رئيس التحرير
عصام كامل

«الفواعلية».. يحملون جبال الهموم وينتظرون الفرج «تقرير مصور»


أجلس بالساعات وبالأيام والأسابيع بل وتتعدى الشهور، وكل هذا من أجل لقمة العيش الحلال، ولا ينطلق لساني إلا بقول يا رب افرجها من عندك يا رب.


لا أعي برودة الجو في الشتاء ولا حرارة الشمس في الصيف، بل كل ما يعنيني هو كيف أعود إلى المنزل حاملا لأسرتي ما يسد جوعهم ويروي ظمأهم، وكيف سأحمل إليهم البهجة والسرور.


وأنا هنا جالس على الرصيف، من يراني يحسبني عاطلا من دون عمل، والحقيقة أني أملك صنعة يعجز كثيرون عن تحملها، وكلما حاولت أن أنسى همومي وكتمانها تفضحني دموعي وتنطق بما يعجز اللسان عن النطق به ويصعب على القلب تحمله، ولكن تهون كل المتاعب كلما أتذكر قول الله تعالي "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ".



طال الانتظار، ولكن ليس هذا حالي فقط، بل وجدت أن حالي يشبه الكثيرين ممن حولي من الناس الذين يفترشون الطرقات، وبين أيديهم معداتهم "الشاكوش والمطرقة والأجنة"، وتشابهت أحلامنا سويا وأصبح كل واحد منا يحلم ويجول بخاطره ما يجول بخاطر كل واحد منا.

فكلنا نمني النفس بأن نعود إلى البيت ومعنا قوت يومنا الذي يسد حاجتنا ويغنينا عن السؤال، حلم صغير لكن تحقيقه لأمثالي يكون مريرا ممزوجا بالمتاعب والآلام، ودائما ما أقول لنفسي إنني أشبه في تجوالي بالسائح الأجنبي الذي يتجول في كل مكان، ولكن الاختلاف بيننا أنه يتجول لينسى متاعب الحياة وقضاء وقت ممتع بعيدا عن متاعب الحياة ومشاقها، ولكن مثلي يتجول غارقا في متاعب الحياة، منغمسا فيها، فقط ما ينسينا هو إيماننا بأن "لقمة العيش مرة"، ولا بد من السعي إليها بكل وسيلة ترضي الله.


يغلبنا النعاس أحيانا مع طول الانتظار، ولكن التعب ما زال في أجسادنا والتفكير ما زال يراودنا، والأحزان تسيطر علينا، ونسأل أنفسنا: هل سيمر يومنا كغيره من الأيام من دون عمل في مكاننا؟.


هذا الشاب بدأت التجاعيد بالظهور على وجهه وبدا كالعجوز الذي كسا الشيب رأسه، وحفرت التجاعيد خطوطها الغائرة على وجهه، وملامح وجوهنا غابت كغياب الألوان عن الصور، كغياب الشمس عن الصباح، والشاب اندثرت أحلامه، وأصبح زهرة ذابلة من دون لون ولا رائحة.


مللت الانتظار، وبدأت الشمس في الغروب، ولم أجد اليوم ما يشفي صدري ويهون على همومي وأحزاني، أسير بخطوات بطيئة، يملأ قلبي الحسرة، وينهك جسمي التعب من جبال الهموم، أسير محبطا، محطم الفؤاد، وفاقد العزيمة، أسال الله أن يكون الغد أفضل حالا من اليوم والأمس.

الجريدة الرسمية