رئيس التحرير
عصام كامل

طارق نجيدة: حذف تيران وصنافير من المناهج قبل عام من اتفاقية الترسيم مثير للريبة

فيتو

  • خطاب جمال عبد الناصر عن مصرية الجزيرتين كان محركا لنا
  • المستند الرئيسي في القضية حصل عليه شاعر من سوق الأزبكية والبائع بعد الحكم: «لو أعرف قيمته كنت أدتهولك ببلاش»
  • الحكومة رفضت تقديم مستنداتها بحجة الأمن القومي والمسائل السيادية
  • بعد الحكم شعرنا بوجود مصائب لا نعلمها بين السطور
  • اعتذار الحكومة لا يكفي ويجب محاسبة كل من أخفى الوثائق
  • دار الوثائق رفضت إمدادنا بالمستندات في حين منحتها بختم النسر للحكومة
  • لم يمارس علينا ضغوط طوال فترات القضية.. ولكن الشباب دفع الثمن
  • مناقشة الاتفاقية في البرلمان إهدار للسلطة القضائية


عرف طارق نجيدة خلال السنوات الماضية كأحد قادة التيار الشعبي، ويعمل محاميا بالنقض، وارتبط اسمه بقضايا حقوقية متعددة خلال الفترة الماضية، وكان أبرزها مشاركته في هيئة الدفاع عن يحيي قلاش، نقيب الصحفيين، وصولا إلى دوره الفعال ومشاركته في هيئة دفاع قضية تيران وصنافير.

وأكد عضو هيئة الدفاع في قضية جزيرتي تيران وصنافير، في حوار لـ "فيتو" أن العديد من الأطياف السياسية والوطنية شاركت في رحلة إثبات مصرية الجزيرتين، موضحا أن المعركة مع الحكومة لم تكن سهلة، وحسمها القضاء في نهاية الأمر، ومحاولة تمرير الاتفاقية عبر البرلمان يعتبر إهدارًا للقضاء.

وإلى نص الحوار..

*في البداية.. ماهو المحرك الرئيسي الذي دفع هيئة الدفاع للبحث وراء ملكية الجزيرتين؟
الاتفاقية لم يعرف عنها الشعب المصري أي شيء سوى صبيحة توقيعها عندما أعلن مجلس الوزراء أن مصر وقعت اتفاقية من شأنها إعادة جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية وأصيب الجميع بدهشة، من يعلم شيئا عن الجزر ومن لا يعلم، ومنذ هذه اللحظة بدأ الجميع في البحث وراء الأمر ولم يكن لدى أحد وجهة نظر كاملة.

*وبالنسبة إليك كيف كانت نقطة الانطلاق التي استندت عليها؟
خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أثق فيه ثقة كبيرة وأثق في كل ما يصدر عنه، وكان هذا الخطاب لا يحمل أي شبهة أو ارتباك أو تداخل، وكان حديثه قاطعا، المضيق مصري والجزر مصرية، وقال «بأي قياس تريدونه.. 3 ميل مصرية.. 6 ميل مصرية.. 12 ميل مصرية»، إذن كان عبد الناصر يقصد الجزر، ومحسوم لديه أن المضيق مصري، ولكن ذكر القياس البحري المتعارف عليه في قانون البحار الدولي، وكان يقصد ملكية مصر وسيادتها على الجزيرتين، منذ هذه اللحظة تأكدت أن الاتفاقية بها ما يخالف الدستور والسيادة.

*وماذا عن اللقاء الأول بين هيئة الدفاع والمتضامنين مع القضية؟
تقابلنا محامين وسياسيين وطرح الأمر للنقاش السريع في مكتب المحامي خالد على، ووجدنا جميعا أننا لا نملك أي أدلة سوى بعض المستندات مثل كتب أبنائنا في مادة الدراسات الاجتماعية للمرحلة الابتدائية، وبعض الأشخاص عادوا لكتب الجغرافيا للمرحلة الثانوية، وكانت المفاجأة أن هذه الكتب حتى عام 2015 تضع تيران وصنافير ضمن الجزر المصرية وتعتبرهم من أهم المحميات الطبيعية في مصر، ولكن تم تغيير الأجزاء المتعلقة بالجزيرتين عام 2016، مما رسخ لدينا أن هناك أمرا مريبا.

