رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

على دماغنا الإمام الأكبر !


ليته لم يتكلم الإمام الأكبر.. ليته لم يزد الأمور سوءًا في موضوع الطلاق الشفوى.. ارتكن الإمام الأكبر إلى "حجر ضعيف" لما دخل في السياسة.. السياسة لها ناسها.. والدين له ناسه.


شيخ الأزهر من رجال الدين، لا هو رجل سياسة ولا خبير اقتصاد.. ومجتمعاتنا في أمس الحاجة إلى رجل دين مستنير، كما هي في حاجة إلى رجل اقتصاد فاهم ورجال دولة أقوياء.

أزمة الطلاق الشفوى مستمرة.. بعض رجال الأزهر أرادوا صرف النظر عن جمودهم بمعركة في اتجاه آخر.. بعضهم يريدون تصدير أزمة فشلهم في إيجاد حلول شرعية عصرية لمشكلات حياتية، على أنها حرب بينهم وبين الدولة.. مع أنها ليست كذلك.. ولم تكن كذلك.

أزمة الطلاق الشفوى ليست معركة.. هي "وكسة" اجتماعية.. أزمة كبيرة أظهرت معنى التجديد وشكله وما يفهمه كثير من رجال الدين عنه.

في أزمة الطلاق الشفوى، وقف المشايخ مكتوفي الأيدي.. والأرجل.. العُقد في اللسان، وألف رابط على العقل، وعلى المنطق، رغم أنهم لا يكفون عن الكلام عن التجديد، وجهود التجديد وآخر معاركهم مع التجديد.. وكأن المشايخ بعد أزمة الطلاق الشفوى حبسوا في ركن ضيق.. كأن ظهرهم للحائط.. لما أسُقط في أيديهم، وغلب حمارهم، وكشفتهم الأحداث، بدءوا بهجوم مضاد.

اعتبر شيخ الأزهر الدهشة من وقوف هيئة كبار العلماء محلك سر في مسألة "الطلاق الشفوى" مزايدة على دور الأزهر والمشيخة.. قال إن الذين يطالبون بحلول فقهية عصرية للطلاق الشفوى، عليهم أن يركزوا في حلول لغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.

قال الإمام الأكبر أن هناك من يزايد على دور رجال الأزهر من خلال أزمة "الطلاق الشفوى"، رأى أن المزايدات تجاوزت الحدود.. والحقوق.

على راسنا كلنا كلام الإمام الأكبر.. سيدنا وتاج راسنا الجامع الأزهر.. يكفى تاريخ تلك الجامعة، يكفى دورها في أزمنة مختلفة، في قضايا وطنية، ومسائل دينية.. لكن تقديرنا لا ينفى أن محاولة نقل الكرة من ملعب المشايخ إلى ملاعب الساسة مناورة غريبة وعجيبة.. هي مناورة مكشوفة.. لم نعتد رجال الدين مناورين.. لم نعتد مشايخنا أصحاب تكتيكات إعلامية، واستراتيجيات تفاوضية.

دعنا نسلم أن أزمة "الطلاق الشفوى" كشفت عن فقه جامد لمن يقولون إنهم يجددون.. يجب أن نسلم أيضًا بأن أغلب مشايخنا يقولون إنهم يجددون، بينما هم لا يفعلون.. يقولون إنهم يجددون، بينما لا يعرفون للآن معنى تجديد الخطاب الدينى، ولا مفهومه ولا ما المطلوب منهم حتى يكونوا مجددين.

ليته لم يقل الإمام الأكبر ما قال.. ليته لم يرد الاستفسارات بالهجوم.

لا الانتقادات لهيئة كبار العلماء في موقفها من الطلاق الشفوى مزايدة على مكانة الأزهر، ولا الدهشة في الشارع المصرى من جمود المشايخ أمام المطالبات بتكتيك فقهى جديد لأزمة اجتماعية ممكن اعتباره تدخلا في أمور الشرع.

لن نقول إن الشرع ليس حكرًا على الأزهر، ولا على المشايخ.. سبق وكرر الأزهر أنه لا كهنوت في الإسلام، لماذا يدور بعضهم ويلف ويأتى من الخلف مرسخًا لكهنوت الأزهر وكهانة رجال الدين ؟

إذا كان الطلاق الشفوى أزمة لها تداعيات اجتماعية، فما المانع أن يجد لها رجال الدين حلا فقهيا؟ من قال إن تقييد الطلاق الشفوى يعنى إلغاء الطلاق؟ ثم من الذي قال إن رجال الفقه الرشيد هم الذين يقفون أمام مشكلات المسلمين مكتوفى الأذرع معقودي اللسان ؟

الفقه في اللغة هو الفهم.. ولولا احتياج المجتمعات الإسلامية لحلول دينية عصرية لمشكلات لم تكن موجودة وقت التنزيل لما ظهر الفقه الإسلامي ولا ظهر رجال الدين.

فارق كبير بين أن يقتنع رجل الدين بأن الإسلام في حاجة إلى "عصرنة"، وبين أن يخرج لما نطالبه بإحياء الدين، للحديث عن الغلاء وارتفاع الأسعار.

صحيح الأسعار نار، والسوق مولعة، من أول رغيف العيش وانتهاء بلبن الأطفال، لكن من الذي قال إن جشع التجار وغياب الحكومة في البلدان الإسلامية يتعارض بالضرورة مع إيجاد حلول فقهية لأزمات اجتماعية ؟

من الذي قال إن ارتفاع أسعار السلع الغذائية، يحرم معه التجديد، وأن مرونة الدين على علاقة عكسية بسعر صرف العملات الأجنبية وقرارات الغرف التجارية ؟

على دماغنا شيخ الأزهر الإمام الأكبر.. لكن ليته لم يقل ما قال.. فشل المشايخ في إيجاد تكيف فقهي لمسألة الطلاق الشفوى، شاهد على أن المنوط بهم التجديد، لا يجددون.. ولا يقدرون.
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan
Advertisements
الجريدة الرسمية