رئيس التحرير
عصام كامل

المتحدث باسم الجيش السورى الحر: "الإخوان" استولت على أموال التبرعات لتكوين ميليشيات عسكرية

فيتو

قال فهد المصرى، المتحدث الإعلامى ومسئول الاتصال وإدراة الإعلام المركزى فى القيادة المشتركة للجيش السورى الحر، أن المعارضة السورية لم ترتق إلى مستوى الدم الذى سال خلال الفترة الماضية، وحمّل جماعة الإخوان المسلمين المسئولية عن تفكك المعارضة وتشرذمها بسبب أهدافها للسيطرة على أداء الائتلاف الوطنى المعارض.

وكشف أن جماعة الإخوان قامت بالاستيلاء على أموال التبرعات التى منحتها بعض الدول إلى الشعب السورى وقامت بتحويلها إلى مال سياسى قسمته حسب رغبتها على المناطق، وقامت من خلالها بإنشاء قوى عسكرية خاصة بهم ينفقون على تسليحها من هذه الأموال، بالإضافة إلى زيارة سرية قام بها بعض القيادات الإخوانية إلى إيران.
وحول الموقف الغربى والعربى تجاه الثورة السورية شن المصرى هجوما حادا على الإدارة الأمريكية التى اعتبرها متخاذلة، ووصف موقف الغرب بأنه خذل الشعب السورى، فيما اعتبر أن الممكلة العربية السعودية هى الدولة العربية التى مارست سياسة متزنة تجاه الثورة السورية، وكان لنا معه هذا الحوار..

فى البداية ما هو تقييمك لأداء المعارضة السورية بعد أن دخلت الثورة السورية عامها الثالث؟
- رغم دخول الثورة السورية المجيدة والعظيمة عامها الثالث، إلا أنه وللأسف لم ترتق المعارضة السورية إلى مستوى الدم والتضحيات وملاحم البطولة التى يسطرها شعبنا كل يوم، كما أن ثورة بمثل هذه العظمة والتضحيات تحتاج إلى قيادات بمستوى المشروع الوطنى للثورة وأخلاقها ومبادئها، ولكن من المؤسف أن المعارضة لم تتفق على رؤية موحدة للعمل الجماعى نتيجة هيمنة جماعة الإخوان المسلمين، وكل ذلك على حساب الدم السورى ودمار سوريا وعلى حساب المشروع الوطنى.
كما أن المعارضة المطلوبة هى من قادة الأرض والميدان، عسكريين ومدنيين، وبعض الشخصيات فى الخارج، وأن التضخمات التى تمت فى المجلس الوطنى والتى لم تكن مبنية على أى قاعدة عملية ومنسجمة لعبت فيها التجاذبات الأنانية والإقليمية والدولية، إلى جانب أن البعض بدلا من أن يسعى للمشروع الوطنى سعى لإرضاء أنانيته المتورمة والمراهقة السياسية وهذا بدوره انتقل إلى الائتلاف بكل سلبياته ويجب على الجميع إجراء مراجعة ونقد للأداء والاهتمام بالأخطاء ومعالجتها بشكل جذرى.

بيانك الأخير بشأن حالة الاحتقان التى تسيطر على جميع رموز المعارضة بسبب تدخلات جماعة الإخوان أثار حالة من الجدل، فما هى معطياتك حول هذا الأمر، وإلى أى مدى تسيطر جماعة الإخوان على سير المعارضة؟
- البيان الأخير الصادر عن القيادة المشتركة للجيش السورى الحر والذى حمل عنوان رسالة مفتوحة إلى جماعة الإخوان المسلمين كان صرخة ضمير وغضب نابعة من مشاعر الناس وأحاسيسهم وما يتعرضون له من خديعة كبرى وإتجار بثورتهم ودمائهم ومستقبل البلاد لم تكن تهدف أساسا إلى الانتقاد بهدف الإساءة، بل النقد من أجل البناء ظنا منا أن هذه الرسالة ستدفع بالجماعة ومن معها لإعادة حساباتها.

