رئيس التحرير
عصام كامل

هدية لأعداء مصر


يبدو أن الكوارث التي تحدث للمصريين، لم تعد كافية لإقناع البعض أن البلد تواجه حرب شرسة على كافة الجبهات، وأن طابور الشهداء الذين افتدونا بأرواحهم، يتطلب من الأحياء أن يتعاملوا بجدية مع التحديات التي تواجه الوطن، وللأسف أن هذا لا يحدث على أرض الواقع، وكأن المعارك التي تدور على أرض سيناء.. تجري في بلد آخر، وما يرتكبه الأرهابيون من جرائم وسط العاصمة سواء استهدفت رجال الشرطة أو مواطنين مصريين وهم يؤدون الصلوات لم تدفع الذين يتشككون في أن مصر تتعرض لمؤامرات داخلية وخارجية، إلى مراجعة مواقفهم ويستيقظون من الغيبوبة التي تدفعهم إلى إنكار الواقع.. والارتفاع إلى مستوى التحديات وتصحيح اللأخطاء التي يستغلها الأعداء في الداخل والخارج لإثارة الفتن بين المصريين.


وبينما تتواصل الحملات الإعلامية التي تشيع أن حقوق المواطنة ضائعة في مصر، وأن الأقباط يتعرضون للاضطهاد وأن كنائسهم ليست مؤمنة بدليل استشهاد العشرات في حادث إرهابي بشع، ما كان يمكن أن يحدث لو كانت الدولة تؤمن الكنائس، تلك هى الغمة التي تتكرر في بيانات المنظمات الحقوقية الدولية منذ وقوع التفجير الإرهابي، الذي وقع بالكنيسة البطرسية، وكان أبرزها ما صدر من بيانات عن منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان راين واتش يزعم وجود تقصير في حماية الأقباط، وقصور في النظام القضائي المصري، وتوتر طائفي في مصر.

في هذا التوقيت بالذات، تقدم إحدى لجان مجلس النواب هدية لأعداء مصر برفض القرار الحكيم الذي أصدره رئىس جامعة القاهرة، بحذف خانة الديانة من الأوراق التي يتم تداولها داخل الجامعة، وهو قرار من صميم اختصاصات رئيس الجامعة، ويحقق هدف عدم التمييز بين الطلاب على أساس الديانة، ويحقق المساواة الكاملة بينهم، ولطالما طلبت المنظمات الحقوقية بأن تحذف خانة الديانة ببطاقات تحقيق الشخصية ووثائق السفر..

وكان هذا المطلب يجد معارضة شديدة من تيار الإسلام السياسي وفي مقدمته جماعة الإخوان والتيار السلفي، وهى مواقف ليست غريبة على هؤلاء الذين لا يعترفون بحقوق شركاء الوطني و يمحون من برامجهم قضية المواطنة، لكن أن تجئ المعارضة من جانب إحدى لجان مجلس النواب، الذي تم انتخابهم بعد ثورتين رفعنا شعار المواطنة وتحقيق المساواة بين المصريين جميعًا، وفي توقيت تتعرض مصر خلاله لحملات ضارية حول تجاهل تطبيق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، دفعت وزارة الخارجية إلى إصدار رد رسمي يستنكر البيانات المتحيزة ضد مصر.

والحقيقة أن موقف تلك اللجنة لم يقتصر على رفض قرار رئيس جامعة القاهرة، الذي استقبل بترحيب واسع من المصريين، إنما أخدت مواقف مشابهة عند مناقشة مشروع لتعديل قانون «ازدراء الأديان» الذي يتعارض مع مواد الدستور، وبعرض المجتهدين الذين يقدمون رؤوس مخالفة إلى السجن.. بدل من مناقشة تلك الآراء بل والرد عليها وتنفيذها.. إذا كانت غير صائبة عند البعض، ولم يصوت لصالح المشروع إلا عدد محدود من أعضاء اللجنة الموقرة متجاهلين أن المحاكم قضت بسجن عدد من الأطفال الأقباط وفق هذا القانون، ما أثار ضجة عالمية وعرض القضاء المصري للظلم، رغم أن القضاة التزموا بتطبيق القانون حتى عندما أصدروا الحكم بسجن أحد أبرز الذين تعرضوا لتنقية التراث مما لا يتماشى مع العصر، وكان يمكن الرد على ما قدمه من اجتهادات من خلال رسائل الإعلام ليحقق فائدة أكبر للمواطنين الذين يتعرفون على الآراء المتباينة ويتخذون مواقفهم على أسس من الموضوعية.

وتشهد ساحات المحاكم عشرات القضايا التي إقامة لبعض الذين يسعون إلى الشهرة على حساب مفكرين وكتاب وصحفيين وربما تصدر ضدهم أفكار بالسجن لسنوات قد تقصر أو تطول وتدفع مصر، ثم رغبة هؤلاء لتحقيق الشهرة على حساب الوطن.
الجريدة الرسمية