رئيس التحرير
عصام كامل

قهوة سادة


انسابت أغنية "الأمل" لأم كلثوم من الراديو فاستمع لها جمهور المقهى وتجاوبوا معها وعندما اقترح صاحب المقهى تشغيل أغنية "أخي جاوز الظالمون المدى" لعبدالوهاب قذفوه بالحجارة وأخرجوه من مجلسهم.


مر بائع الجرائد من أمام المقهى وصاح بأن لديه إنجازات مرفقة بداخل العدد بجانب إشادات من المجتمع الدولي بمصر؛ فسألته سيدة عن أسعار العدس والفول وعندما علمت بأن الجرائد لا تهتم إلا بانخفاض الدولار وارتفاع البورصة لم تشترِ منه وانصرفت مع ابنها الذي سألها (هل مصر تحتاج لإنجازات إعلامية أم منجزات واقعية؟).

في داخل المقهى وقف الدكتور الجامعي يحاول أن يشرح للزبائن أن الضحية لها دور في اكتمال أركان الجريمة وتقوم به بوعي أو بدون.. مثل أن يبدأ أحدهم العدوان على آخر متعمدًا ثم تنقلب الأمور عليه فيُقتل أو يشاهد أحدهم جرائم ولا يبلغ عنها ويحذر الآخرين من مرتكبيها فيصبح ضحيتهم القادمة.. واختتم حديثه بأن دور الضحية أحيانًا يكون أكبر من دور الجاني نفسه.. وعندما لم يستمع له أحد طلب قهوة سادة وأمسك بالميكروفون وأخذ يغني مقطع من أغنية راب تقول (وأنا اللي كنت زيك فاسد.. لما كنت ساكت).

تجاهله رواد المقهى وركزوا أبصارهم على صبي الشيشة الذي مر وسطهم، فبدأ الدخان يحيط بالمكان ويكاد يحجبه عن العيون فلا يشاهدون سوى أنفسهم ولا يستمعون إلا لما يذيعه راديو القهوة، فتساءل شاب إذا كان مصدر الدخان هو قنابل تطلقها الشرطة فأخبروه بأنهم ليسوا في حاجة للتظاهر فهم يستمعون للأغاني علنًا ويرددونها تطوعًا.

بينما أخبره جندي متقاعد بأنها ليست سحابة دخان من العدو لأننا توقفنا عن القتال على خط النار وأصبحنا نقاتل على خط المترو، وصار عبور كوبري أكتوبر وتجنب زحامه أعظم أحلامنا.

وقف صاحب المقهى أمام باب دكانه لا يرغب في مغادرته ولا يريد مشاركة الزبائن طلباتهم؛ فأحضر كاسيت وسماعات جديدة تعالت منها كلمات أغنية الشيخ إمام (الجبان ابن الجبانة/ كَل غدانا/ قام لقانا/ شعب طيب/ كَل عشانا) بينما انشغل عنه زبائن المقهى بالدخان والاستماع إلى أغنية "الأمل".
الجريدة الرسمية