*وإلى ماذا انتهى اجتماعكم؟
انتهينا إلى وضع الخطوط العريضة التي سنتحرك فيها، والدعاوى القضائية المقرر رفعها لإدانة الاتفاقية، وبحث المستندات التي سيتم تقديمها وكان من ضمنها كتب الدراسات الاجتماعية التي تؤكد مصرية الجزيرتين، ولكن كنا نحتاج إلى تدعيم بالمستندات، ولذلك خرجنا بنداء للشعب المصري، بعمل توكيلات للانضمام إلى هذه القضية، وأن يرسل إلينا كنوزه من مستندات تثبت مصرية الجزيرتين من أبحاث وخطابات ووثائق.

*وهل وجدتم استجابة من جانب الشعب لإرسال الوثائق التي تثبت مصرية الجزيرتين؟
بمجرد إطلاق الدعوة وصلنا فيضا هائل من المستندات التي تتعلق بمصرية الجزيرتين، وصلت لي ولزملائي خالد على ومالك عدلي ومعصوم مرزوق وعلي أيوب وعصام الإسلامبولي، وبدأنا فحص تلك المستندات وبحث مدى حجيتها وتم تقسيم الموضوع تقسيما سياسيا وجغرافيا وقانونيا.

*ولكن ما هي أهم الجهات التي وردتكم منها المستندات، هل أساتذة أم مختصون أم جغرافيون؟
كان الشعب المصري البسيط منه قبل المتخصص يرسل إلينا، وبالنسبة للمستندات التي وردت إلى جاءت عن طريق شخص لا علاقة له بأي شيء، فقط هو شاعر ويعمل مهندسا، ولم يستطع النوم بعدما علم إطلاقنا النداء لجمع المستندات، ونزل إلى سور الأزبكية وغاص فيه بحثا، وخرج منه بأهم مستند من المستندات التي استندت إليه المحكمة، وهو أطلس عام 1908، وهو من ضمن الأطالس التي استندت إليها المحكمة في حكمها، وأمدني بمجموعة من الوثائق التي حصل عليها من كتاب البحرية المصرية، وأثناء شراء الأطلس لم يكن يعرف أهمية الكتاب، وعندما صدر الحكم عاد إلى البائع وأبلغه بقيمة الكتاب، فرد عليه البائع: «لو قلت لي إن الكتاب دا هيتقدم في المحكمة كنت أدتهولك ببلاش»، فالشعب المصري كان يملك من الكنوز التي لا يعرف قيمتها، ولكنه في هذه اللحظة استخرج كل ما لديه.

*وماذا عن التحرك بعد جمع المستندات؟
كل شخص من أعضاء فريق الدفاع كان يتواصل بالمستندات التي يجمعها، وتوجهنا بها إلى المحكمة التي أحالتها إلى المفوضين بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار محمد دمرداش، وبدأنا منذ هذه اللحظة أمام هيئة المفوضين نتقدم بالمستندات، وطلبنا من الحكومة تقديم مستنداتها.

*وهل اطلعتم على المستندات التي قدمتها الحكومة؟
كنا ننتظر منها تقديم المستندات، وطلبنا منها تقديم الاتفاقية ومحاضر الأعمال والإجراءات الفنية والمفاوضات ولكنها رفضت كل شيء، وكنا نقابل رفضها كلما ترفض بسيل من المستندات، وكان هناك نوع من التعالي في مواجهتنا،، ولكننا لم نكن نحجر على حق الطرف الآخر في إثبات عكس ذلك، وكنا على استعداد تام لقبول أي مستند ستقدمه الحكومة لتثبت العكس.

