رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

خريطة التحالفات والخلافات في العام الجديد.. مصر تبتعد عن «الخليج».. إحياء حلف «القاهرة –بغداد» و6 دول مرشحة للانضمام.. ووساطة الإمارات والكويت «محاولة أخيرة» للتهدئة


 إحياء حلف «القاهرة –بغداد» و6 دول مرشحة للانضمام
 العراق يريد العودة لمحيط أمته ويرفض تركه كمستعمرة لإيران
تميم بن حمد يترك المشهد السياسي لإفساح الطريق لـ«الأمير الصغير»


الخلافات بين مصر والسعودية، لم تعد قاصرة على التسريبات الصحفية على لسان مصادر مجهلة من هنا أو هناك، تهرول خلفها بيانات رسمية تكذبها وتؤكد عمق العلاقات بين القاهرة والرياض واستقرار التحالف الإستراتيجي بين أكبر دولتين في المنطقة، لكن سياسة “الكيد الدبلوماسي” أصبحت هي الحقيقة الوحيدة وسط سيل التكهنات المتعلقة بسيناريوهات المستقبل، الذي يؤرق الجميع بلا استثناء.

المخاوف من تزايد الأزمات، ووصولها لدرجة “الطلاق البائن” وصل إلى عواصم عربية أخرى، لم تخف انزعاجها من تفكك المنطقة في حال حدوثه وسط موجة عاتية من المشاريع الأخرى التي تتصارع على قيادة الشرق الأوسط بهدف جعله “قميص عثمان” لعقد الصفقات مع الغرب.

أسباب الخلاف
المعلومات الشحيحة المصاحبة لحالة الخصومة السياسية واختلاف الرؤى بين الرياض والقاهرة، ركنت إلى مسببات واهية منها تصويت مصر لصالح قرار روسى بشأن حلب في مجلس الأمن، وآخر اعتمد على الرفض المصرى الواضح للحل العسكري باليمن، إلى آخره من سيل الأسباب التي طالعتنا بها وسائل الإعلام على لسان المحللين والخبراء.. بعدما بدأت خطوات التصعيد بتجميد شحنات النفط الواردة للقاهرة من شركة أرامكو، ووصلت إلى حائط مسدود عندما ظهرت الرياض وتبعتها الدوحة بقوة فوق الأراضي الإثيوبية والتقاط صور تذكارية بجوار سد النهضة في رسالة تحمل سطورا كثيرة بالحبر السري إلى المحروسة.

قيادة المنطقة
الشتات بين جناحي الأمة العربية جاء من رحم سبب سياسي خفي يترفع الجميع عن كشفه بصورة علنية بحسب مصدر دبلوماسى تحدث لـ”فيتو” عن كواليس خلافات 2016، والمستقبل الإقليمى في 2017، وحمل كلامه الكثير من الإجابات عن علامات استفهام بالجملة حيرت النخبة والعامة على مدى العام الماضي في ظل انسداد الأفق، وبدد الطنين الذي أصاب أذن المواطن العربى في هذه القضية.

الدبلوماسى العربى شدد على أن جميع ما تم ترويجه عبر وسائل الإعلام حول أسباب الخلاف مجرد فروع لجذور الأزمة الحقيقية، المتمثل في الصراع على قيادة دول المنطقة، وفرض أجندة إقليمية رسمتها السعودية في ظل غياب الدور المصري خلال الأعوام.

الـ 5 الماضية نتيجة الحالة السياسية المرتبكة وتأزم الأوضاع على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية نتيجة انخراط المؤسسة في الصراع السياسي الداخلي.

الغياب المصري بحسب المصدر شجع جميع الأطراف الطامعة على امتلاك دفة المنطقة وفرض مشاريعها سواء كانت تركيا وإيران وإسرائيل وروسيا.

موت الملك عبدالله
في ظل هجمة المشاريع ظلت المنطقة متماسكة بصورة ذهنية مع وجود الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي سعى جاهدًا لترميم مصر داخليًا، بهدف الخروج من كبوتها والعمل على عودتها سريعًا إلى محيطها الإقليمي بهدف خلق حائط صد ممتد من الرياض إلى القاهرة.

رحيل الملك عبدالله، مثل كارثة على مصر ومنطقة الشرق الأوسط حسب وصف المصدر لما حمله من تداعيات على تاريخ التحالف التاريخي بين العاصمتين، علاوة على تدخل الإدارة السعودية الجديدة في ملفات مشتعلة مثل سوريا والعراق انتهت بشنها حربا على اليمن كلفتها الكثير سياسيا وعسكريا واقتصاديا.

