاكرة مرور الكرام، فالمصاب واحد، والأرض التي تلاقو فيها واحدة، وكذلك التي خرجوا منها على أمل العودة، ما إن تزول الغمامة، ويحل الأمان على أحيائهم ومنازلهم.

ولأن الحياة طبيعتها البقاء، رغم كل شيء، بعد انقضاء يوم بليلته، بعيدًا عن أوطانهم الصغيرة، لا يعلم إلا الله كيف مرت عليهم، أرادوا أن يمارسوا طقوسهم اليومية، وكأنهم لم يرحلوا عن أحيائهم، فتراهم يتنزهون في الحدائق، يتناقشون في أمورهم الحياتية، ربما يخططون معًا كيف سيكون الحال إذا لم يعودوا إلى بيوتهم، وهذه الأم تعطي أولادها نصائح، تساعدهم على التأقلم مع الأيام الجديدة، حتى يستطيعوا النوم ليلًا، وكأنهم في حجراتهم، بعضهم أيضًا يستمتع بقضاء معظم الوقت مع الأقارب، يشتكون حالهم سويًا، فيخف عبء "الغربة" عن الصدور، الدفء عادةً ينبع من روح المشاركة.
الجريدة الرسمية