لدينا معطيات ووثائق وملفات كثيرة سنفتحها تباعا إن اضطررنا لذلك وهى معطيات "يندى" لها الجبين، فالإخوان المسلمين يمسكون بمفاصل إدارة المجلس الوطنى والائتلاف، وهذا انعكس فى الداخل، حيث إنهم ساهموا فى دعم مناطق على حساب مناطق أخرى ودعم أطراف وجهات على حساب الكلمة، تلك الممارسات ما حدث من خلال الهبات والتبرعات والمنح وأشكال الدعم الأخرى المعطاة أساسا للشعب السورى كأمانة بين أيديهم تحكموا بها كما شاءوا وحولوه إلى مال سياسى أعطوا قسما منه للبعض لمن يرضون عنه، ومنعوه عن الكثيرين، وكنت شاهدا على واحدة من هذه القضايا حيث منعوا المال عن مئات القرى السورية فى إحدى المحافظات ومنعوا تقديم السلاح والذخيرة عن أحد المجالس العسكرية؛ لأنهم غير راضين عن القائد العسكرى رغم تعرض محافظته لقصف وتدمير لم تشهده أغلب المدن السورية كما شرعوا منذ أكثر من سنة على بناء قوى عسكرية تخضع لأوامرهم وقيادتهم المباشرة، وكل ذلك أثار الحساسية والمشاكل على الأرض فى مواجهة أعتى أنظمة القتل والإرهاب ودفع القيادة المشتركة للجيش السورى الحر لاستصدار هذه الرسالة المفتوحة الموجهة للجماعة ومن يواليها لعل وعسى أن يصلحوا ما أفسدوه.

ونقول للمراقب العام للجماعة فى سوريا "رياض الشقفة"، إن النقد فى رسالتنا إلى جماعته صادر عن قيادة ذات قيمة وقوة وطنية، ولها وجود حاسم على الأرض ونقدنا لكم منطلق من حاجات المعركة لرص الصفوف نحو معركة النصر وليس نحو خصوصيات حزبية أو شخصية ضيقة.
إن الجيش السورى الحر وقياداته هو جيش لكل الوطن دون أى تمييز، ويسيطر على مساحات شاسعة من أرض الوطن ولا يحتاج شهادات حسن سير وسلوك ووطنية من أحد، ويكفى مقاتلينا البواسل وشعبنا الصامد الصابر الثائر ضراوة وشراسة الصواريخ والحمم التى تتساقط وتنهال عليه ونتمنى لو أن السيد شقفة وقيادات جماعته المنقسمة أساسا على ذاتها وقيمها أن تستطيع أن تقدم للشعب السورى العظيم فى محنته ومأساته اسم كادر واحد من جماعتهم استشهد أو اعتقل فى الداخل السورى منذ بداية الثورة وحتى الآن.

ما هى مآخذكم الأخرى على الجماعة غير قضية الهيمنة والمال السياسى؟
يجب ألا تنسى الجماعة التى زار وفد من قيادتها طهران منذ فترة ليست ببعيدة أن إيران تشارك النظام السورى فى عمليات القتل والتدمير الممنهج، وأن الشعب السورى العظيم هو الذى قام بهذه الثورة العظيمة وليس أى فصيل سياسى أو معارض، وهذا الشعب سيحاسب كل من أجرم بحقه وأساء له ولثورته بعد انتصاره القريب الذى يلوح فى الأفق ونذكر السيد فاروق طيفور وغيره وهو الأبرز وفى المجلس الوطنى أن الشعب السورى الذى سيحاسب كل من ارتكب جريمة بحقه فى الثورة وسيحاسب دون أدنى شك أركان النظام الذين شاركوا فى مجازر الثمانينات ومأساة حماة وعلى رأسهم السفاح رفعت الأسد.

كما نقول للجماعة إن تخزين السلاح والذخائر فى بعض المواقع ومنعها عن قادة الميدان للقيام بواجبهم الوطنى لا يخدم الشعب السورى ولا ثورته المجيدة بل يؤخر الانتصار المحتوم.

