رئيس التحرير
عصام كامل

حدود الإخوان والسلفيين!


تزايد الحديث فى الآونة الأخيرة عن تطبيق الشريعة الإسلامية، وفى القلب منها "الحدود".. تلك الكلمة التى تثير مخاوف الكثيرين، وبرغم أنه لا أحد يرفض تطبيق حدود الله فإن هذه الحدود المتمثلة فى قطع يد السارق وجلد الزاني أو رجمه وقتل المرتد والصلب، مثار خلاف واسع بين علماء الدين، فالبعض يرى أنها واجبة التطبيق والهدف منها الردع ومحاربة الجريمة والفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، فيما يرى آخرون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطبق الحدود كافة، وأن الحدود لم تطبق فى عهد الرسول وخلفائه الراشدين سوى 6 مرات فقط!
ومن المعروف أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه عطل حد السرقة فى عام الرمادة بعد أن وقعت أزمة في عهده عام 18هـ, تمثلت في حصول قحط شديد بين الناس في أرض الحجاز فقلَّ الطعام وجفت ينابيع الأرض،  فكانت الريح تأتي على الأرض فلا تُسْفي إلا ترابًا كالرماد حتى سُمِّيَ العام الذي وقعت فيه عام الرمادة.
المثير أن هناك علماء دين من داخل المؤسسة الدينية الرسمية، الأزهر، يرون أن بعض الحدود غير موجودة أصلا فى الإسلام، فيما تشير المراجع التاريخية إلى أن الحدود كانت موجودة قبل الإسلام وأنها مستمدة من عقوبات كان يطبقها الفراعنة وأخذها عنهم حمورابي ثم نقلها العرب فى الجاهلية، حيث كانوا يقطعون يد السارق ويجلدون الزاني، وأن الإسلام أخذ بعض هذه الحدود.
وكانت قضية  تطبيق الحدود الشرعية قد طفت على سطح الأحداث فى مصر خلال المليونيات التى نظمها السلفيون والجماعات الجهادية، مؤخرا، مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية وفى القلب منها الحدود، وهو الأمر الذى أثار مخاوف كثيرة فى وطن يعيش أكثر من نصف أبنائه تحت خط الفقر، ويحتاجون إلى المأكل والمشرب والملبس وتوفير حياة آمنة وكريمة أولا، لا أن يسعى البعض إلى قطع الأيدى والجلد والرجم والصلب.
والملفت أن الأقباط لا يرفضون تطبيق الشريعة الإسلامية، فقد عاشوا فى كنف دولة الإسلام، فى عز وكرامة، حيث دعا الناشط القبطى جورج اسحاق فى قلب ميدان التحرير إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، مؤكدا أن الإخوان والسلفيين يزايدون على المصريين وقال: "نحن أبناء هذه الشريعة، شريعة الوطن الواحد"، لكن شريعة السلفيين تختلف عن تلك التى طبقها عمرو بن العاص وصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم عقب فتح مصر، فالآن هناك سلفيون يطالبون بهدم الأهرامات بزعم أنها أوثان وأصنام، وهو ما لم يفعله الصحابة وأئمة المسلمين فى مصر على مدار قرون عديدة.
يأتى هذا فى وقت خرجت فيه تسريبات تفيد بأن هناك اتفاقا بين الإخوان من جهة والسلفيين والجماعات الإسلامية من جهة أخرى على تعديل الدستور بعد انتخاب البرلمان المقبل، ليتم النص صراحة على تطبيق الشريعة الإسلامية والحدود، وهو ما أعلنه المحامى ممدوح إسماعيل فى تصريح له مؤخرا، حيث شدد على أن "الإسلاميين في البرلمان المقبل سوف يعملون على تغيير المادة الثانية من الدستور، واستبدال مبادئ الشريعة الإسلامية بتطبيق الشريعة الإسلامية".
الخلاصة أنه لا أحد ضد تطبيق الشريعة الإسلامية أو الحدود الشرعية، فجميعنا لا يمكن أن نعترض على شرع الله وحدوده، لكن الاعتراضات تنصب على " أى حدود سيتم تطبيقها: حدود الله أم حدود الإخوان والسلفيين؟"
 
 
الجريدة الرسمية