رئيس التحرير
عصام كامل

هاشمي رفسنجاني.. رحيل عدو مرشد إيران ومهندس الصفقات «بروفايل»


رحل اليوم أحد أهم قادة الثورة الإسلامية في إيران آية الله على أكبر هاشمي رفسنجاني، أحد أقطاب صناعة القرار في جمهورية الخميني، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام.


كان الخميني يصفه بأنه "عقل الثورة" فيما يصفه المثقفون الإيرانيون بـ"كاردينال السياسة الإيرانية الأشيب"، ويصفه خصومه بـ "سمك القرش"، أما الشارع الإيراني فيطلِق عليه لقب"أكبر شاه".

حياته:

ولد على أكبر هاشمي رفسنجاني في أغسطس، ١٩٣٤، بقرية بهرمان بوق تابعة لمدينة رفسنجان، محافظة كرمان جنوب شرق إيران وهي المحافظة الحادية والثلاثين.

ينتمي رفسنجاني إلى أسرة متوسطة الحال، في قرية «نوق» ببلدة «بهرمان» التابعة لمدينة رفسنجان، التي تشتهر بمحصول الفستق، الذي يعد أجود أنواع الفستق الإيراني.

العمامة البيضاء

يتميز هاشمي رفسنجاني بأنه صاحب العمامة البيضاء، ولا يلبس العمامة السوداء كمعظم رجال الدين في إيران، لأنه ينتسب إلى أهل بيت.

تلميذ الخميني

بدأ رفسنجاني تعليمه الابتدائى ومقدمات العلوم الدينية في رفسنجان وكرمان، ثم أكمل تعليمه في معهد قم الديني، وتتلمذ على يد روح الله الخميني. تخرج في نهاية الخمسينيات برتبة "حجة الإسلام" وهو مستوى أقل من "آية الله" بدرجة واحدة.

الثورة ضد الشاه
كان هاشمي رفسنجاني من قيادات قم التي تعارض الشاه، فسار على خطى أستاذه الخميني في معارضة محمد رضا شاه بهلوي، واعتقل رفسنجاني أكثر من مرة لتوليه إدارة القوى المؤيدة للخميني في إيران.

وكان رفسنجاني بطبيعته يعشق العمل الإعلامي وقد نجح بمعاضدة أصدقائه في إصدار نشرة باسم «مدرسة التشيع».

البرلمان الإسلامى

بعد سقوط الشاه وتولي الخميني للحكم عين رفسنجاني في مجلس الثورة، وشارك في تأسيس الحزب الجمهوري الإسلامي مواجهًا علمانية متصاعدة وقتذاك، وتسلم منصب مساعد وزير الداخلية في حكومة مهدي بازركان أول حكومات ما بعد الثورة.

ومن ثم انتخب رئيسا لأول برلمان إسلامي وتولى هذا المنصب لمدة سنوات، وخلال الحرب الإيرانية ـ العراقية، كان رفسنجاني إلى جانب رئاسة البرلمان، القائد الأعلى للقوات المسلحة بالوكالة في الفترة من (1988-1989).

علاقته مع أمريكا

تعززت سلطته عند نشوب الحرب مع العراق (1980-1988) فأجرى اتصالات غير مباشرة مع الأمريكيين من أجل الحصول على أسلحة، كما أنه بفضل ارتباطاته وعلاقاته الدولية ظل رقما صعبا في معادلة القوة بإيران.

ورفسنجاني هو الوحيد بين رجال الثورة الإيرانية الذي فتح حوارًا مع الأمريكيين خلال اتصالات سرية اشتهرت في ما بعد بـ«إيران جيت»، في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان.

رئيسا لإيران

وفيما كان الخميني على فراش الموت، انتخب رفسنجاني رئيسًا لجمهورية الإيرانية في 1989 بنسبة 95 بالمائة من الأصوات، وعمل على تخليص إيران من مشكلاتها الاقتصادية بالانفتاح على العالم والاعتماد على مبادئ السوق الحرة، وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية.

وأعيد انتخاب رفسنجاني لفترة رئاسية ثانية عام 1993 وانتهت عام 1997، وله نفوذ كبير في مؤسسات الدوله وله أيادي كثيرة في الجيش والحكومة.

الصراع مع الرفيق

دخل هاشمي رفسنجاني في صراع مع رفيق الثورة والمرشد الاعلي في إيران على أكبر خامنئي، لهيمنة على قرار السياسي في إيران، بعد الخميني.

ويعرف هاشمي رفسنجاني، بأنه داعم للإصلاحيين، فهو ينظر إليه على أنه «أبو الإصلاحيين»، وقد تحدى رفسنجاني خامنئي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 1997، فهو من لعب دورًا أساسيًّا في انتخاب الإصلاحي محمد خاتمي لرئاسة الجمهورية في وجه مرشح المحافظين أكبر ناطق نوري عام 1997.

ودعم المرشد على خامنئي لأحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية 2005، كان بداية بداية مفترق الطرق بين رفسنجاني وخامنئي.

