رئيس التحرير
عصام كامل

مصر في أسبوع


من الأخبار التي شغلت الرأي العام طوال الأسبوع التصريحات المتتالية للحكومة حول ما أسمته حل أزمة الدواء: مفاوضات بين وزير الصحة والشركات المنتجة للأدوية لها هدف واحد وواضح هو ترضية الشركات بتعويض بعض ما نقص من أرباحها، بسبب تحرير سعر الصرف وزيادة سعر الدولار خلال عام بنسبة 300%.


الصيادلة كانوا بعيدين عن الصورة فضغطوا بقوة بإعلان إضراب بدءًا من 15 يناير والهدف الواضح تحقيق بعض المكاسب، ومنها زيادة نسبة الربح للصيدلي واسترداد قيمة الأدوية منتهية الصلاحية.. يوم الثلاثاء، أمر رئيس الوزراء يتشكيل لجنة من أطباء وصيادلة خبراء لدراسة قوائم الأدوية وتحديد أدوية الأمراض المزمنة وقوائم الأدوية التي ستزيد أسعارها، وبعد أقل من 24 ساعة يبدو أن اللجنة تشكلت واجتمعت وراجعت أكثر من أربعة عشر ألف صنف مسجل، ورصدت ما هو متوفر وما هو مزمن، ثم يوم الأربعاء تم إعلان ملامح التسعيرة، ويوم الخميس القوائم النهائية!.

يوم الخميس أيضًا تمت الموافقة على زيادة نسبة ربح الصيدلي لإيقاف الإضراب.

للأسف ما يتم عمله الآن هو مجرد مسكنات سينتهي مفعولها سريعًا، وعاجلًا أو آجلًا ولا بد لنا من مواجهة الأسباب الأساسية التي تسبب المشكلة وهى:

1. زيادة استهلاك الدواء وفوضى صرف الدواء الموجوده في مصر دونا عن كل بلاد العالم المتقدم ومعظم الدول العربية.

2. طريقة التسعير لكل دواء على حده والفساد الموجود في التركيبة السعرية المتغيرة.

3. قواعد التسجيل التي تسمح بالعدد الكبير من المثائل والتفاوت الكبير في السعر وحجز أماكن دون إنتاج وعدم تسجيل أدوية حيوية نظرًا لغلو السعر خاصة أدوية الأورام.

4. السياسة الدوائية السيئة وعدم وجود رؤية أو خطة للحفاظ على الأمن القومي الصحي والاكتفاء الذاتي من أدوية الطوارئ والأمراض المزمنة.

5. عدم وجود هيئة للدواء والغذاء أغلبية مجلس إدارتها ليست من ذوي المصالح (السياسي والمنتج والموزع والبائع) تضع الإستراتيجية وتمنح التراخيص وتتأكد من الرقابة.

مقترحات حل الأزمة:
على المدى القصير:

1. ضمان توافر أدوية الطوارئ والأمراض المزمنة لـ٦ شهور على الأقل وأن يتم إعداد قائمة بها وتكون لها الأولوية المطلقة في الاستيراد والإنتاج.

2. منح تحفيض جمركي وضريبي بنسبة ٥٠٪‏ على مستلزمات أدوية الطوارئ والأمراض المزمنة وبنسبة ٢٥ ٪‏ على باقي الأدوية لمدة عامين لتخفيف آثار تحرير سعر الصرف.

3. تجريم زيادة أسعار الأدوية المنتجة قبل ١/١٢ /٢٠١٦.

4. اعتبار الأدوية أولوية أمن قومي في توفير الاعتمادات البنكية من العملات الصعبة كسلع إستراتيجية.

وعلى المدى المتوسط والبعيد:
1. قصر التسجيل على ٥ مثائل للتركيبة الفعالة

2. إلغاء التسجيل لكل عقار لم يتم إنتاجه بعد سنة من التسجيل، مع وضع حد أدنى لكمية الإنتاج في الترخيص.

3. وضع قواعد تسعير شاملة تحدد الحد الأقصى للربح بـ٥٠٪‏ من سعر المنتج النهائي تقسم ٢٠٪‏ للإنتاج و٥٪‏ للتوزيع و٢٥٪‏ للبيع، وتشديد الرقابة على صحة بيانات التكلفة وإلغاء الترخيص والغرامة في حالة المخالفة مع وضع حد أقصى للتفاوت في أسعار المثائل لا يزيد عن ٣٠٪‏.

