رئيس التحرير
عصام كامل

صلاح عيسى: دستور 2014 أهم مكاسب المرحلة الانتقالية.. والفوضى مصاحبة للثورات

فيتو

  • >> وجود عناصر متواطئة مع جهات أجنبية في ثورة يناير لا يسئ إليها 
  • >> السيسي يقود حربا حقيقية ضد الإرهاب و«مرسي» أفرج عن مجرمين وقتلة


يرى الكاتب الصحفى الكبير والمؤرخ السياسي والأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة صلاح عيسى، أن ثورة الخامس والعشرين من يناير وضعت أسسا يصعب التغلب عليها مثل دستور 2014، لافتا إلى أن الرئيس الأسبق حسنى مبارك كان لديه حالة من الجمود والركود ولا يميل إلى التغيير، مشيرا إلى أن هناك من يستغل الثورات لكى يحقق أهدافا لا علاقة لها بالثورة تمامًا.

وأوضح أن القوى السياسية التي تشترك في الثورة تبدأ الخلاف حول المستقبل بعد انتهائها، موضحًا في حوار مع «فيتو» أن الاستبداد تكلفته أعلى من أي شىء آخر ولو استمر مبارك لكانت الخسائر أكثر، مشددا في الوقت ذاته على أنه لا يوجد ثورات في العالم دون فوضى، موضحًا أن ثورة يناير كشفت جماعة الإخوان والكثير كان يعتبرهم مجرد فزاعة فقط.. وإلى نص الحوار:



> بداية.. في الذكرى السادسة لثورة يناير ماذا تبقى من الثورة في عامها السادس؟
تبقى الكثير سواء من ثورة يناير أو ثورة يونيو نظرا لأنهما حلقتان من ثورة واحدة، تبقى الكثير وما زال هناك أمل في أن يتحقق الكثير، تبقى دستور 2014 وهو دستور عصرى ينطوى على إصلاح الخلل في ترتيب العلاقة بين السلطات بشكل عام ثورة يناير وضعت قواعد وأسسًا يصعب التغلب عليها، منها أن مدة الرئيس أصبحت 4 سنوات، وأن له إعادة مرة واحدة، وأنهت فكرة أن يتولى الرئيس حتى يموت أو حتى يعزل، ومن أهم النتائج أصبح هناك درجة أعلى من الوعى السياسي لدى المصريين عما كانت عليه قبلهما، القوى السياسية التي اشتركت في الثورة والمواطنون العاديون أصبح لديهم شجاعة أكثر للمعارضة وشجاعة أكثر في الاعتراض على القرارات، لكنه مثلما هناك إيجابيات كثيرة فهناك أيضًا سلبيات من بينها وعلى رأسها أننا ما زلنا في وضع انتقالى ونخوض حربًا شرسة ضد الإرهاب إقليميًا ودوليًا.

> ما الذي استفادته مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير؟
الأهم في الثورات أننا نبدأ مرحلة جديدة عقب مراحل ركود طويلة في مصر وخصوصًا في عهد السادات ومبارك الذي شهد مراحل ركود سياسي وخاصة في السنوات الثلاثين في حكم مبارك، فقد كان تطور الأمور في مصر محلك سر، المنظومة السياسية لا يوجد بها أي تطور، والرئيس الأسبق مبارك كانت لديه حالة من الجمود والإصرار على بقاء الحال على ما هو عليه، وكان لا يميل إلى التغيير.

> كيف ترى اعترافات الغرب بأن ثورة يناير صناعة غربية وأنهم نادمون عليها؟
لا أحد يستطيع أن يقول إن الملايين التي نزلت في الشوارع في يناير ثم في يونيو كانت تنفذ مؤامرة غربية، فهذا اتهام للشعب كله أنه عميل نظرًا لأن الشعب كله كان بالشوارع وقتها، إما أن يكون هناك شخص ما في صفوف الثورة كان متواطئًا مع قوى أجنبية أو يعمل لحساب قوى أجنبية أو يحصل على دعم منها فهذه مسئوليات شخصية لا علاقة لها بالثورة، وإذا كانت المعلومات صحيحة يتم محاسبة من قاموا بذلك، وكثير من الثورات التي حدثت عبر التاريخ ثبت بعد ذلك أن هناك عناصر استغلت فرصة الثورة لكى تحقق أهدافا لا علاقة لها بالثورة، لكن هذا لم يصل للثورة نفسها أنها كانت تعمل لحساب قوى أجنبية.

