رئيس التحرير
عصام كامل

د. محمد حمزة الحسيني يكتب: تعافي الاقتصاد المصري.. حقيقة أم خيال؟!

د. محمد حمزة الحسيني
د. محمد حمزة الحسيني

مضى عام من مواجهة التحديات الاقتصادية المريرة والإرث الثقيل التذ ورثته الحكومة المصرية، نتيجة اتباع سياسة المسكنات لمدة ثلاث عقود، بدون مواجهة فعلية للأمراض المزمنة، التي اودت بحلم المصريون في حياة رغدة إلى واقع اليم من المعاناة.


وقد واجهت الحكومة المصاعب في بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي والإجراءات النقدية، وكان أبرزها قرار تحرير سعر الصرف الذي قوبل بانتقادات كثيرة، حيث أشار معظم الخبراء الاقتصاديين إلى أن تحرير سعر الصرف سيزيد معاناة المواطن المصري في غلاء الأسعار، وبالفعل ففي هذه المواجهة الشرسة انخفضت قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي في الأشهر الماضية إلى أن قارب العشرين جنيها.

وزادات المعاناة اليومية للمواطن المصري، وترقب المصريون نتائج برنامج الإصلاح ففي الشهر الجاري تراجع سعر الصرف أربعة جنيهات، وهو تقدم ملموس بسبب إجراءات اتخذتها الحكومة، حيث قامت وزارة المالية باتخاذ قرار بتثبيت سعر الدولار الجمركي عند مستوى 16.00 مقابل 18.5 جنيه مصري، وأيضا إصدار السندات السيادية من الدولار في أسواق المال العالمية، وإقبال المستثمرين الأجانب على شراء أذون الخزانة المصرية.

وتراجع الواردات الناتج عن تأثر حركة التجارة العالمية بموسم العطلات الصينية، وتوقف البنك المركزي المصري عن عمليات الشراء المباشر للدولار من الأسواق، ثم بادر المستهلك في البحث عن بدائل محلية لكل ما هو مستورد، مما أدى إلى تراجع الطلب على الدولار من قبل المستوردين.

وأيضا تراجع الدولار مقابل أغلب العملات الرئيسية متأثرا بحالة الشك تجاه سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة والتصريحات الأخيرة لرئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، الخاصة برفع الفائدة وعامل آخر وهو ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج من المصريين، من خلال جمع البنوك في مصر وتراجع الواردات السلعية.

ولمسنا زيادة موارد البنوك من العملة الأجنبية، فيما قامت البنوك المصرية بتنفيذ عمليات التجارة الخارجية في السلع الغذائية والتموينية الأساسية إضافة إلى الآلات والمعدات ومستلزمات الإنتاج والأدوية.

ولكن الخطورة تكمن في ارتفاع معدل الإنفاق الاستهلاكي باقتراب شهر رمضان الذي يستهلك فيه المصريون كميات كبيرة مقارنة باستهلاكهم بباقي الأشهر، وأيضا موسم العمرة بشهر رمضان، والإقبال الكبير في بيع الجنيه المصري مقابل الريـال السعودي.

ونرى أن اشتعال الأسواق ناتج عن عدم قدرة الحكومة على التدخل لضبط السوق، لقلة المعروض وزيادة الطلب، وبالتالي لن تنجح الحكومة في ضبط الأسعار إلا إذا تمت زيادة المعروض، حيث يجب أن تتدخل الحكومة بتحديد هامش ربح للتجار أو تحديد الأسعار، بحيث يقوم البرلمان بإصدار قانون بتفعيل وضع أسعار للسلع تلزم التاجر بتسعيرة موحدة.

ويجب وضع آليات وقواعد صارمة فورية للمنافسة لحماية المستهلك من الممارسات الاحتكارية، من خلال تخفيف القيود المفروضة على منح التراخيص الصناعية لتوسيع دائرة المنافسة مما سيؤدي لدعم خطة التنمية الصناعية ودعم برنامج صنع في مصر الذي سيضع المنتجات المصرية بتنافس مع المنتجات المستوردة، وبدوره سيجعل المستهلك المصري يري أكثر من منتج يجعله يتكيف مع حد الإنفاق الشهري المرتبط بدخله، وبذلك تكون الحكومة اتخذت خطوات إيجابية أخرى في زيادة المعروض المصري الذي سيتيح لرجال الأعمال البدء في الخطط التصديرية بالمعايير العالمية للتمكن من المنافسة بالأسواق العالمية.

لأن الإصلاح الإقتصادى هو كافة التشريعات والإجراءات التي تسهم في تحرير الاقتصاد الوطني، والتسيير الكفء له وفقا لآليات السوق، بما يمكنه من الانتعاش، وبما يسهل تكامله مع الاقتصاديات الإقليمية، واندماجه في الاقتصاد العالمي وبذلك نري أن الاقتصاد المصري في الخطوات الأولية لتعافيه ولكن يجب اتباع الخطط والإجراءات الاحترازية التي تجعل هذا التعافي حقيقيا.

** عضو اللجنة الاقتصادية بالجمعية المصرية للأمم المتحدة
الجريدة الرسمية