محمد بن سلمان

استكمل المصدر حديثه بالقول: الأمير محمد بن سلمان رغم حالة التفاؤل التي سيطرت على الجميع في بداية اختياره وليا لولي العهد، على أمل الدفع بجيل الشباب لقيادة المملكة، حمل اختياره تداعيات خطيرة على الداخل والخارج، وعقب إحكام قبضته على الكثير من مقاليد الأمور دفعه طموح الشباب إلى الهدم وليس البناء، وحلمه كأمير صغير جاء في وقت تشهد فيه الأمة غيابا للقادة التاريخيين نتيجة ثورات الربيع العربى، تمدد هذا الطموح من الداخل إلى الخارج معتقدا قدرته على قيادة أمة بحجم المنطقة العربية، متناسيا وجود قوى أخرى فاعلة تمتلك أجندات منظمة، وتكللت أحلامه بكوابيس أدخلت المملكة في صراع مفتوح مع لبنان وسوريا والعراق واليمن ومصر، حتى الجزائر رغم عدم انكشاف الأمر على المشاع حتى الآن.

عودة مصر
عودة مصر إلى ملفات المنطقة وظهورها في الأزمة اللبنانية، ومحاولتها جر العراق إلى الصف العربى، ومساندتها لمطلب الحفاظ على بقاء الدولة السورية متماسكة أمام الميليشيات الإسلامية المتصارعة على أراض هناك، ورفضها الحل العسكري في اليمن، دفع الأمير السعودي الشاب إلى استشعار الغضب من هذا الدور، لقناعته بخطورة عودة اللاعب التقليدي الذي يلقى قبولا إقليميا، من هنا بدأت الغيرة والمكايدة والأفعال الصبيانية أمام مصير أمة مهددة دون إدراك لحجم الأزمة وأيضًا المؤامرة، على وطنه قبل محيطه العربي.

جهود المصالحة
وحول ما أثير عن جهود للمصالحة تبنتها عدة دول عربية، أكد المصدر المعلومات المتواترة المتعلقة بهذا الأمر، مشيرا إلى دور فعال لأمير الكويت الشيخ جابر الصباح في هذا الشأن، وأيضًا القيادة الإماراتية على كل المستويات.

المفاجأة التي كشف عنها المصدر أن الملك سلمان بن عبدالعزيز عاهل البلاد، استمع للصوت العربى في هذا الأمر، وكانت المصالحة بين البلدين قاب قوسين أو أدنى، لولا تدخل الأمير الصغير مجددًا على خط الأزمة وقيادته الجناح الرافض التصالح مع مصر، مقدمًا قائمة شروط إلى أطراف الوساطة، وعمد إلى تحريك لجان إلكترونية موالية له بالداخل لتبديد آمال التقارب.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعى هناك تعليقات محرضة على القاهرة بلغت مداها مع سفر الملك إلى العاصمة الإماراتية “أبو ظبى” أثناء وجود الرئيس عبدالفتاح السيسي هناك، وتم إطلاق دعوات و”هاشتاج” لرفض أي لقاء محتمل يجمع بينهما، ومطالبات أخرى باعتذاره عن عدم الذهاب للإمارات وإلغائها من جدول جولته الخليجية.

تحالف الأميرين
جناح الرفض السعودي للتقارب مع القاهرة والإصرار على دفعها للتنازل عن دورها الإقليمى، وجد مساندة قوية له في قطر، ليس هذا فحسب، لكنه أصبح هناك ما يشبه الاتفاق بين الأميرين محمد بن سلمان وتميم بن حمد، على دفع الرياض للسير قدما في طريق الخصومة، وبدأت الدوحة الترويج لفكرة قبول قيادة “بن سلمان” للمنطقة في مقابل الابتعاد عن القاهرة وعزلها، وهو الأمر بحسب المصدر الذي تم بمقتضاه ابتعاد أمير قطر عن المشهد السياسي برمته وتوقف حديثه عن قضايا المنطقة، ودفع وسائل إعلامه إلى تبني سياسة تقديم السعودية منفردة كزعيم للأمة لإفساح الطريق لولى ولى العهد السعودي، لاستكمال مشروعه بعدما قدم نفسه للإدارة الأمريكية كرجل مرحلة قادر على فرض إملاءات على العواصم العربية.

