رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الإنسان في القرآن.. من هو الإنسان؟


من هو ذلك المخلوق العجيب الغريب الجامع لكل المتناقضات والأضداد؟، يقول تعالى: "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها" تراه أحيانا ملاكا طاهر النفس، رحيم القلب، سامي الروح، محبا للحياة يسعى لعمارة الأرض وإصلاحها، يبني ويعمر، وأحيانا تراه عكس ذلك تماما تجده شيطانا، قاتلا مفسدا مدمرا كارها للحياة ناقما عليها يهدم ويفسد ويخرب..


من هو الإنسان؟ ذلك الكيان الذي خصه الله عز وجل بالتكريم والتفضيل، يقول تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا"

من هو الإنسان؟ ذلك الكائن الذي شرفه الله تعالى بأن عملت فيه يد القدرة الإلهية في مبتدأ خلقه، ولم يبدأ سبحانه وتعالى خلقه بكلمة كن كشأن سائر المخلوقات.. من هو الإنسان؟ ذلك الكيان الذي خصه تعالى بالأخبار والذكر من قبل أن يخلقه، حيث قال تعالى للملائكة "إني جاعل في الأرض خليفة" من هو الإنسان الذي سجدت له الملائكة، وماذا يعني ذلك السجود؟، قال تعالى "فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين"..

من هو الإنسان؟ ذلك المخلوق الذي ميزه الله تعالى عن سائر المخلوقات، وخصه بالعقل والعلم والبيان، والذي جعله الله تعالى متفوقا على الملائكة الكرام، قال تعالى "وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم، فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون"

من هو الإنسان؟ ذلك المخلوق المحير الذي قربه الله تعالى منه وأدناه، من هو الإنسان الذي سخر له سبحانه وتعالى ما في السموات وما في الأرض، من هو الإنسان؟ وماذا عن الأسرار التي اودعها ربه تعالى في مملكته، ما سر الروح، وما العقل؟، وما النفس؟ وما القلب؟

من هو الإنسان؟ ذلك الكيان الذي جمع فيه سبحانه جميع مظاهر وعوالم الخلق، وفي إشارة إلى ذلك قال الإمام على بن أبي طالب كرم الله وجهه لرجل كان يحقر من نفسه ويقلل من قدره، يا رجل، أتحسب نفسك جرما صغيرا وفيك انطوى العالم الأكبر.

من هو الإنسان؟ سؤال مهم يجب أن يسأله كل منا لنفسه، ويجب أن نسعى لمعرفة الإجابة عليه، حتى ندرك حقيقة ذواتنا وحكمة وجودنا في الحياة وسره، وحتى ندرك أمانة الخلافة والاستخلاف وكيف نقيمها، كما أراد الله، وكي نتعرف عليه سبحانه فمن عرف نفسه فقد عرف ربه، أي من عرف نفسه بالعجز عرف ربه بالقدرة، ومن عرف نفسه بالضعف عرف ربه بالقوة، ومن عرف نفسه بالجهل عرف ربه بالعلم، وهكذا إذ إن صفات الله تعالى تخالف صفات خلقه..

عزيزي القارئ من خلال هذه السلسلة من المقالات سوف نحاول سويا أن نبحث عن سر حقائقنا ومعرفة أنفسنا، من هو الإنسان، هو موضوع البحث الأولى بنا والأوجب، فهو البحث عن حقيقتي وحقيقتك وحقيقة بني الإنسان، ولنبدأ بقول الله تعالى: "الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان"

استطاع الإنسان بما منحه الله تعالى من نعمة العقل والعلم والبيان، أن يتعرف على الكثير والكثير من العوالم والمخلوقات المحيطة به، والمشاركة له في الحياة وأن يتعرف على الدقائق من أسرار الله تعالى فيها، وقد نبغ الإنسان وتفوق في شتى مجالات العلوم، في علم التكنولوجيا ابتكر الإنسان النت والكمبيوتر والأقمار الصناعية وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، وفي علوم الفضاء تخطى الإنسان الجاذبية الأرضية، وصنع السفن الفضائية ووصل إلى المريخ والقمر، وتعرف على بعض العالم الخارجي المحيط به، ومازالت رحلات بحثه قائمة..

وفي مجال الطب تفوق الإنسان وتوصل إلى معرفة الجينات الوراثية وتعرف على أسباب الكثير من الأمراض والأدوية المعالجة لها، ومازالت أبحاثه قائمة وصنع الإنسان الأجهزة الحديثة التي استطاع التعرف بها على الكثير من الأمراض التي لم تكن معروفة من قبل، وأجرى الإنسان العمليات الجراحية الدقيقة مستعملا أحدث الأجهزة الطبية والتي منها جهاد الليزر..

وفي مجال علم الأحياء تعرف الإنسان على أسرار كثيرة في الأحياء البرية والمائية وغاص في أعماق البحار والمحيطات، وشاهد من مظاهر عظيم الإبداع الإلهي والقدرة الإلهية، وتعرف على الكثير والكثير من الكائنات الكائنة فيها، وهكذا في عالم الحيوان والنبات والحشرات، وغيرها من الأحياء التي تعيش معنا على كوكب الأرض، وهكذا في جميع المجالات تفوق الإنسان ونبغ وتعرف على أسرار الكثير منها وبالرغم من كل هذه العلوم والمعارف والاكتشافات التي وصل اليها الإنسان إلا أنه ما زال جاهلا نفسه غير مدرك لحقيقته، ويبقى السؤال قائما، من هو الإنسان، وهذا ما سوف نبدأ الإجابة عنه في المقالات القادمة بمشيئة الله تعالى.
Advertisements
الجريدة الرسمية