إن جماعة الإخوان المسلمين فى سوريا وبدعم من بعض أطراف إقليمية ودولية يعلمون أنهم لن يتمكنوا من استلام السلطة فى الحالة الديمقراطية لذلك فهم يسعون لاقتناصها، ومهما كان الثمن من دماء الشعب السورى، وشخصيا أعتقد أن الجماعة لديها الرغبة فى تأخر الثورة لعدة سنوات إضافية ريثما تتمكن من بناء قواعدها التى فقدتها بعد أن هرب قادتهم من الداخل إبان أحداث الثمانينات، وأعتقد أن من يعرف تاريخ سوريا فى الفترة الديمقراطية يعلم تماما ماذا كان حجم الجماعة فى الشارع السورى وفى الحياة السياسية السورية حينما كانت الجماعة ملتزمة بأدبياتها وأخلاقياتها.

ونستغرب بالفعل كيف لم تستفد الجماعة من التجربة الديمقراطية فى البلدان التى عاشوا فيها فى المنافى الغربية لسنوات طويلة كبروا وهرموا فيها، وفى ذات الوقت نستغرب كيف يمارسون سياسات الإقصاء والتهميش والإبعاد والاستبداد التى ثار شعبنا ضدها وتعتقد أن من هادن النظام وجمد معارضته حتى أيام معدودة من بدء الثورة السورية المجيدة لا يستحق أن يدعى قيادتها فالثورة لها أهلها وقادتها.

إن لم يتدخل المجتمع الدولى وبشكل سريع فإن سوريا ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات، وأن السوريين سيضطرون لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وهذا ما حصل، وقلت أيضا إن المجتمع الدولى إن لم يتدخل عسكريا بضربات جوية لمفاصل النظام العسكرية والأمنية فإن سوريا ستصبح ملاذا خصبا للراديكاليين والأصوليين القادمين من العالمين العربى والإسلامى وهذا حصل.