وبعد خسارته انتخابات الرئاسية في 2005، وضع رفسنجاني، نفوذه وماله ومؤسساته الإعلامية وجميع إمكانيته في خدمة الإصلاحيين، ودفع بمير حسين موسوي، رئيس الوزراء الأسبق، إلى الانتخابات الرئاسية في 2009 التي انتهت بالتمديد لنجاد لكنها تمخضت عن ظهور المعارضة الإصلاحية في البلاد.

انتخابات 2009

ومثل اندلاع التظاهرات بسبب نتائج الانتخابات الرئاسية، لفت رفسنجاني انتباه المحتجين بانتقاداته اللاذعة لحكومة أحمدي نجاد.

ودعا رفسنجاني من مدينة مشهد إلى إعادة ثقة الأمة بالنظام وإطلاق السجناء وتعزيز الحريات، كما ألمح إلى أن شرعية «الولي الفقيه» منوطة بقبول الأمة له.

2011 عودة شاه الثورة

مع بداية الاحتجاجات في العالم العربي خلال 2011، عاد رفسنجاني بشكل أكبر قوة وأكثر نفوذًا، مع تقدم السن بالمرشد الأعلى على خامنئي، وانتخاب المرشح الإصلاحي حسن روحاني رئيسا لإيران في 2013، والذي كان يحظى بدعم رفسنجاني.

ودعم رفسنجاني الاتفاق النووي مع القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وقال: "إن الاتفاق المؤقت الذي توصلت إليه إيران مع القوى الـ6 الكبرى في جنيف بشأن برنامجها النووي، كان الخطوة الأصعب لأنه تغلب على عقود من القطيعة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

ونشر موقع "رفسنجاني" على الإنترنت تصريحات الرئيس الأسبق الذي وصف الاتفاق النووي بأنه خطوة كبيرة بإمكانها أن تذيب الثلوج في العلاقات بين الغرب، وبين أمريكا وإيران على وجه الخصوص.

ويعتبره البعض في إيران وخارجها أنه صانع الملوك لأن له اليد الطولى في وصول المرشد العام على خامنئي إلى منصبه بعد وفاة الخميني عام 1989، وتبوأ الإصلاحي محمد خاتمي الرئاسة في العام 1997، إضافة إلى دوره في تعيين مناصب رئيس فيلق القدس ورئيس أركان الحرب ورئيس الاستخبارات.

تأسيس الأذرع المسلحة
لعب هاشمي رفسنجاني دروا في تاسيس المعارضة العراقية المسلحة في ثمنينات القرن الماضي، فقد ساهم في تأسس فيلق بدر العراقي بقياده محمد باقر الحكيم داخل الأراضي الإيرانية وكان عدده يزيد الـ40 ألف ودربهم لمحاربة صدام.

كما شارك في تأسيس حزب الله ودعم موسى الصدر في لبنان، وسحب حزب الله من حركة أمل الشيوعية القومية، وأسس حزبًا إسلاميًّا اسمه حزب الله في لبنان، وأحضر مقاتلين من لبنان من حزب الله لقتال العراقيين آنذاك، ومن اشتري صفقة السلاح الإسرائيلية لإيران في بداية الحرب العراقية الإيرانية.

وهو من دعم أرمينيا المسيحيه بالمال والسلاح ضد جمهورية أذربيجان الشيعية الإسلامية بسبب الصراع على النفط في بحر قزوين بين تلك الدول.

الملك الرابع

في الغرب، حينما يتحدَّثون عنه، يستشهدون بنبوءة دانيال الواردة في التوراة والتي تقول: "في الأيام المقبلة سيظهر في بلاد فارس ثلاثة ملوك، ومن بعدهم سيظهر الملك الرابع -رفسنجاني- والذي سيكون أكثر منهم ثراءً بكثير".. حتى إنَّ مجلة "فُورِبْس" الأمريكية وصفته في 23يوليو2003 بأنه واحد من أغنى أغنياء العالم، وهي المجلة المختصة بتتبُّع نشاط الأثرياء من أصحاب المليارات على الصعيد العالمي..

وتشير تقارير إلى أنه يمتلك منتجعاتٍ بحرية على شواطىء دبي وتايلند وغُوا أشهر مدينة سياحية في الهند.

ويمتلك رفسنجاني شبكة من الجامعات التعليمية الخاصة المعروفة باسم "جامعة آزاد الإسلامية"والتي لها أكثر من 400 فرع في إيران وفي الخارج، ومنها فروع في الإمارات العربية المتحدة ولبنان وبريطانيا وأرمينيا وتنزانيا.

عائلته

تزوج رفسنجاني قبل نحو نصف قرن من عفت مرعشي، ابنة آية الله مرعشي، من كبار علماء كرمان، وأنجبت له ثلاثة أبناء، هم محسن ومهدي وياسر، وابنتين هما فاطمة وفائزة المعروفة بشجاعتها وأفكارها الليبرالية.

الجريدة الرسمية