رئيس التحرير
عصام كامل

عام 2017 ورهانات الإصلاح الاقتصادي


شهد عام 2016 أكبر تحرك للدولار أمام الجنيه فلم يكن أكثر المتشائمين يتخيل أن يتخطى سعر الدولار رسميًا 18 جنيهًا، ارتفعت الأسعار بشكل كبير، وسط مشكلات من حين لآخر في سوق السلع، وتظاهر الحاصلون على درجات الماجستير والدكتوراه مطالبين بتعيينهم، مرددين شعارات ملخصها أن أكثر فئة متعلمة لا تجد عملًا.


ما يبعث على التفاؤل هو أن المؤشرات الاقتصادية تقول إن الاقتصاد المصري سيتعافى في عام 2017، فالتقرير الأخير لمجلة الأيكونوميست يقول إن معدل النمو سيتحسن في مصر ليصل إلى 5.2% بين عامي 2017 و2021، موقع تريدينج إيكونوميكس Trading Economics للتحليل الاقتصادي يتنبأ بتحسن الوضع الاقتصادي، ولكن بشكل بطيء وهو أقل تفاؤلًا من مجلة الإيكونوميست، حيث يقول التحليل الاقتصادي أن معدل النمو سينخفض في بداية عام 2017 إلى 3.8% ثم سيرتفع في الربع الثاني إلى 4.3% ويعود وينخفض إلى 4.1% ثم يحافظ على استقراره على هذا النحو تقريبًا حتى عام 2020. 

ويبدو أن عام 2017 سيشهد تراجع معدل التضخم من 16.5% إلى 16% في الربع الثاني ثم 15.7% في الربع الثالث، وستتراجع معدلات البطالة من 12.8% في الربع الأول من عام 2017، إلى 12.6% في الربع الثالث.

تقرير صندوق النقد الدولي يشير أن معدل النمو سيزداد إلى 4.3% في 2017،، بعد أن كان قد تراجع إلى 3.3% في عام 2016، وأن معدل البطالة سيتراجع إلى 12.4% بعد أن وصل عام 2016 إلى 13%، التقرير يقول معدل النمو في مصر أفضل من معدلات النمو في دول الخليج، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون معدل النمو في السعودية 1.2%، وأن معدل النمو في دولة الإمارات سيثل إلى 2.4%.

تتأثر معدلات النموبعوامل خارجية وداخلية، فعام 2016 الذي شهد تصاعد موجة الإرهاب في مصر والعالم، قد لا يكون الأسوأ، فداعش قد تتفكك في مناطق وتتمدد في مناطق أخرى، أو قد تعود كمثيلتها القاعدة وتستهدف أماكن متفرقة من العالم كما حدث مؤخرًا في مصر في حادث إرهابي أودى بحياة 27 مصريًا، وطالما سيظل الإرهاب يهدد مصر، فإن السياحة كمصدر رئيسي للدخل القومي ستظل معطلة.. الإرهاب هو أحد العوامل الخارجية غير المتوقعة، فإذا تمكنت مصر من حصار الإرهاب في سيناء وفي داخل المدن المصرية، كلما ساعد ذلك تحسن الوضع الاقتصادي.

من بين العوامل الخارجية التي تؤثر فى معدل النمو وتحسن الاقتصاد في مصر، انخفاض أسعار البترول في الخليج، وإنهاء عمل العمالة المصرية بشكل عام في بعض دول الخليج بما يؤثر فى تحويلات المصريين في الخارج إلى الداخل المصري.

هناك عوامل داخلية تزيد من بطء معدلات النمو الاقتصادي، من بينها الابتعاد عن الديمقراطية وغياب العدالة الاجتماعية وفقدان الإحساس بالأمان، واستمرار البيروقراطية الحكومية، كل هذه العوامل تؤثر فى الاستثمار، فالمستثمر لن يأتي لمصر في مثل هذه الظروف.

الحكومة اتخذت إجراءات اقتصادية جريئة، فعلى ماذا تراهن الحكومة لضمان تقصير طريق الإصلاح الاقتصادي؟ أهي تراهن على الشعار الذي يقول أنه "بالإصلاح الجرئ سنقصر الطريق"؟ بالمناسبة، يذكرني هذا الشعار بآخر قبل ثورة 25 يناير انتشر على شاشات القنوات الرسمية عنوانه "بنبني ونعلّي"، ولكن لم يكن هناك لا بناء ولا تعليّة، أو بالأحرى لم يكن يعرف الناس ماذا تبنى الحكومة وماذا تعلّي.

الأرقام تقول إن الاقتصاد المصري سيتحسن ولكن ببطء شديد خلال عام 2017، يبقى أن تقول لنا الحكومة كيف سيشعر المواطن بهذا التحسن في ظل ارتفاع الأسعار المتزايد، وكيف ستترجم الحكومة التحسن الاقتصادي إلى جلب استثمارات بما يؤمن فرص عمل للشباب، الجميع في انتظار رؤية كيف يمكن "للإصلاح الجريء أن يقصر الطريق"، فيما تقول التقارير الاقتصادية إن طريق الإصلاح طويل وبطيء.
الجريدة الرسمية