رئيس التحرير
عصام كامل

احذروا.. غسيل الأموال في كرة القدم


في الأوقات السابقة وفي جميع أنحاء العالم، رأينا أن الدول قد كرست كما كبيرا من الموارد من أجل الرياضة ومكافأة الرياضيين على إنجازاتهم، أما اليوم فقد دخلت الرياضة في حقبة جديدة تتضمن تدفق مبالغ مالية كبيرة من الرعاة وجهات البث، واستثمارات الرعاة واسعة النطاق تتخطى الحدود، ازدحام صناعة الرياضة بالمستثمرين (من فئة الثراء الفاحش).


وفي ضوء نمو الأهمية الاقتصادية للرياضة (خاصة كرة القدم) خلال العقدين الأخيرين، بدأ المال تدريجيا في التدفق بقوة إلى عالم الرياضة، مما نتج عنه بعض الآثار الإيجابية، وأيضا بعض الآثار السلبية، فقد أصبحت كرة القدم إحدى القنوات الجديدة لغسل الأموال من الأنشطة غير المشروعة، ونرى ذلك في العالم بصورة واضحة، أصبحت أموال طائلة تدفع في حقوق الرعاية للأندية وفى البث التليفزيوني وهذه الأموال تدعو للشك والريبة.


حيث توجد العديد من الدراسات قام بها الاتحاد الأوروبي التي تؤكد وجود أكثر من دليل على حدوث غسل للأموال في قطاع كرة القدم من خلال عدة مصادر (ملكية لاعبي أو أندية كرة القدم، سوق الانتقالات، أنشطة المراهنات والمقامرات، حقوق البث التليفزيوني، الرعاية، الإعلان). 



وكثير من الهيئات الرياضية والاتحادات الوطنية والدولية قد أعربوا مؤخرًا عن مخاوفهم من تدفق الأموال القذرة في صناعة الرياضة، حيث قام الاتحاد الأوروبى بصياغة "الوثيقة البيضاء للاتحاد الأوروبي حول الرياضة" وهى تعد أول وثيقة من قبل الاتحاد الأوروبي، وذكرت أن "الرياضة تواجه الكثير من التهديدات والتحديات الجديدة مثل: الضغوط التجارية، استغلال اللاعبين الشباب، المنشطات، الفساد، العنصرية، القمار، العنف، غسيل الأموال، وغيرها من الأنشطة غير المشروعة.


كما قام الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بصياغة وثيقة تتضمن توجيهات واسعة لأندية كرة القدم حول "غسل الأموال وقانون عوائد الجريمة".. وقد تم إعداد هذه الوثيقة استجابة لطلب الأندية المحترفة وشبه المحترفة للمزيد من التوجيه والإرشاد في هذا المجال، وما الخطوات التي يمكن اتباعها عند الشك في أي معاملة مالية وما هي الإجراءات الوقائية الممكن اتباعها.



ووفقا لهذا التوجيه والإرشاد نجد أن هناك العديد من المعاملات التي تتم داخل أندية كرة القدم التي يمكن أن تحمل شبهة غسيل أموال، وبالتالي يجب على الأندية أن تسأل نفسها أسئلة مختلفة عند تنفيذ مثل تلك المعاملات، على سبيل المثال: "هل تعرف من تتعامل معه؟"، "هل تحققت من خلفية من تتعامل معه؟"،"هل تعرف كيف حصل المشتري "المستثمر" الوكيل على الأموال التي يدفعها؟
 

وفى النهاية، أرى أن كرة القدم المصرية ليست ببعيدة عن هذا النوع من الفساد، ومن جرائم غسيل الأموال، التي قد تتم بصور متعددة قد لا يستطيع الأشخاص العاديون تحديدها، حيث قد يتم ذلك من خلال الرعاية التي تقدم للأندية أو الأموال التي قد تدفع في البث التليفزيوني أو شراء اللاعبين.


لذلك، وجب على الدولة وعلى الجهات الرقابية أن تأخذ بعين الاعتبار هذا التهديد الجديد من نوعه على نشاط كرة القدم المصرية، وأن لا نستبعد حدوث أي نوع من هذه الجرائم في ظل العولمة وثورة الاتصالات والمعلومات.
الجريدة الرسمية