كيف ترى أداء الائتلاف السورى، وما مدى صحة تجميد عدد من الأعضاء به لعضويتهم اعتراضا على شخصية غسان هيتو؟
- إن عدم وجود كل القوى الوطنية والديمقراطية تحت مظلة وطنية جامعة دفعت إلى عدم التجانس والاضطراب فى التركيبة غير المتوازنة للائتلاف وهذه المعضلة لن تحل دون توسيع قاعدة التمثيل للجميع ودون أى إقصاء أو تهميش أو تدخل من أى طرف، وبشكل خاص الإخوان، وبالتالى كان يفترض توسيع الائتلاف قبل اختيار رئيس حكومة فهل يصح أن تحضر الشهود بعد النطق بالحكم.
ونرفض تسمية السفارة السورية فى دولة قطر باسم سفارة الائتلاف، فالائتلاف ليس دولة بل مجموعة من المعارضين، وهذا يعتبر تقزيما للدولة السورية وللشعب السورى، فالجامعة العربية منحت مقعد سوريا للمعارضة وبالتالى فإننا نرفض القبول باعتراف منقوص، فالسفارة هى سفارة الدولة السورية والشعب السورى وليس الائتلاف.
ما الذى تريدونه فى الجيش السورى الحر؟
- نحن نريد إسقاط النظام وليس الدولة ونريد الحفاظ على ما تبقى فيها من مؤسسات، وبالنسبة لنا الدم السورى واحد فعندما يسقط جندى سورى من النظام أو المعارضة فإن الخاسر الوحيد هو الشعب السورى، ونحن نتألم عندما تسقط قطرة دم من أى مواطن سورى ونتألم عندما تدمر دبابة أو طائرة أو بيت، فهذا ملك للشعب السورى والدولة السورية ولو أرادت إسرائيل احتلال وتدمير سوريا لما دمرتها كما يدمرها الأسد وحلفاؤه.
كما صنع المجتمع الدولى نكبة الشعب الفلسطينى يصنع الآن نكبة الشعب السورى فأصبح أكثر من ربع الشعب لاجئا ونازحا ومشردا، ومدننا وقرانا وتاريخنا وإرثنا الحضارى يتعرض للقصف والتدمير، وما قتلته إسرائيل من الشعب الفلسطينيى منذ النكبة وحتى الآن أكبر وأفظع بكثير ولا يقاس بنسبة القتل التى قام بها الأسد وحلفائه وخلال أقل من عامين ولا تقاس نسبة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين بنسبة اللاجئين والنازحين السوريين.
هناك من يؤكد أن الخلافات داخل صفوف المعارضة سببها المباشر التناحر بين السعودية وقطر حول الإمساك بدفة الأمر؟
- المملكة العربية السعودية دولة عربية كبيرة وهامة ولها وزنها وثقلها ودورها القيادى الرائد السياسى والاقتصادى العربى والإقليمى والدولى وتتبع المملكة سياسة هادئة ومتزنة، وليست فى وارد التناحر أو التجاذب مع دولة قطر أو أى دولة أخرى، وللمملكة مواقف محترمة وصلبة وهى دولة أساسية ورئيسية فى مجلس التعاون الخليجى، ولا أعتقد أن الدور الذى تلعبه دولة قطر يناقض موقف المملكة من قضية الشعب السورى.
الموقف الأمريكى يثير الشكوك بشأن نية الغرب الاحتفاظ ببشار إلى عام 2014، ما ردك؟
من الواضح أن الموقف الأمريكى متردد وغير مشجع وإلا ما كان ليتردد المجتمع الدولى على هذا النحو المشين تجاه الشعب السورى والموقف الأمريكى بالتأكيد انعكس على مواقف دول أصدقاء الشعب السورى وهذا على ما أعتقد يعود لسببين أساسيين:
الأول: الوضع الاقتصادى الأمريكى، والسبب الثانى: العلاقات الإسرائيلية الأمريكية فعدم تدخل المجتمع الدولى يعود إلى أن إسرائيل لا تدعم فكرة الإطاحة بنظام الأسد وحكمه وتصر على بقائه، وبالتالى ساهمت فى دعم استمراره فى المحافل الدولية لأنها بكل بساطة لن تجد أفضل من نظام الأسد كحامٍ لحمى حدودها الشمالية، وليس الجبهة معها، وأعتقد أن الولايات المتحدة حلمت لو أن حدودها مع المكسيك بمدى الأمن والاستقرار والانضباط ما بين النظام السورى وإسرائيل وعلى مدار عقود.
وساعدت إسرائيل الأسد لعدم سقوط نظام حكمه لسببين؛ الأول: أن الأسد نجح فى قمع الثورة فهى قد حافظت على حارس حدودها الشمالية، أما السبب الثانى فلإن الأسد يقوم بتدمير بلاده وقتل شعبه وإضعاف جيشه ومقدراته العسكرية، وكلما طال أمد الثورة كلما أنهك الجيش والشعب ودمرت البلاد أكثر فأكثر، وحينها لن تقوم قائمة للدولة السورية إلا بعد سنوات طويلة، وتكون مطمئنة ربما لعقود، لأن سوريا ستكون بحاجة إلى لملمة جراحها الداخلية وإعادة البناء وبالتالى هى الرابحة فى كلا الحالتين، ولأن سوريا ممزقة وضعيفة خارج إطار السياسة، والتوازنات عامل اطمئنان لإسرائيل لكن إسرائيل ستتخلى عنه إن شعرت أن أمنها فى خطر، وأعتقد أنها شعرت به الآن وهى مطمئنة أيضا لأنه إضافة إلى السبب الثانى، فإن إسرائيل مطمئنة وتعلم أن الشعب السورى بعد سقوط الأسد سيلفظ إيران وأدواتها فى المنطقة، وعلى رأسها حزب الله، وبالتالى تكون قد تخلصت إسرائيل من منافس شديد لها ليس فى سوريا وحدها بل بكل المنطقة.
الجريدة الرسمية