رئيس التحرير
عصام كامل

اعتذر الصندوق.. لكن الحكومة لأ !


كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولى في مصر، قال الأسبوع الماضى كلاما خطيرا.. كلامه لابد أن يعيد أحاديث مطولة في قرض الـ 12 مليارا.. لابد أن يعيد الكلام في وجهات نظر حكومة أثبتت الأحداث أنها لم تكن على حق.. فلا أفاد القرض، ولا أحدث تعويم الجنيه رواجا اقتصاديا، أو بدايات إصلاح كما قال شريف إسماعيل.


تداعيات التعويم، المستمرة، أكدت أن شريف إسماعيل صفر على عشرين في الاقتصاد.. صفر على عشرين في التنبؤات المالية، صفر على عشرين في السياسات النقدية.

قال رئيس بعثة صندوق النقد كريس جارفيس، إنهم لم يتوقعوا انخفاض قيمة الجنيه المصرى إلى هذا الحد.

ما المعنى ؟
معناه، أن الأحوال الاقتصادية التي وصلنا إليها في مصر، ليست على ما يرام، وليست على نحو ما توقعه الخبراء قبل القرض، وقبل تعويم الجنيه.

المعنى الثانى، أن المجموعة الاقتصادية في حكومة شريف إسماعيل أساءوا التقدير، في اتخاذهم قرار التعويم.. المعنى الثالث، أن خبيرًا لا يتوقع، أو لم يعرف كيف يتوقع.. لا هو خبير ولا يحزنون.

الأساس في الخبرة، التنبؤ الجيد، والقدرة على اتخاذ قرارات صحيحة، بناءً على مؤشرات ومعطيات على الأرض.. هذا لم يتوفر، لا عند صندوق النقد، ولا عند طارق عامر، والمجموعة الاقتصادية في حكومة شريف إسماعيل.

رغم مرور شهور على تعويم الجنيه، وبدء دفعات قرض الصندوق، تصاعد الدولار، أكثر أمام الجنيه.. لم يتحقق كلام الحكومة، بانخفاض سعره ووصوله إلى 10.80 قروش، كما قالوا.

مزيد من انخفاض قيمة الجنيه، أدى لزيادات صارخة في أسعار السلع الأساسية.. وزير التموين أمس الأول، رفع سعر سكر وزيت التموين 2 و3 جنيهات على التوالى.

المؤشرات قبل عملية التعويم، لم تكن تشير إلى أي تحسن ممكن.. بعد كلام جارفيس، ممكن تصف الذين ساندوا عملية التعويم، بأنهم كانوا مثاليين إلى أبعد الحدود.

تعويم الجنيه مفترض أنه يرتبط بتدفقات دولارية إلى السوق، وانخفاض في خدمات الديون الخارجية، إضافة إلى رواج استثمارى.. العوامل الثلاثة كانت غائبة وقت قرار التعويم، وهى غائبة للآن.. لذلك، فالذي حدث أن أدى التعويم لانخفاض حاد في قيمة الجنيه، بدلا من خفض سعر صرف الدولار.

من الذي كان يجب أن يتوقع هذا؟ من الذي كان يجب أن يتنبأ بهذا؟ هل أنا وأنت، ومواطنو بطاقات تموين، ومحدودو دخل على باب الله، أم أنها مسئولية مجموعة اقتصادية في الحكومة تقول إنها لا تنام عملا على تحسين الاقتصاد ؟

لماذا يقول جارفيس كلامه النهاردة؟ هل يريد أن يقول إن الذي كان مفترضا أن يحدث لم يحدث؟ هل يريد الرجل بالمحسوس أن يقول: أنا آسف ؟

لا يهمنا أسف جارفيس، ولا مليون جارفيس.. في النهاية، ليس الخواجة مسئولا، ولا صندوق النقد غلطان.. المسئولية الكاملة على حكومتنا الهمام.. حكومتنا هي الغلطانة.. سرعة اتخاذ قرار التعويم، بالخلاف لألف باء اقتصاد كان أكبر خطأ.. استمرار نزيف الجنيه، ومزيد من فقدان قيمته بالسوق يومًا بعد يوم هي الأزمة.

ثم محدود الدخل لم يتضرر وحده، الحكومة خسرت أكثر.. القطاع الخاص، طلب إعادة تقييم كل العقود المبرمة مع الحكومة لأعمال قبل التعويم، اضطرت الحكومة لإقرار زيادات أضافت أعباءً بالملايين لم تكن في الحسبان قبل التعويم، على ميزانية الدولة، لم تكن في الحسبان.. قرار التعويم، أدى لزيادات كبيرة في ميزانية الصحة.. أضاف ارتفاع تكلفة طبع الكتاب المدرسى، ملايين أخرى عجزا على ميزانية التعليم.

لم يفضح رئيس بعثة صندوق النقد نفسه بكلامه، إنما الذي "اتفضح" فعلا هي حكومة قالت إنها تسعى لانعدال الحال.. فجابت "عاليها واطيها". 

اعتذر الأجانب، لكن الحكومة لم تعتذر.. قال جارفيس: إحنا آسفين.. بينما ما زال طارق عامر يكابر.
لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر !
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan
الجريدة الرسمية