رئيس التحرير
عصام كامل

شيوخ السجون أولى من شبابها.. مبارك وعاكف!


برغم جرائمهم.. وبالرغم من كونهم وراء تضليل أجيال من الشباب وبالتالي يقفون وراء جرائمهم بل وبالرغم مما ارتكبوه هم أنفسهم في شبابهم كحالة مهدي عاكف إلا أن مبدأ مراجعة ملفات المسجونين يجب أن يستند على معايير ثابتة وواضحة لا تتأسس فقط على ترتيب الأولويات وإنما توحيدها وانضباطها أيضا.. فمثلا لو المعيار هو الإفراج عمن لم تكتمل ضدهم أدلة الإدانة فكبار السن في هذه الحالة أولى. 


ولو كان المعيار هو "الشيخوخة وكبر السن" فليكن ذلك على الجميع وهنا يتساوي مبارك مع عاكف وغيرهما.. مبارك هاجمناه كثيرا كثيرا وهاجمناه في عهده أكثر من بعد رحيله عن السلطة ونحمله التراجع المصري في كل شيء حتى أن دولا عديدة لم تكن موجودة على أي خريطة سبقتنا في عهده من ماليزيا إلى سنغافوة وغيرها وغيرها، ولم يتيسر لهم ما تيسر لنا من إمكانيات ومساعدات وعندهم زيادات سكانية رهيبة بل أن هذا السبب غير مقبول لأن الحكام مهمتهم الأساسية مواجهة مشكلات بلدانهم وليس التحجج بها.

كما أن الزعم أن عصره كان أكثر أمانا فهذه أبسط واجبات أي حاكم.. ولكن عشوائية التخطيط والنهب واللصوصية والفساد دمروا البلد وسبقنا غيرنا ومبارك لا تنتهي الاتهامات ضده فهي لا أول لها ولا آخر وتستحق مجلدات.. ولكن إن كان معيار الإفراج عن المسجونين هو السن فالشرط ينطبق عليه مع غيره ممن تجاوزوا الثمانين من العمر.. أما إن كان المعيار هو "تدهور الحالة الصحية" فيكون الإفراج عن مهدي عاكف ضروريا وخصوصا أن كل المعلومات تشير إلى تدهور حاد في حالته الصحية وأنه في المراحل الأخيرة وبالتالي فنحن أمام سجين خارج دائرة الفعل وأنه تقريبا -والأعمار بيد الله وحده- بين يدي ربه ولم يتبق إلا الإجراءات الأخيرة وأسرته أولى بها !

سيقول البعض عن ضحايا الإخوان وعندهم عذرهم طبعا.. وسيقول البعض عن من لم يرحموا جنودنا وضباطنا ولهم عذرهم قطعا.. وكل الغاضبين لهم عذرهم.. ولكننا فعلا أمام واقع يقول بمراجعة الدولة لملفات المسجونين ولم نخترع هذا الواقع ولم نتسبب فيه ولم ندعو إليه.. ويبقي سلوك الدول غير سلوك العصابات.. وتبقي الدولة دولة والعصابة عصابة.. وتبقي الدولة المتحضرة كبيرة وعظيمة وعريقة.. حتى مع الجماعات الإرهابية الكبيرة العريقة..

موقفنا من مبارك والإخوان لا يقبل المزايدة على الإطلاق.. ولكن ونحن أمام "حالات" في النزع الأخير وباتوا خارج دائرة الحياة كلها فليس لنا إلا أن نقول الرحمة من العدل وأحيانا الرحمة فوق العدل أو تسبقه.. فالله سبحانه هو العدل وهو سبحانه الرحمن الرحيم.
الجريدة الرسمية