رئيس التحرير
عصام كامل

خالد بدوى يكتب: البيروقراطية.. سلاح بيولوجي لا يحتاج إلى تطوير!

خالد بدوى
خالد بدوى

البيروقرطية.. ذلك المصطلح الناشئ من أركان العلوم السياسية وآدابها المتعلقة بالمناحى الاجتماعية والذي يُعرفه البعض على أنه سوء استغلال الموظفين "الحكوميين" لسلطاتهم "واجباتهم" تجاه المواطنين العاديين، لأنها تُمكن الموظفين - من يديرون القانون- أن يستخدموا القانون بكل قوة مما يجعله قد يتخطى كافة مستويات الاحتمال والتحمل للمواطن العادى.


الموظفون الكُسالى يطبقون القانون بكل جمود وارتخاء في نفس الوقت -جمود في المعاملة، وهو ما أشارت له التعاريف التي من بينها أن البيروقراطية تعني "روتين" على مستوى الموظفين؛ ذلك الروتين الذي يُصاحبه بطء تقديم الخدمات وتنفيذها للمواطنين.

اما البيروقراطية على مستوى الدولة تُعنى تحكم ثُلة من الموظفين الكبار في إدراة شئون المؤسسات وتدويرها لصالح أهوائهم الشخصية وميولهم تجاه بعض المواطنين دون أخرين، ولكن ماذا عن كون البيروقراطية سلاح بيولوجي لا يحتاج إلى تطوير ؟ وهل هي سلاح فعلًا ؟

لو تمعنّا في أصل كلمة بيروقراطية سندرك أنها مُقسمة إلى قسمين الأول "بيرو" والذي يُعنى "مكتب" والثانى "قراطية" والذي يُعنى "قوة أو سلطة أو حُكم" وتُعرف بBureaucracy وبجمع القسمين سنفهم أن البيروقراطية تعنى "حكم المكتب"!!.

ليس غريبًا أن يكون "حكم المكتب" سلاح بيولوجى لا يحتاج إلى تطوير، سلاح لا يعترف بلون أو بشكل أو كتلة؛ بل سلاح بيولوجى يخترق العقول ويتغلغل في أصول الجينات كالوراثة فينتقل من جيل أكبر إلى جيل أصغر يصحب ذلك الانتقال بعض هرمونات المبررات والتي تجعل حامل هذا المرض الخطير في مكانة الكفيف لا يرى إلا تلك الأوراق أمامه، فتحجب رؤيته عن الواقع وعن حاجة المواطن لسرعة تطبيق الخدمة وعن ضميره ودينه ومعاملاته حيث "فالدين المعاملة"..

ولن أكون مُجحِفًا إن عممت البيروقراطية على كل الموظفين فقد أكون مخطئ بعض الشئ ولكنى على الأقل لن أكون مخطئً إن قلت أنها تنتشر في كل المؤسسات من مدارس وجامعات ومصانع وشركات ومستشفيات وغيرها من المؤسسات التي تتعامل وبلا شك مع المواطنين في تقديم الخدمات.

فليس من المعقول أن تنتقل بين أرجاء العشرين غرفة لتحصل من موظف في كل غرفة على تأشيرة تنتقل بها للمستوى الأعلى وكأنك أيها المواطن في معركة تنتظر فيها أن تُقابل "الوحش" لتهزمه ثم تفوز بالمعركة، تتنقل ما بين الغرف لترى وجوها وأصنافًا من الموظفين تخرج من كل غرفة بفكرة عن ما في هذه الغرفة من "مكاتب"، وإن كنت لا تصدق فرجاء لابد أن تستخرج قيد عائلى أو بطاقة رقم قومى !!

أما عن مؤسس تلك النظرية في المجتمعات الغربية فلا شك أن مقصده كان يختلف إختلاف الأبيض والأسود عن ما تناولناه في مجتمعاتنا، فكان "ماكس فايبر" يريد من هذه النظرية توضيح بعض المُحددات والنُظم للإدارة الرشيدة الموضوعية من خلال إصلاح النظام الإدارى في كل مؤسسة بحيث يتبع كل موظفى المؤسسة سُلمًا إداريًا يعتمد في الأساس على الكفاءة والموضوعية في الاختيار مما يجعل المُدراء والموظفين يؤدون الخدمات بشكل مثالى وسلس دونما تعقيد أو جمود.

لا أعرف كيف تناقلنا هذه النظرية ذات الوجهين في مجتمعاتنا حتى أصبح الموظفين يطبقونها دونما عَلم بمساوئها في الجانب المصرى ودونما إفصاح لمحاسنها الكامنة في أصولها الألمانية.

ويبقى السؤال وسأترك لكم الإجابة: كيف نجعل البيروقراطية ذات وجه واحد "أبيض" في مجتمع يحمل الآلاف من الوجوه "المتلونة"؟
Advertisements
الجريدة الرسمية