رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

نجل الكاتب الأردني «ناهض حتر»: حكومة بلادي رفضت إقامة أي مراسم لتأبين والدي

فيتو


  • لدينا الكثير من الخطوات إذا لم تسفر التحقيقات عن شيء

لا وجع يضاهي ألم الفقد، غصة تلازم قلبك حيثما وليت وجهك، ترى صورة من فقدت تتمثل في كل ما تقع عليه عيناك، يحادثك، يطوف حولك، حتى تلك التفاصيل الصغيرة تصبح أشد إيلاما وفتكا بعقلك كلما تذكرت ذكرى جمعتك به قبل أن يطويه الموت، ويعيش في صومعة الغياب.

ليس هذا الجزء الأسوأ، وإنما وقع الألم لو أنك شهدت لحظة الموت، ولو أن هذا الموت ملطخ بدماء الاغتيال، خاصة لو كان أقرب الناس إليك.. والدك.
دوامة كبرى يغوص فيها (معتز) ابن الشهيد المفكر ناهض حفتر، بعدما شهد واقعة اغتيال والده أمام عينيه في شهر سبتمبر ٢٠١٦، ألم ودموع يعيشها يوميا، وكما يقول "حياتنا الوردية تلطخت بدماء والدي".
"فيتو" التقت نجل الشهيد حفتر على هامش تأبين والده في معرض القاهرة الدولى للكتاب بدورته الثامنة والأربعين، لنرى فيه وجه والده ونسترجع تفاصيل الواقعة.. وإلى نص الحوار:

> ما سبب إقامة حفل تأبين لوالدك في مصر؟
لأننا نهتم بوصول صوتنا لأكبر عدد من الشعب العربي، ومصر ليست أولى الدول التي يقام على أرضها تأبين لناهض حتر، فقد سبق وأقيم في لبنان وعدة دول ما عدا الأردن، حيث رفضت الحكومة الأردنية هناك إقامة أي تأبين له، على الرغم من كونه ابنا للوطن.

> ولماذا رفضت الحكومة الأردنية حفل تأبين والدك؟
رفضوا بشكل رسمى دون إعطاء أي مبررات، ولكن الشخص المتسبب في الرفض واضح وبين، وهو رئيس الوزراء الأردني الذي تسبب في مقتل والدي واعتقاله من البداية، فهو من شَهَّر به بناء على موضوع دينى لم يكن له أي أساس من الوجود، فالرسمة التي ابتكرها والدى لم تكن تحمل أي سب للذات الإلهية وإنما كانت ضد داعش، وهى واضحة لا تحمل أي مساحة لتأويلات أخرى، وبسبب رئيس الوزراء يتم فرض حالة من التعتيم الإعلامي علينا، ليس فقط مجرد رفض لتأبين.

> إذن ما الأسباب التي يحملها رئيس الوزراء الأردني في نفسه لممارسة كل هذا الضغط؟
لأن والدي كان يكتب ضده منذ توليه منصبه في شهر يونيو ٢٠١٦، فكتب منتقدا سياساته المحلية، وسياسة تصفية القضية الفلسطينية من خلال نقل الشعب الفلسطينى إلى الأراضى الأردنية على أن تأخذ الأردن نصيبا من أراضى الضفة الغربية في فلسطين بالاتفاق مع إسرائيل، إضافة إلى سياسته ضد سوريا حيث كان والدى ضد التنظيمات الإسلامية وداعش بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فيما كان رئيس الوزراء يعارض بشار الأسد.

> متى بدأت عمليات التصفية ضد والدك ؟
في رأيي أسميها عملية إهدار دم وليست تصفية فقط، ففي شهر أغسطس ٢٠١٦ تم إصدار أمر اعتقال لوالدي، بالاتفاق بين رئيس الوزراء ووزير الداخلية الأردني، وبعد ساعة إلا الربع من القرار تم الإعلان على شاشات الإعلام والصحافة الأردنية أن ناهض حتر فار من العدالة ولا يريد تسليم نفسه، على الرغم من أننا كنا بمنزلنا آنذاك ولم تصلنا الشرطة بعد، ولم يفر أبى من شيء على الإطلاق، وبالفعل تم الاعتقال بعدها.

> وعلى أي أساس تم اعتقاله؟
اعتقلوه بسبب صورة “داعش” والتي اتهموه فيها بسب الذات الإلهية على الرغم من أنها ضد داعش، ومن هنا تم شحن الشعب الأردنى لكره حتر واعتباره سابًا لله، واعتقد أنه تم اختيار تلك الوسيلة للاعتقال لأنهم يعلمون جيدا مدى قوة تحالفات والدى وأنه لا يمكن اعتقاله بسهولة نظرا لحب الناس والقيادات له، لذا تطلب الأمر تدخل رئيس الوزراء نفسه بإصدار أمر الاعتقال بناءً على الصورة، على الرغم من أن هذا مخالف لجميع القوانين والضوابط الدستورية الأردنية.

> ولكن يقال دائما إن التنظيمات الإسلامية والإخوان هي من دبرت اغتيال حتر؟
بالطبع كان الإخوان وأى تنظيم متطرف ضد كتابات ناهض حتر، إلا أنهم لا يستطيعون تصفيته وحدهم، ولا يستطيع رئيس الوزراء اغتياله وحده، لذا صار نوع من الاتفاقات والتحالفات السرية بين الحكومة والإخوان ضده لتدبير اعتقاله ومن ثم اغتياله.

> لماذا لم يلجأ إلى السفر خارج البلاد.. ما دام كان يستشعر نية تصفيته؟
عرض عليه كثيرا السفر خارج البلاد، ومن المعروف أنه يستطيع اللجوء إلى أي دولة يريدها، إلا أنه رفض الأمر قطعيا، وأصر على البقاء في الأردن كمحارب لا يقبل الهزيمة.

> كيف تمت حادثة الاغتيال؟
كانت أولى أيام المحاكمة، وأصر والدى على الحضور للدفاع عن نفسه، حيث منعته الحكومة من الحديث وإعطاء أي مبررات قبل المحاكمة.. كنت أنا وأخى مع والدى على درج قصر العدل المقامة فيه المحاكمة، في طريقنا للتفتيش قبل دخول مقر المحكمة، وتم إطلاق الرصاص عليه.

> ماذا تشعر كلما تذكرت الحادث؟
حقيقة لا أستطيع تصديقها، أشعر كما لو أنني في مشهد سينمائي لا يمت للحقيقة بصلة، أشعر أنه ما زال حيا، يحدثني ويتسامر معي وكأن شيئًا لم يكن، ولكن تتملكنى غصة وألم لا أستطيع توصيفه ولا تفي الكلمات للتعبير عنه.

> ماذا لو لم تسفر التحقيقات عن شيء؟
هو أمر وارد بالتأكيد، وفي جعبتنا الكثير من الخطوات التي سنتخذها لو حدث ذلك، حيث سنتوجه للقضاء بالتزامن مع عدة إجراءات أخرى.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
Advertisements
الجريدة الرسمية