4. منع بيع الدواء دون وصفة طبية من طبيب مرخص، وعدم تجديد الصرف إلا بموافقة الطبيب والصرف بالعدد وليس الشرائط والعبوات.

5. منح محفزات كبيرة لإنتاج أدوية الطوارئ والأمراض المزمنة كحق انتفاع بالأراضي وإعفاء جمركي وضريبي لمدة ٥ سنوات خاصة للإنسولين وألبان الأطفال وغيرها من المنتجات الإستراتيجية.

6. إنشاء المجلس الطبي العام الذي تتبعه هيئة الدواء والغذاء على أن يكون أكثر من نصف أعضائها من غير أصحاب المصالح.

وما زالت أخبار نقابة المعالجين الطبيعيين تثير الدهشة وتدفع للتساؤلات المشروعة حول من يقف وراءها ويجعل وزير الصحة يقدم لها قوانين دون وجه حق ويجعل لجنة الصحة في البرلمان تضع هذه المشروعات على قمة أجندهات، في وقت أزمات الصحة وتعطي موافقات مبدئية على مشروعين يحملان تدميرًا للصحة والتعليم وصندوق معاشات اتحاد المهن الطبية.

هذا الأسبوع تم تقديم بلاغ للنائب العام بحجة أن قيادات نقابة الأطباء تدعو للتظاهر وإهدار المال وتكدير السلم العام، لفت نظري التزوير الواضح في صيغة البلاغ حيث إدعى زميلين أنهما حاصلان على الدكتوراه واصفًا نفسه بلقب دكتور دون وجه حق، ثم محتوى البلاغ الذي يدعى فيه نقابيان أنهما لا يعرفان معنى كلمة جمعية عمومية طارئة، وهى التي دعى إليها مجلس إدارة اتحاد نقابات المهن الطبية يوم 20 يناير 2017، لبحث كيفية الرد على محاولة الحكومة فرض المعالجين الطبيعيين على اتحاد نقابات المهن الطبية، رغم رفض الجمعية العمومية للاتحاد لذلك. 

وهى المحاولة التي يقودها وزير الصحة الحالي الذي قدم بنفسه مشروع قانون لذلك ومرره في مجلس الوزراء، رغم أن ذلك لا يخص وزارة الصحة وليس له علاقة بصحة المواطنين، ويحمل الكثير من علامات للاستفهام حول ما يقوم به وزير الصحة.

ينص قانون الاتحاد رقم 13 لسنة 83 في مادته الرابعة على: "ويدعى الأعضاء لحضور الجمعية العمومية عن طريق النشر قبل اليوم المحدد للانعقاد بأسبوعين على الأقل في صحيفتين يوميتين، ويبين في الدعوة زمان ومكان الاجتماع وجدول الأعمال، ويعاد النشر بنفس الطريقة في اليوم السابق للاجتماع ويجوز للمجلس النشر بأية وسيلة أخرى يراها مناسبة ". 

فقد نص القانون على طريقة اتخاذ قرار الدعوة وحتمية النشر في الصحف الذي يدعى سيادته بهتانًا أنه إهدار للمال العام ثم ننظر إلى اتهامات سياسية لا علاقة لها بالعمل المهني، الذي تقوم به الجمعية العمومية للاتحاد لحماية أموال معاشات 700 ألف أسرة مصرية، وقد أخطأ الأستاذان فلم يتهما من أعضاء مجلس إدارة اتحاد المهن الطبية الإثنى عشر الذين اتخذوا بالإجماع قرار الدعوة للجمعية العمومية الطارئة غير اثنين من الأطباء، وضم إليهم ثلاثة أطباء آخرين ليظهر جليًا أن مشكلتهما مع الأطباء.

أما الاتهام بالدعوة وهو أحد طرق التعبير السلمى عن الرأي الذي كفلته المادة 65 من الدستور: "حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر".

وفصلته المادة 73: "للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أي نوع، بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون."

فهو حق دستوري لكل مواطن، وحكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية منع هذا الحق، ومن قراءتي للبلاغ والتهم الزائفة أنه مجرد محاولة يائسة لمنع أعضاء اتحاد المهن الطبية من منع مافيا الفساد من العبث بحقوقهم المهنية قبل حقوقهم المالية.
الجريدة الرسمية