رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ناصر وخروتشوف.. والخردة في شركة النصر للكيماويات


بين مصر وإسرائيل في مجال الإنفاق على البحث العلمي مسافة هائلة، لصالح الأخيرة طبعا.. هذا يعني أن المستقبل للدولة العبرية أكثر إشراقا، وأشد تقدما.


البحث العلمي هو قاطرة النهضة، والتنمية.. ورغم أن مصر تمتلك بنية أساسية جيدة تصلح كقاعدة قوية لانطلاق البحث، من عدد وافر من الباحثين، والعشرات من المراكز البحثية، إلا أن البيروقراطية، وغياب الثقافة، وندرة التمويل، تحول دون تقدم مصر في هذا المجال.

الدكتور هاني الناظر، الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث، كشف أن ميزانية البحث العلمي في مصر لا تتجاوز نصف في المائة من الناتج القومي، بينما المادة 23 من الدستور تلزم الحكومة بتخصيص مالا يقل عن 3% من هذا الناتج للإنفاق على البحث العلمي.. أما إسرائيل فإنها تنفق ما لا يقل عن 5%، من ناتجها القومي الإجمالي، كأكبر إنفاق على مستوى العالم.

كان لدينا وزارة دولة للبحث العلمي في الوقت الذي نحتاج فيه إلى وزارة مستقلة، ولم يستمر الوضع طويلا فقد تم دمج وزارة الدولة مع "التعليم العالي"، في الوقت الذي نحتاج فيه أكثر مما مضى، إلى تضافر الجهود، وتهيئة الظروف للبحث العلمي.. وطبعا فلن يجد وزير التعليم العالي وقتا يصرفه إلى شئون البحث العلمي، فيكفية الكم الهائل من الجامعات الحكومية والخاصة.

يحدث هذا في الوقت الذي توجد فيه في كل الدول المتقدمة، والنمور الصاعدة، مثل ماليزيا وأندونيسيا والصين والهند، وزارات للعلوم والتكنولوجيا، وتوجه إليها نسبة معتبرة من الناتج القومي.

القوانين عندنا تمنع إنشاء مصانع داخل الجامعات، مع أن هذا الوضع موجود ومعتاد في العديد من الدول الصناعية المتقدمة.. أيضا لا تعترف المصانع والشركات لدينا بقيمة وأهمية البحث العلمي؛ لذلك تخلو من وجود إدارات بحثية، في الوقت الذي تحرص المصانع في أوروبا واليابان على احتضان مراكز بحثية ضخمة، وتنفق عليها الملايين.

الدكتور هاني الناظر فجر مفاجأة، في كلمته أمام الصالون الثقافي للجنة المصرية للتضامن، عندما كشف أنه كان وراء البحث الهائل للدكتور مصطفى السيد، العالم المصري الكبير، حول علاج السرطان بجزيئات الذهب.. فقد وفر له من عام 2007، الإمكانيات المادية عن طريق الدكتور على جمعة، في جمعية "مصر الخير"، والفريق البحثي الذي يتكون من 48 باحثا، والمعامل اللازمة.. وها هي مصر تجني ثمار التفكير العلمي، والإدارة التي تمتلك الإرادة للتغيير والتقدم.

نقطة ضعف كبيرة كشف عنها أيضا الدكتور هاني الناظر، وهي غياب التسويق في المراكز البحثية، حيث تحتاج الأبحاث المهمة إلى رؤية تسويقية، وضرب مثلا برئيس الجامعة الأمريكية في مصر حاليا، ريتشارد دوني، والذي كان سفيرا للولايات المتحدة في مصر، وهو يردد بكل فخر: "أنا عملي التسويق لهذا المكان، لكي يمكن جلب أموال له".

الدكتور السيد عبدالستار المليجي، نقيب المهن العلمية، كشف عن مفاجآت مثيرة، خلال كلمته في الصالون نفسه، والذي حمل عنوان "مستقبل البحث العلمي في مصر"، منها أن شركة النصر للكيماويات الدوائية، التي كانت توفر 80% من خامات الدواء في مصر، وكانت تمد المنطقة كلها باحتياجاتها من مستلزمات العقاقير الدوائية، صارت أثرا بعد عين، ولم تبق فيها سوى صورة الزعيمين المصري جمال عبدالناصر، والسوفيتي نيكيتا خروتشوف، في افتتاح الشركة، عام 1962.. فيما تحولت الآلات والمعدات إلى ما يشبه "الخردة". 

هذا ملخص لحال البحث العلمي في مصر، ووضعه لدى غيرنا، وفي المقدمة إسرائيل.
Advertisements
الجريدة الرسمية