رئيس التحرير
عصام كامل

كل ثورة وأنت طيب !!


7 سنوات على ثورة يناير، كل عام وأنتم بخير، لكن ما الذي يمكن استخلاصه من تجربة "يناير"، مع اقتراب ذكرى يناير؟

أولًا: سقوط حاد لما سمي في وقت ما بشباب الثورة، فشل منقطع النظير لمن كانوا في صفوف معارضة الدولة قبل عام 2011، بعد سبع سنوات، لا أحزاب قادرة، ولا سياسات ظاهرة، لا تواجد في الشارع، ولا ظهور لدى المواطن.


قبل 2011 تحججوا برقابة النظام وتضيقه، بعد سبع سنوات من الثورة، ما زالوا يتحججون بتضييق النظام، ورقابته، رغم أن النظام تغير 3 مرات تلك الفترة، ومع أن الدولة تعرضت لمحاولات هدم خلال تلك الفترة.

ثبُت أن "يناير" كانت محنة، لم تكن لا محاولة للديمقراطية، ولا ثورة على الفساد، ثبت أن كثيرين ممن قالوا إنهم ثاروا على الفساد، كان راغبون في فرصة فساد، آخرون كانوا طلاب مصلحة، وآخرون "ركبوا" في محاولة "أي مكسب".

سبع سنوات على الثورة، كفيلة بأن تسقط صورة "الثوار" في ذهنية الشارع.

ثبُت أيضًا أن "الناصريين" في مجتمعاتنا فيهم "سم" قاتل، وأن مفاهيمنا عن "الحريات" في حاجة إلى إعادة نظر. أغلب من نادوا بالحريات، وتكافؤ الفرص من المحسوبين على يناير، مارسوا تضيقًا لا يمكن إنكاره في كل مما تولوه من مسؤليات بعد الثورة، ومارسوا "محسوبية" أيضًا لا يمكن تخيلها.

يكفي أن كل من أدانوا محاولات توريث الحكم قبل يناير، كانوا هم من ورثوا السياسة والوظائف، وحتى بطولات أفلام السينما، وأعمدة المقالات في الصحف لأبنائهم، وأبناء أخوانهم، وأخواتهم، وحتى ربائبهم اللاتي في حجورهم.

كل سنة وأنت طيب، وقلبك أبيض، يناير تكشف نفسها بنفسها، العام المقبل، غير النهارده.. ستضح مزيد من الرؤى.. و تترسخ مزيد من النتائج، في الشارع لو أتى أحد بسيرة "الثورة" الآن ممكن يضربوه بـ "الجزمة". سنة أخرى، ولا تدري ما الذي ممكن أن يفعلوه في الشارع بالذي يتكلم بلكنة "ثورية" في الشارع.

الدولة الآن تتعرض لضغوط، وهناك ما يحاك ضدها.. هذا صحيح، لكن الصحيح أيضًا أن هناك أخطاء من بعض التيارات في الدولة، لا يمكن إغفالها، مثلًا استمرار الخلط بين ما يمكن تسميته بتيار"القوى التقليدية" وبين "نظام مبارك" خطأ إستراتيجي. تيار القوى التقليدية هم أتباع الدولة، أو الداعون لصيانة الدولة وحفظ مؤسساتها، مع الدعوة إلى مزيد من الإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية، سواء في عهد مبارك أو في عهد السيسي.

القوة التقليدية، هم الذين ناصروا الجيش، في الوقت الذي كان فيه شباب الثورة يهتفون في الميادين "يسقط حكم العسكر"، ليس من مصلحة الدولة خسارة "القوة التقليدية" في السياسة، ولا في الشارع، مفترض أن "أبتاع القوى التقليدية" هم الظهير الشعبي الحقيقي للدولة في أي وقت، سواء ضد الإخوان، أو ضد من يسمون أنفسهم "اليسار"، أو ضد شباب ثورة كان طالب مصلحة، وسبوبة "سياسة".

التماهي الذي حاول شباب يناير إحداثه، بين مفهوم القوى التقليدية، وبين نظام مبارك انطلق من نيات ليست خالصة، فترة ما، أطلق شباب يناير والإخوان مصطلح «الدولة العميقة»، و رسخوا في اعتقاد الكثير أن مفهوم "القوى التقليدية" هو بالضرورة مرادف لفساد نظام مبارك، ورموز نظام مبارك وفلول نظام مبارك.

أظهر شباب يناير أنفسهم في مواجهة ضرورية، مع الدولة العميقة، والقوى التقليدية لإنجاح «الثورة»، وصدروا معادلة تقول إن بقاء القوى التقليدية، على الأرض، يعني بالضرورة «سرقة الثورة».

نظام مبارك، سقط، وانتهى، ولم يعد له لا تكتلات، ولا خطط، من كان مؤمنا بالدولة في عهد مبارك، رغم أخطائها، هو من لا يزال مؤمن بالدولة في عهد الرئيس السيسي، العداء المكتوم بين قوى يناير والقوى التقليدية، الآن، ليس نزاعًا بين رجال مبارك وبين شباب الحريات، على حد ما لا يزال شباب يناير يصدرونه.

لا يجب أن تخسر الدولة "القوى التقليدية"، هؤلاء هم الداعون لقوة الدولة، وسيطرتها، وإقامة مؤسساتها، وتعديل مسارها مع الوقت، وحسب الظروف و المواءمات، مقابل بينما تيار«اليانايرجية» يتكلم عن الحريات، ويخلط بينها وبين العنف ضد السلطة، يتحدث عن العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، بينما لا يمارس أي نوع من أنواع العدالة وتكافؤ الفرص داخل صفوفه..فلا عدالة في أحزابهم، ولا تكتلاتهم.. لا تكافؤ فرص، ولا مكان لديهم للرأي الآخر.

واقع الأمر أن 30 يونيو كانت بطولة مطلقة للقوى التقليدية، استهدفت القوى التقليدية في يونيو جماعة الإخوان، وشباب يناير الذين تحالفوا مع الإخوان، وظلوا في مكاتبهم، وتنسيق معهم، وبقي بعضهم في برلمانهم حتى ساعات قليلة قبل 30 يونيو.
كل عيد ثورة وأنت طيب.
Wtoughan@hotmail.com
Twitter: @wtoughan
الجريدة الرسمية