وبالفعل حصلنا على أربع جلسات أمام المفوضين، ثم قررت هيئة المفوضين في كل جلسة تغريم الحكومة لأنها لا تقدم المستندات المطلوبة، حتى حجز للحكم قضيتين وأبقينا على عدد من القضايا أمام المفوضين، ورؤية الدفاع ألا يتم الحكم في كل القضايا دفعة واحدة، وتم نقل القضيتين أمام الدائرة الأولى برئاسة المستشار يحيي الدكروري، وصدر الحكم بجلسة 21-6 وكان حكما مدويا ولم يثلج الصدور فقط، ولكنه أشعل المشاعر الوطنية المصرية.

*وبماذا بررت الحكومة رفضها لتقديم المستندات؟
تذرعت الحكومة بأن الاتفاقية أمر سيادي ولا يجوز الإطلاع عليه – وهذا كذب-، وتذرعت أيضا بأن الاتفاقية متعلقة بالأمن القومي، وكان علينا مواجهة هذا الصلف بكل الحقائق.

*هل شعرتم بالتخوف من عدم النجاح خلال فترات المحاكمة؟
لم يكن شعورا بالخوف، ولكننا كنا نواجه اتفاقا بين حكومة مصرية، مع دولة تمدك بالبترول والقروض، ونواجه معركة ليست بالقليلة، واتفاق وقعه رئيس الوزراء، لكن كان جالسا فيه رئيس الجمهورية ووزير الدفاع، فمن يصدق أن هؤلاء لا يعرفون مصرية الجزيرتين، وقد وقع عليهم التدليس أو «حد ضحك عليهم»، ولكن اليقين لدينا أن الجزيرتين مصريتين كان كبيرا جدا.

*ولكن بعد صدور الحكم النهائي، ألم تشعروا بأن هناك أمرا غريبا يحدث؟
عند صدور الحكم القاطع تأكدنا أن الحكومة لديها مشكلة وأن في الأمر أمر، وأن السطور بينها مصائب لا نعرفها، لأن الحكم تحدث عن مسألة شكلية وهي الأعمال السيادية، ولم يقف عند هذا الحد، وتحدث عن ملكية وسيادة مصر للجزر ولا يمكن أن يكون هناك حقيقتان متعارضتان متناقضتان في الواقع والمستندات، فإما أنها مصرية خالصة أو العكس، وشعرنا أن هناك أمرا خفيا ويدين الحكومة ويدين من وقع ومن ساند ومن أيد ومن دعم هذه الاتفاقية.

*ولكن ما هو الشيء الخفي؟
يفرجون هم عنه، لأن الأصابع الخفية بدأت تجري سريعا لتغيير كتب الجغرافيا التي يتعلم فيها أبناؤنا وتتحدث عن ملكية الجزيرتين خلال العام الماضي قبل توقيع الجزيرتين، وكذلك الخرائط التي استطعنا الحصول عليها، بدأ سحبها من كل جهة تمتلكها.

*هل واجهتكم مشكلات خلال فترة جمع الأدلة؟
نعم، فالمحكمة كانت تعطينا تصريحا بالحصول على وثائق من جهات معينة من دار الوثائق القومية، ولكنها كانت تمتنع عن إعطائنا أي شيء في حين أنها تعطي لهيئة قضايا الدولة ما يريدونه بختم النسر، ولكن المستندات التي حصلت عليها هيئة قضايا الدولة مجتزئة، فهناك خطابان لوزيري الخارجية والحربية سنة 1928 يتحدثان فيهما عن تبعية الجزيرتين، والإجابة عليهم جاءت في خطاب صادر إليهم من وزير المالية، ولكن تم تقديم الخطابين فقط لكن الثالث الذي يعرض ملكية مصر لم يقدم، وتم تقديمه لتأكيد أن الدولة المصرية «مش عارفة الجزيرتين مصريين ولا لا؟»، والنائب سمير غطاس قدم بيانا عاجلا في مجلس النواب ضد وزير الخارجية لسؤاله عن المستندات التي تحت يده ولم يقدموها ومنها المستندات الخاصة بوزير المالية التي تؤكد أن الجزيرتين مصريتان، وتم مسحها من هيئة المساحة المصرية.