> أين من أشعلوا شرارة ثورة الخامس والعشرين من يناير الآن؟
من تراث الثورة الفرنسية كلمة شهيرة ما زالت تتردد أن الثورات تأكل أبناءها كالقطط، فالثورة الفرنسية من فجروها في أوائل موجتها بعد ذلك حوكموا ثم جاءت عهود فقتلت من قتلوهم وحاكمتهم، هذه أمور طبيعية فمن الطبيعى أن القوى السياسية التي تشترك في الثورة بعد نجاحها تبدأ في الاختلاف حول المستقبل تختلف حول نصيب كل منها حول هذا المستقبل، فتبدأ الصدام فيما بينها.

ثورة 25 يناير ليست بدعًا من الثورات ولا مصر هي البلد الوحيدة التي حدثت فيها الثورة، مصر نفسها في الثورات السابقة في ثورة 1919، الوفد الذي قام بها اصطف حوله الجميع وسرعان ما حدث الخلاف بين سعد زغلول وعدلى يكن فبدأ كل منهما يهاجم الآخر أنصار عدلي يتهمون سعد بأنه زعيم الرعاع، وأنصار سعد يتهمون عدلي وأنصاره بأنهم برادع الإنجليز، هذه أمور طبيعية نظرا لأننا نمر في مراحل انتقالية، فعلينا أن نقبل ذلك.

> هل حققت ثورة يناير أهدافها التي قامت من أجلها؟
الثورات تهدم وتخلق خيالًا غير محدد.. ثورة يناير جزء من الارتباكات التي حدثت إنها عبارة عن انفجار شعبى عفوى غير منظم وغير واعٍ بشكل كافٍ، بدأنا نرى بعد ذلك جناح الإخوان يقفز على الثورة ويخفى جميع القوى المدنية الأخرى، رغم أنه لا يشكل أغلبية، يشكل أقلية لكنها كانت منظمة، لا نستطيع أن نقول نجحت تماما لكنها أسقطت نظاما كان لا يريده الشعب.

الثورة لم تحقق كل أهدافها هناك ما تحقق وهناك ما لم يتحقق، من بين الأهداف التي تحققت إنهاء النظام القديم، كما أن الشعب استرد جانبا من الوعى السياسي بدليل أنه تنبأ بخطورة تيار الإسلام السياسي من عام واحد فقط الذي كان يتصور أنه سيحكم مصر لمدة 50 سنة، فإذا بالشعب ثار ضده.

> لماذا يشعر الكثيرون بالندم على قيام ثورة يناير ويتمنون عودة مبارك للحكم؟
مبارك لم يكن عديم الأنصار كان هناك قوى سياسية واقتصادية تؤيد نظام حكم مبارك، وهذه القوى كانت ترى دائمًا أن الثورات تجلب الفوضى وعدم الاستقرار، وهو ما يؤثر سلبًا في النمو الاقتصادى وأن الثورات تكلفتها الاقتصادية عالية، وهى كلها أمور صحيحة في المدى القصير لكن في المدى الطويل الاستبداد كانت تكلفته أعلى، ولو استمر الاستبداد لكانت خسائرنا البشرية والمعنوية، والاقتصادية أكثر من ذلك بكثير، هؤلاء من يوم 25 يناير، وهم يقولون إن نظام مبارك أفضل وهم أيضا الذين يحاولون تحويل ثورة 30 يونيو إلى ثورة مبارك، وهذا ضد ما هو موجود، الفلول الذين كانوا في 25 يناير أعداء شاركوا في ثورة 30 يونيو، ونحن مجبرون على التحالف معهم نظرا لكونهم وقفوا ضد الإخوان، الإخوان خرجوا بعد 30 يونيو وتحولوا لأعداء، والفلول تحولوا لأصدقاء، علينا أن نحل ذلك بالتنظيم والمشاركة والوعى.

