رئيس التحرير
عصام كامل

حكومتنا المقصرة التائهة !


تنظيم الأسواق وفق معايير وضوابط اقتصاد السوق بشفافية وحزم هو أهم واجبات الحكومة في ظل النظام الرأسمالي، وإذا أخفقت في ذلك فهي مقصرة، وهي مقصرة بالفعل، ومن ثم فقد آن الأوان أن تتدخل حكومتنا لتفعيل قانون حماية المستهلك ومنع الغش والاحتكار والمغالاة في الأسعار التي يمارسها البعض دون رادع من ضمير أو قانون.. على الحكومة أن تتدخل ليس بفرض تسعيرة جبرية فات أوانها ولكن بمراقبة السوق وتقليل الحلقات الوسيطة في النقل والبيع.. فما دامت الحكومة تتدخل لتحديد الزيادات في الأجور أحيانًا والأسعار أحيانا أخرى فعليها بالقدر ذاته التدخل لتوفير بيئة ملائمة تضمن كفاية تلك الأجور للاحتياجات ومواءمتها للزيادات المستجدة في الأسعار دون الإخلال بمبادئ اقتصادية بديهية..


لكن أن تترك المستهلك نهبًا للمستوردين تارة، والمنتجين والتجار تارة أخرى فهذا يخلق احتقانات اجتماعية تهدد -إذا استمرت بلا رادع- السلم الاجتماعي في مقتل.. فالأسعار لن تنخفض بمناشدة ضمائر المسيطرين على الأسواق، وإنما بسلطان القانون وسيادته على الجميع دون استثناء.. والدليل على ذلك أنه رغم انخفاض أسعار بعض السلع عالميًا فإنها تبقى هنا على غلائها الفاحش دون توقف، بل الأدهى أن ثمة سلعًا تنتج محليًا لا علاقة لها بالدولار ترتفع هي الأخرى بذريعة ارتفاع هذا الدولار.. والخلل هنا ليس في فساد الذمم والضمائر بل في تقاعس الحكومة عن أداء دورها وأوجب واجباتها في حماية الضعفاء من تغول الأقوياء، وكذلك غياب جمعيات المستهلك وجهازه الذي لا نرى لهما أثرًا في ظل هذه الفوضى العاصفة.

ولا يتوقع أحد أن تستقيم الأمور بهذه الصورة التي نراها؛ حيث تختل كفتا الميزان، بين ترك المواطن نهبًا للغلاء والجشع من ناحية، وضعف الموارد والأجور من جهة أخرى.. فهل يمكن لهذا المواطن أن يصمد في ظل هذه الفجوة التي نتسع يومًا بعد الآخر، ومن يعوض هذه الخسارة.. أتصور أن الحكومة تتحمل المسئولية في حماية الشعب من الغلاء والاستغلال الاقتصادي.. وأحرى بالبرلمان أن يلزمها بذلك إن هي تقاعست.. وإلا سنجد أنفسنا في مواجهة عواصف المجهول.. فالبطون الجائعة لا يمكن توقع ردود أفعالها ولا منتهى غضبتها.. الحكومة والبرلمان مطالبان بإعادة التوازن والاطمئنان والثقة لقلوب المواطنين بأسرع طريقة ممكنة.
الجريدة الرسمية