*بعد الحكم بمصرية الجزيرتين هل ترى ضرورة اعتذار الحكومة؟
لا يكفي اعتذار ولكن لابد من محاكمة كل من جاء له حديث أو ورقة أو كتاب يؤكد مصرية الجزيرتين وأخفاه، أو منع مستندا، فلابد من التحقيق معهم وكل من ارتكب ذلك بحسن نية مغررا به أو مدلسا عليه فبالطبع هو بريء وما دون ذلك فهو مدان، فمحكمة التاريخ انعقدت وتحتاج إلى وقوف الجميع أمام هذا المشهد وتحمل المسئولية.

*هل هناك ضغوط مورست عليكم للامتناع عن استكمال القضية؟
لم يحدث على الإطلاق أي نوع من أنواع الضغوط من قريب أو من بعيد، ولكن الأمر لا يمكن أخذه بمحمل الحرية، لأن أحد أعضاء هيئة الدفاع الرئيسيين قبض عليه وحبس ومورست عليه كل أنواع الضغوط السخيفة في حبس انفرادي.


*ماذا عن محاولة تمرير القضية عبر البرلمان بعد صدور حكم نهائي؟
لابد من النظر إلى مسألة البرلمان من زاوية أن الحكومة تراخت عن عرض الاتفاقية حتى على البرلمان حتى صدر الحكم الأول النافذ في 21-6 ثم استمرت الجلسات أمام المحكمة الإدراية العليا من شهر أكتوبر وكل هذه المدة والحكومة لم تقدم الاتفاقية إلى البرلمان، وعندما تقدم الاتفاقية بعد الحكم الأول وقبل صدور الحكم الثاني بأيام، فهذا يعني أنها قد تيقنت أن مؤامرتها قد انكشفت، وأرادت أن تغسل يدها وتورط البرلمان في صدام مع السلطة القضائية.

*وماذا عن الحديث بعدم اختصاص القضاء الإداري في نظر القضية؟
حتى لو محكمة القضاء الإداري غير مختصة فعلى الرئيس أن يمتنع ويسحب هذه الاتفاقية بصرف النظر هل هناك عمل من أعمال السيادة أم لا، فهناك محكمة وشعب ومستندات تقول إنها مصرية.. يبحثون عن الاختصاص الذي يقول إنهما سعوديتان؟.. فقد قضي الأمر بحكم محكمة.

*وكيف ترى ذلك الصدام بين القضاء والبرلمان؟
العلاقة بين السلطة القضائية والبرلمان علاقة عضوية، لا يحكمها التوازن والفصل فقط، بل يحكمها تكامل منصوص عليه في الدستور، لأن المشرع يضع التشريعات وفقا لأحكام تشريعية يطبقها القضاء ويترجم هذا التشريع إلى حكم، إذا لا يستطيع المشرع تطبيق تشريعاته إلا بحكم القضاء، فحينما يهدر حكم القضاء فقد أهدر تشريعاته، وإذا حدث تصادم بينهما فذلك يعتبر هدم للدولة، وصاحب المصلحة في هدم الدولة هو الحكومة التي أصبحت مكشوفة.

*هل تعتبر القضية نقطة انطلاق لمعارضة حقيقية؟
ماحدث من قوى وطنية وليس معارضة، واكتشفنا حينما أحيلت القضية لمجلس النواب أن هناك شخصيات وطنية من الأغلبية البرلمانية مثل علاء عبد المنعم وسمير غطاس وعماد جاد، وهم محسوبون على الأغلبية وكان موقفهم واضحا، بالإضافة إلى تكتل 25-30 بداية من ضياء الدين داوود ويوسف القعيد وخالد يوسف وأحمد الشرقاوي وهيثم الحريري، الذي كان اسمه مضيئا بين أسماء الطاعنين في القضية ولكن أتحدث عن ممثلي الأغلبية الذين سمعناهم ورأيناهم يقفون نفس الموقف.
الجريدة الرسمية