خلافات داخلية
حالة “الفراق السياسي” التي تعدت الخلاف ووصلت للصدام، مثلما أزعجت عواصم عربية وخليجية بدأ ينتابها الغضب من سلوك الأمير الصغير في المملكة، امتدت حسب الدبلوماسى العربى إلى العائلة المالكة في السعودية وظهر جناح رافض مجرد فكرة الصدام مع القاهرة وخسارتها في هذا التوقيت، مشيرا إلى أن ولى العهد السابق الأمير مقرن بن عبدالعزيز من الرافضين بقوة التصعيد، إضافة إلى الأمير أحمد بن عبدالعزيز الذي قاد معسكر الرفض لمبايعة الأمير بن سلمان منذ البداية لمنصب ولى ولى العهد، ويتحسب لسيناريوهات مخيفة لمستقبل البلاد بسبب رعونة القرارات التي اتخذها طالت المواطن السعودى اقتصاديا بسبب قرار خوض الحرب في اليمن الذي أنهك ميزانية الدولة وبدد احتياطها المالى بسبب صفقات التسليح الباهظة وبدأ نذير حالة تذمر شعبى داخلى على العائلة برمتها.

المخاوف التي طالت ملوك رفض التصعيد مع مصر، محركها الأساسى القلق من تشرذم المنطقة واصطياد العاصمتين الواحدة تلو الأخرى، في ظل وجود إدارة أمريكية جديدة فتحت سابقتها الطريق إلى إيران وبدأت ملامح انسحاب من التحالفات التاريخية مع العواصم الخليجية وتركها فريسة للمشروع الفارسي.

سيناريوهات المستقبل
“لن نسمح بسقوط مصر السند الأخير للأمة”، هكذا استكمل المصدر حديثه، مشددا على وجود ما يشبه التوافق بين عدد من العواصم العربية، على عدم السماح بسقوط مصر التي تمثل السند الحقيقى لدول المنطقة، لما تملكه من قبول داخل جميع الأقطار العربية، بسبب طبيعتها الوطنية المتحدثة بلسان قومى بعيد كل البعد عن المشاريع المذهبية، وفى حال اختارت الرياض سيناريو الفراق الذي لا نتمناه فإن القاهرة ستكون قبلتنا السياسية.

تشكيل تحالف إقليمي
المصدر فسر حديثه بتجهيز سيناريو مستقبلى قابل للتطبيق على الأكثر خلال العام الجديد 2017، دون تأخير نظرا للظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة.. السيناريو المرتقب -بحسبه- المضي قدما لتشكيل تحالف عربى تقوده مصر، والعمل بقوة على احياء التحالف التاريخى بين القاهرة وبغداد، وضم عواصم عربية أخرى تميل لهذا الطرح بقوة للهروب من جحيم الخلافات وتشرذم القرار.

الدول المرشحة لتشكيل هذا التحالف إضافة إلى مصر والعراق، تشمل أيضا الجزائر ولبنان وتونس، والعمل على خلق حل سياسي سريع في سوريا واليمن وليبيا بهدف ضمهم لمشروع أمة تقوده القاهرة ينقذ ما تبقى من تاريخ أوشك أن تمحوه الخلافات المذهبية و العرقية والصراعات السياسية من ذاكرة العالم، خصوصا مع ميل بعض العواصم الخليجية للدخول أو على الأقل دعم هذا التحالف.

عقبة إيران
وردا على سؤال حول الدور الإيرانى المهيمن على العراق وصعوبة ضم بغداد لمحور عربى، شدد المصدر على أن العراق قيادة وشعبا يعملون بكل جد على طى صفحة الخلافات المذهبية وتنفيذ مشروع تسوية وطنى إستراتيجي يشبه الطائف يقوده رئيس المجلس الإسلامى الأعلى عمار الحكيم، ينهى صراع الطوائف ويمهد الأرض لميلاد جديد لجمهورية العراق، وعودتها لمحيطها العربى.

ولفت النظر أيضا إلى أن ترك العرب للعراق والتعامل مع بغداد على أنها عاصمة للإمبراطورية الفارسية، بدلا من نجدتها ومساندتها في كبوتها، هو ما رسخ الصورة المشوشة عن عروبة العراق صاحبة الحضارة والتاريخ التي ترفض أن تكون تابعًا لإيران أو غيرها من الدول الأخرى التي تريد بلاد الرافدين صاحبة الحضارة والتاريخ مستعمرة تابعة لها، مشيرا إلى أن رغبة عراقية جامحة للتعويل على مصر العروبة في هذا الشأن، خصوصًا أن القاهرة تتعامل مع جوارها العربى بمنظور وطني لا تشوبه الطائفية والجميع ينظر لها على أنها قاطرة الأمة العربية.

"نقلا عن العدد الورقي..."
Advertisements
الجريدة الرسمية