> ما أهم النجاحات التي حققتها ثورة يناير من وجهة نظرك؟
الأمر الأول هو القضاء على النظام الاستبدادى الذي كان قائمًا في نظام مبارك، النقطة الثانية هو دستور 2014، وثورة 30 يونيو والجماهير الشعبية التي استردت وعيها السياسي وملكت الجرأة، وأن يكون لها رأى ووجود أيضًا شكل من أشكال القيم الموجودة الآن، الحق في الاحتجاج السلمى، وأيضًا أننا البلد الوحيد الذي لا يعانى حروبًا أهلية واشتباكات، البلد الوحيد أيضًا الذي ما زال جيشه الوطنى قائمًا، ما زال به درجة عالية من الاستقرار، على خلاف الدول التي تعانى من مخاطر كثيرة مثل ليبيا سوريا واليمن وسوريا.

الثورة بالطبع حققت إنجازات كبيرة للغاية لكن المشكلة أن هناك من يبحث عن الثمرات وليس الإنجازات، ثمار ناضجة جاهزة، الثمرات بالطبع ستأتى لكن ضمن خطوات متدرجة وهو ما حدث في كل ثورات العالم.

> هل كانت ثورة 25 يناير سببًا في الفوضى كما يقول البعض؟
لا يوجد ثورات في العالم دون فوضى، هناك ثورات القصر وهى أن تنقسم شريحة على الأخرى وتأخذ منها الثورة، وهى تتم دون أي شكل من أشكال المشاركة الجماهيرية، لكنه في المجمل العام كل الثورات التي تحدث يكون فيها فوضى، ثورات القاهرة الأولى والثانية، حدث فيها فوضى، لا يوجد ثورات دون فوضى، لكن الأهم الآن هل هذه الفوضى ما زالت قائمة لدينا هي قائمة في سوريا في ليبيا في اليمن هل نحن ما زالت قائمة لدينا.. بالطبع لا.. جزء كبير أمكن السيطرة عليه، كل هذه أمور طبيعية لكننا نتعجل، أن يقول التاريخ كلمته وما زال أمامنا مرحلة حتى يقول التاريخ كلمته.

> هل ثورة يناير كانت سببًا في صعود جماعة الإخوان للحكم؟
بالطبع ثورة يناير كشفت عن أن الإخوان كانوا مستولين على المجتمع، في إطار معالجة خاطئة بدأت باتجاه الرئيس السادات في التحالف معهم والسماح لهم بالعمل مقابل ممارسة العنف وسحب البساط من تحت القوى اليسارية والناصرية التي كانت تعارضه، واستمرت في عهد مبارك الذي حافظ على جزء من هذا التحالف، حيث إن الإخوان أرحم من قوى التطرف الإسلامى التي تمارس العنف بشكل علنى مثل الجماعة الإسلامية وغيرها، وأنها من الممكن أن تستوعب طاقة الشباب المتدين.

> هل تعتقد أن ثورة يناير تسببت في ظهور الجماعات المتطرفة والإرهاب وداعش وغيره؟
الكشف عن وجود هؤلاء، جزء من ميزة الثورة، إعلام الإخوان يدعى حاليا أن السيسي هو الذي خلق الإرهاب، لكنه كلام مخالف تمامًا للحقيقة؛ نظرًا لأن السيسي هو الذي فضح وكشف الإرهاب، الذي كان موجودًا قبل ذلك، وأثناء حكم الإخوان تم الإفراج عن قتلى محكوم عليهم بالإعدامات وغيره في جرائم كبيرة، وإلى عودة ما يقرب من 2000 مصرى من المعروفين بالأفغان المصريين كانوا موجودين في أفغانستان وممنوعين من دخول مصر بسبب مشاركتهم في الإرهاب بأفغانستان.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية