رئيس التحرير
عصام كامل

عندما يعود هؤلاء؟!


جماعات الإرهاب المحلى، لم تعد المعضلة الأساسية في أوروبا الآن، إنما أضيف إليها قضية المتطرفين الإسلاميين العائدين من سوريا.

التفتت أوروبا إلى الأزمة مبكرا، لكن الحلول مازالت مستعصية. الدول العربية للآن لم تأخذ المسألة على جناح الجد. يبقى لدينا في الشرق الأوسط الأزمة أزمتين. واحدة أننا لم ننتبه، والثانية، أن الحلول صعبة، ولا رؤية لحلول حتى الآن.


في بروكسيل، أحالوا متطرفين إسلاميين من أصول أوروبية، إلى المحاكمة، بتهمة المساهمة في الإرهاب في فرنسا وألمانيا. أمام المحاكم لم تستطع سلطات الادعاء إثبات علاقة بين هؤلاء العائدين، وبين العناصر التي قامت بالإرهاب على الأراضي الفرنسية. كان الواضح أن هناك اتصالات ما، وأن هناك تنسيقا ما، لكن المحاكم الأوروبية، لها الأدلة فقط.

معظم الذين قدموا للمحاكمات هناك، خرجوا من جديد للعالم، لأنه لم تصدر بحقهم أحكام بالسجن. الذي يقلق المراقبين، أن كثيرا من المتطرفين العائدين من الحرب السورية، سينخرطون في المجتمعات الأوروبية، حتى تثبت عليهم تهم الإرهاب في المستقبل.

ثبوت تهم الإرهاب في المستقبل، يعنى مزيدا من الضحايا، والتفجيرات، ثم التحقيقات، ثم محاكمات جديدة، والدول الأوروبية، لم تعد في حمل عمليات جديدة، وتفجيرات في المناطق المزدحمة.

هناك اقتراحات في دولا أوروبية، باحتجاز احترازى للعائدين. لكن في المقابل، هناك اتجاه آخر، يخشى من أن يسفر أي احتجاز من هذا النوع، عن فتح ملفات أخرى، منها سجل هائل من عمليات التعذيب التي جرت في سجون أوروبية، لمتطرفين قبل هروبهم إلى سوريا، والتحاقهم بجماعات مسلحة هناك.

هناك تخوفات أخرى، بعدما نشرت تقارير صحفية، أن دولا عربية، ربما استأجرت متطرفين أوروبيين للحرب في سوريا ضد بشار الأسد. تقارير ثالثة أشارت إلى أن أجهزة المخابرات الأمريكية، عقدت صفقات مع متطرفين إسلاميين، لإطلاق سراحهم من "جوانتانامو"، مقابل إرسالهم إلى الداخل السورى، ولصالح دول خليجية.

ما يخشاه المراقبون، أن تفتح الاحتجازات الاحترازية، ملفات ضد الولايات المتحدة، وبعض دول الخليج في إدارتهم الإرهاب في سوريا. ما يخشونه أيضا، أن ينتقل احتجاز المتطرفين العائدين بلا تهم، من قاعات المحاكم إلى الصحافة، بمزيد من التفاصيل عن تورط حكومات، تندد بإرهاب الأسد في سوريا، في عمليات إرهاب منظمة، ضد مدنيين على الأراضي السورية.

الأخطر، أن أغلب العائدين، سبق وانتموا إلى جماعات تتحد في التطرف الدينى، وتختلف في الأيديولوجية وفى التوجهات على الأراضي السورية. الخوف، أن تنتقل الصراعات بين هؤلاء، من سوريا إلى أوروبا، حيث يقيم العائدون، دون أن يخلعوا رداء المذهبية، أو فكرة الانتماء لجماعات متناحرة.

كلهم إرهابيون، لكن كلهم حتى الآن أبرياء. لذلك، يقف المجتمع الأوروبي مكتوف الأيدي، هل يدخل عش الدبابير، أم يترك الدبابير حتى تلدغ أولا؟

في بروكسيل، اكتفت المحاكم بإصدار أوامر مراقبة، لبعض العائدين. رد دفاع العائدين طلبات المراقبة، وقال إن موكليهم قد يفتحون ملفات، ربما تظهر أنهم كانوا يحاربون بناء على اتفاقات حكومية، وقد يتكلمون عن أموال وتدريبات تلقوها على أراض أوروبية، وقد يفضحون صفقات تمت معهم في مقرات سفارات عربية في الغرب.

الأزمة نفسها قد تتصاعد في الدول العربية. فالذين عادوا إلى أوروبا، من سوريا، مثلهم يعودون من سوريا إلى مصر وتونس والجزائر والمغرب واليمن، ولبنان، والأردن.. ما الذي يمكن أن تحدثه عناصر مسلحة، تشربت طرق الحرب، وقدرات المناورة، ومطاردات الجيوش النظامية، في الشوارع طوال ستة سنوات في سوريا؟
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan

الجريدة الرسمية