رئيس التحرير
عصام كامل

سيادة الوزير الـ «بالي بالك» !


(يا أخى أنا مش طالب كتير، عايز رصيف أمشى عليه وشارع أمشى فيه وقانون أحترمه ويحمينى ومظلة تأمين صحى واجتماعى ومعاش لما أعجز ووظيفة لولادى ومدفن أتدفن فيه لما أموت.. تصدق أنا ما عنديش من كل دول ولا حاجة.. أي والله ولا حاجة)... هكذا عبر صديقى الكاتب السكندري المبدع أحمد حامد عن مفهوم الوطن في عبارات قصيرة وموجزة وشديدة البساطة والإنسانية، فهل هذا عسير على وطن ثرى أو قل شديد الثراء وليس فقيرًا بأي حال كما يظن البعض.. هل يصعب تحقيق هذا لمواطني دولة نهب ثلة من اللصوص أراضيها وأثروا منها وحققوا أرباحًا خيالية حرامًا من مقدراتها!


فلقد قام أحد المواقع الإلكترونية بعمل استفتاء عن مقدرة المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية على استعادة أكثر من مليونى فدان منهوبة من أراضي الدولة! تخيل أيها المصري الذي تسعى طوال حياتك إلى أن تحصل على شقة صغيرة بسعر يطاق أن هناك أكثر من مليونى فدان قد تمت سرقتها منك ومن مصر الوطن الذين يتغنون به، ولكنهم يصرون عن فصله عنك وعزلة للكبار منهم فقط حتى صارت الأغاني الوطنية أو الحديث عن الوطن هزلا ماسخا وعبثيا يدعو للسخرية وليس للانتماء بل إن كثيرًا من طلاب المدارس الحكومية بكل أسف يسخرون من النشيد الوطني في طابور الصباح كما يشكو البعض.. أكثر من مليونى فدان كانت كفيلة بنقل مصر إلى دولة ثرية وتحقيق رفاهية كل شعبها، حتى المعدم منهم، في غضون سنوات قليلة !

لم تسأل الحكومة نفسها عن الأسباب التي سهلت لهؤلاء اللصوص نهب كل تلك الأراضي الشاسعة في غفلة من نظام يحاسب موظف صغير ويسجنه إن ضاع من عهدته جنيهات قليلة، بينما تتصالح مع سارقي المال العام الذي يقدر بمليارات عديدة كانت تكفينا لحفظ ماء وجهنا والحفاظ على كرامة عملتنا، وعدم التسول من صندوق النقد أو غيره من الأشقاء العرب الذين لا يتوانون عن معايرتنا وإذلالنا في أقرب فرصة خصام أو مجرد اختلاف في الرؤى، أو حتى كلما تيسر ذلك مزاجيًا!

المثير فى الأمر أن الحكومة التي تسعى مشكورة لاسترداد تلك الأراضى قد قامت بالتصالح مع مجرمين من هؤلاء مقابل أموال مهما كثرت ضئيلة قياسًا بحجم ما سرقوه واغتصبوه، بل إن الأسوأ من ذلك هو تعيين مسئولين بحجم وزراء أو معاونين لهم في مواقع شديدة الخطورة والحساسية رغم اتهامهم علنًا وعلى الملأ في الفضائيات بسرقة أراضى الدولة، فهل سيصل بنا الحال يومًا لنخاطب سيادة الوزير بلقبه الجديد المضاف إلى طابور ألقابه الهزلية فنقول مثلا.. سيادة الوزير الدكتور المهندس الحرامى، أو سيادة الوزير التائب أو سيادة الوزير الـــ "بالى بالك" !

رفقًا بالوطن وبالبسطاء ماليًا الذين لا يرجون من الوطن شيئًا أكثر من كلام الأديب أحمد حامد وغيره وهم ملح الوطن وقوامه الحقيقى المنزه عن كل شوائبه وأدرانه و.. الــ "بالى بالك" !
Fotuheng@gmail.com

الجريدة الرسمية