رئيس التحرير
عصام كامل

فاتن حمامة تكتب: قيراط حظ ولا فدان شطارة


في مجلة الجيل عام 1953 كتبت الفنانة فاتن حمامة مقالا قالت فيه:

يختلف الناس في نظرتهم إلى موضوع الحظ، أوالبخت كما يقولون، فبعضهم يرى أن الجهد والاجتهاد هما مفتاح النجاح والوصول إلى المجد، والبعض الآخر يعتقد أن البخت وحده هو الذي بيده كل شيء يرفع ويخفض، يعز ويذل. وأنا مع الأسف من رأى هذا البعض الآخر، إليكم قصتان واقعيتان تؤيدان رأيي:


كنت وزوجي سيارتنا في ورشة ميكانيكية كبيرة يشتغل بها أكثر من مائة عامل ودفعنا أجرة التصليح وتسلمنا السيارة، وقال زوجي تعرفي حكاية صاحب الورشة دي إيه؟ ده اتخرج هو وأخوه الأصغر من كلية الهندسة، وكان أخوه من النوابغ، ورفض الاشتغال في الحكومة وفتح محلًا صغيرًا لتصليح السيارات.

أما الأخ الأكبر فقد عمل في هذه الورشة التي كان يملكها رجل ألمانيًّا، وبعد الحرب العالمية الثانية كتب الألماني الورشة بعقد صوري باسم هذا المهندس ثم اختفى ولم يظهر حتى اليوم.. بذلك استولى صاحبنا على تلك الورشة بلا عناء ولا جهد، أما الأخ النابغة فقد أفلس وأغلق محله واضطر للعمل عند أخيه مهندسًا أجيرًا.

قلت وأنا أضرب كفًا على كف صحيح قيراط حظ ولا فدان شطارة.. والقصة الثانية زارتني صديقة عزيزة إنسانة مثقفة تشغل منصبا حكوميًا لا بأس به اعترفت لي بضيقها من الحياة وأنها أصبحت تفضل الموت فقد نشأت طموحة كبيرة الآمال وجاهدت حتى نالت شهادتها الجامعية وظلت تنتظر الزواج من رجل محترم وعظيم دون جدوى.. في حين أن شقيقتها رفضت تعب المذاكرة والتعليم ومع ذلك فقد أتاها الحظ المدهش فظفرت بزوج ممتاز ثري يشغل منصبًا كبيرًا، والعجيب في الأمر أنه كان يتردد على العائلة بحكم معرفته بالشقيقة المتعلمة ومع ذلك اختار الجاهلة بالرغم من أنها ليست الأجمل.

لم يسعني إلا أن أطيب خاطر هذه الصديقة العزيزة وأشجعها، ثم أرى في مشكلتها مايدعوني للإيمان بالحظ والبخت.. وعندي حق.
الجريدة الرسمية