رئيس التحرير
عصام كامل

الفوضى وسيارات الإسعاف


أحد المقاطع المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر أحد الإنفاق بالخارج وأتوقع أنه في الصين أو في كوريا، هذا النفق يسير فيه صفين من السيارات، وعند وقوع حادث يفسح كل قائدي السيارات المجال لسيارة الإسعاف للوصول إلى موقع الحادث بكل هدوء وإحساس بالمسئولية، وتصل سيارة الإسعاف لتجد الطريق مفتوحا لنقل المصابين.. هذا كله في نفق ضيق لا يسمح إلا بمرور سيارتين وتمر الثالثة بينهما بالكاد.


إن الحضارة هي حضارة شعب وإحساسه بالمسئولية وتحملها، فلا يمكن أن نشعر بالمسئولية دون أن نتحملها، وكلما انخفض المستويات الحضارية للمجتمعات كلما ظهرت بينهم القيم غير الحميدة مثل اللامبالاة والإهمال، وإن لم يكن أيضا التنصل من المسئولية، بل عدم الاعتراف بها من الأساس.

عندما تمر عربة الإسعاف -ولا يمكن أن أعمم السلوك على كل المواطنين- فهناك من يقوم بعمل كل الجهود الممكنة من أجل إفساح الطريق حتى تمر عربة الإسعاف بسرعة.. والبعض الآخر لا يعطون للسيارة أي اهتمام، متناسين أن سيارة الإسعاف تحتاج إلى السير بسرعة لنقل المصابين لأقرب مستشفى، وأن الثانية الواحدة فاصلة بين الحياة أو الموت.

هل يمكننا أن نغير ثقافة البعض حتى نرى مجتمعنا أفضل؟ هل يمكننا أن نزرع قيما تسير على نهجها الأجيال القادمة؟ هل يمكن أن نحدث تغييرا على أرض الواقع بدلا من السلبية التي أصبحنا نغرق فيها؟

إننا قادرون على النهوض وما ينقصنا هو من أين نبدأ، والبداية من المواطن نفسه، فإذا بدأ كل واحد منا بنفسه بالتأكيد سيتأثر المحيطون بنا وستكون الاستجابة التي تدفع الآخرين إلى اتخاذ نفس السلوك الإيجابى.

النظام هو أساس كل شيء والفوضى هي أن يقوم كل فرد بعمل ما يروق له دون أن يلتزم بقيم جماعية وخصوصا وقت الأزمات الذي يتطلب عملا جماعيا مثمرا.. وهذا ما تعارف عليه الناس وقت الأزمات.

أتمنى أن أرى في مصرنا العزيزة النظام وأن نعزز ثقافة الطابور.. وأن نبتعد عن الفوضى التي أغرقتنا وضيعت مظاهر الحضارة التي تميزنا بها منذ آلاف السنين.
الجريدة الرسمية