رئيس التحرير
عصام كامل

بالوثائق.. «حلايب وشلاتين» مصرية.. الحكومة البريطانية تعترف عام 1924 بملكية المثلث لمصر.. الأمم المتحدة تجمد شكوي بادعاء السودان في 1954.. ووثيقة «الشاطر بصيلي» تنصف القاهرة

فيتو

بين الحين والآخر يثير الرئيس السوداني مشكلة حلايب وشلاتين، مدعيًا أن مثلث حلايب وشلاتين تابع للأراضي السودانية مهددًا بطرح القضية في التحكيم الدولي، مثيرًا بذلك أزمة بين البلدين الشقيقين مصر والسودان، لكن الوثائق والمستندات التي تحتفظ بها مصر تؤكد مصرية المثلث، كما أن مصر تفرض سيادتها على المنطقة التابعة لها.


اتفاقية 1899
الوثائق والمستندات تقول إن الحدود المصرية السودانية التي حددتها اتفاقية الحكم الثنائي بين مصر وبريطانيا عام 1899 تؤكد أن منطقة حلايب وشلاتين مصرية، فالتاريخ يؤكد بالوثائق أن السودان نفسها كانت بأكملها قطعة من مصر.

المستشارة هايدي فاروق والسفير مدحت القاضي أصدرا كتابًا بعنوان "حلايب وشلاتين"، وضعا فيه عددا من الوثائق التي تؤكد مصرية المنطقة، وتلك الوثائق تأخذ الطابع المحلي والدولي، وخاصة أن المستشارة هايدي هي مستشارة بالتحكيم الدولي ومستشارة سابقة بالرئاسة المصرية.

مستندات مصر
وتؤكد المستشارة هايدي في الكتاب أن مثلث "حلايب وشلاتين وجبل علبة" مصري منذ آلاف السنين، مشيرة إلى أن لدى مصر 15 صندوقًا من المستندات التي تثبت ملكيتها للأرض ومنها وثائق محفوظة بدار الوثائق السودانية نفسها في الخرطوم.

ويشير الكتاب إلى أنه وفقًا لوثائق الأرشيف البريطاني، فقد كان هناك رجل استخبارات بريطاني يدعي ونتر أرسل لحكومة بلاده يقول "إن هناك منطقة في مصر لا يوليها المصريون اهتماما وتسمي "حلايب وشلاتين"، وتسمي أرض الذهب لكثرة الذهب بها" وطلب ونتر من حكومته موافاته بسند يخرج به هذه المنطقة من حدود مصر لتغيرها، لكن الحكومة البريطانية ردت عليه عام 1924 قائلة "إن خط حدود مصر الجنوبي هو خط عرض 22 المستقيم تمام الاستقامة"، وبذلك كانت الوثيقة المؤكدة لتبعية حلايب وشلاتين للحدود المصرية، مشيرة إلى أن حدود مصر حددتها اتفاقية السودان بين مصر وبريطانيا والموقعة في 19 يناير 1899.

كتاب "حلايب وشلاتين"
كما تشير هايدي في كتاب "حلايب وشلاتين" إلى أن هناك نسخة وثائق مستخرجة من الأرشيف السوداني، وتسمي بقرار ناظر الداخلية مصطفى باشا فهمي في 25 يوليو 1902، أقرت في مادتها الثانية أن المثلث الذي يعيش عليه البشارية السودانية هو أرض مصرية.

خريطة ابن حوقل
ويذكر الكتاب أن هناك خريطة تسمي "ابن حوقل" لمصر، وهي قبل احتلال محمد على باشا للسودان، جاء فيها أن هناك أقوام البجة مقيمين منذ عهد الناصر محمد بن قلاوون كضيوف في ميناء عيزاب المصري.

خط عرض
وتؤكد الوثائق الموجودة بتركيا منذ الحكم العثماني تبعية حلايب وشلاتين لمصر، أن لها الحق في الأراضي السودانية بمقدار خط عرض كامل، أما اتفاقية السودان التي تم توقيعها في 19 يناير عام 1899 بين مصر وإنجلترا، وضعت خط عرض 22 شمالًا كحدود بين مصر والسودان، على خلاف الحقيقة لوجود خط آخر لتلك الحدود بفارق خط عرض كامل لصالح مصر في فترة الحكم العثماني، وذلك ما أظهرته فعليًّا الوثائق، ففي 13 فبراير عام 1841 ظهرت على الخرائط الحدود بين مصر والسودان، وهي حدود ارتبطت بالتسوية التي تمت بين القاهرة وإسطنبول بعد الحرب، وتمت على مرحلتين في مؤتمر لندن عام 1840، لتضع الدول الكبرى آنذاك خطوطها الأساسية، وقد أصدر الباب العالي بالآستانة فرمان 1841 جسد قرارات المؤتمر، ورغم أن الفرمان لم يشر لحدود مصرية سودانية، فقد كان ينظر إلى جنوب الوادى باعتباره مقاطعات ملحقة بمصر، إلَّا أن الباب العالي ألحق بالفرمان خريطة تبين حدود مصر الأصلية، وكانت تضم حلايب وشلاتين.

المكر السوداني
وتذكر المستشارة هايدي أن النِزاع حول "حلايب وشلاتين" المصرية بدأ عام 1958، حينما صدر قانون تقسيم الدوائر الانتخابية السودانية، والذي شمل هذا المُثلث، فأرسلت الحكومة المِصرية مُذكرة في الأول من فبراير عام 1958 جاء فيها أن هذه المناطق تخضع للسيادة المصرية، فلما لَمْ تَرُدْ الحكومة السودانية على هذه المذكرة، تقدمت الحكومة المِصرية بمذكرة أُخري (ثانية) في 13 فبراير عام 1958 بطلب استعجال الرد، وأشارت إلى أن الاستفتاء سيجري يوم 21 فبراير عام 1958، لذلك فالمسألة يقتضي إنهاؤها حتى يتمكن المواطنون من الإدلاء بأصواتهم، ولم ترد الحكومة السودانية على هذه المذكرة أيضًا، فأرسلت مصر مذكرة أخرى (ثالثة) في 16 فبراير عام 1958 لإخطار الحكومة السودانية بأنها (أي مصر) سَتُرسِل لِجان الاستفتاء إلى هذه المناطق.

وهنا اتصل رئيس وزراء السودان بوزير الداخلية المصرية وطلب إرجاء نِزاع الحدود إلى ما بعد الانتخابات السودانية، وهو ما وافقت مصر عليه، فقامت السودان حينما بتقديم شكوي لمجلس الأمن، ادعت السودان بأن مصر قد تنازلت عن هذا المثلث وأن مصر لم تجر فيها استفتاء رئاسة الجمهورية والدستور الذي تم في 23 يونيو عام 1956، وانتخابات مجلس الأُمة التي جرت في 3 يوليو عام 1957. وتناست السودان أن عضو مجلس الأمة عن دائرة حلايب فاز بالتزكية، وهنا قامت الأمم المتحدة بتجميد الشكوي السودانية ضد مصر.

منشور سري للغاية
وفي عام 1968 وقع تحت يد أحد الباحثين المصريين وثيقة عبارة عن منشور سري للغاية، وَزَعَته حكومة السودان على مديري مديرياتها عام 1954 تأمرهم فيه بإبادة جميع الوثائق التي تثبت حقوق مصر التاريخية على السودان. 

وهناك وثيقة "الشاطر بصيلي"، وهي وثيقة سودانية رسمية، توثق لاستقامة خط الحدود الجنوبي المصري، بما يؤكد ملكية مصر لمثلث حلايب وشلاتين.

الجريدة الرسمية