رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أحمد الباسوسي استشاري العلاج النفسي: التكفيريون يستغلون سمات لخلق شخصية انتحارية


لا تأثير للظروف البيئة في تنشئة الانتحاري
يرى أحمد الباسوسي استشاري العلاج النفسي أن هناك عدة أسباب نفسية خارجية عن الإرادة البشرية تساعد في تكوين الشخصية الانتحارية، ونجحت الجماعات التكفيرية في استغلال تلك السمات لتحقيق أعراضها الإرهابية، مستبعدا في حوار لـ "فيتو" تأثير الظروف البيئية في ذلك.. وإلى التفاصيل...

*في البداية..ما تحليلك لمفهوم الانتحار؟
الانتحار قرار جاد يعكس وجهة نظر مغايرة عن الفطرة الإنسانية الطبيعية المتماثلة في قوة الرغبة في الحياة والتشبث بها، فجميع الأديان السماوية تحض على حب الحياة لأنها ملك الرب، وجرمة الانتحار باعتبار من يقدم عليه بحكم الكافر، فالشخص الذي يتخذ قرارا بالانتحار يعتبر غير طبيعي أو شاذ، أو غير متوازن من الناحية النفسية.

*الأسباب النفسية التي تدفع الفرد للانتحار؟
أولا: الاكتئاب، الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الحاد، يلازمهم شعور بالذنب، واعتقاد راسخ بعدم وجود أمل في الخروج من حالة الكآبة التي تشمل جميع أفكاره، ومن ثم يصبح وجوده المؤلم عبئا جسيما يسعى للتخلص منه عن طريق الانتحار. 

ثانيا: مرض الذهان، الشخص الذي يعاني من مرض الذهان Psychotic يصاحبه تفسخ في الشخصية وضلالات وهلاوس بصرية وسمعية، وتتواتر أصوات داخلية تأمره بأن يدمر نفسه.

ثالثا: الاندفاعية Impulsive أو التهور، وهذه سمة متعلقة أكثر بمن يتعاطون المخدرات والكحوليات، وفي الأغلب تثور لديه عاطفة جياشة، ومحاولة الاندفاع لإنهاء حياته، ويشعر هؤلاء الأشخاص بالخجل، ويغمرهم شعور بالندم نتيجة لرفض الآخرين لهم ولسلوكهم.

رابعا: رغبة الشخص في جذب الاهتمام من قبل الآخرين، والشخص في هذا السياق يسعى لتنبيه من حوله إن هناك خطأ يحدث له على محمل الجد، في هذا السياق لا يتعمد المرؤ قتل نفسه أو الانتحار، لكن يحدث أحيانا أن يموت من جراء قراره بما نسميه الاستعراض الانتحاري.

خامسا: الرغبة الفلسفية في الموت، يستند قرار الانتحار هنا إلى سبب منطقي كأن يكون لديه مرض عضال لا إمكانية للشفاء منه، ومن ثم يبحثون عن الانتحار والموت للتخفيف من المعاناة، وتقصير الطريق للموت الذي سوف يحدث ولا مفر منه.

سادسا: الموت بالخطأ، وينتشر هذا الأمر بين الشباب المغامر في سباقات سرعة السيارات وبعض الألعاب التي تتميز بالمخاطر الشديدة.

*متي تفشت الظاهرة الانتحارية، وما موقع مصر على بوصلة الانتحاريين العالمية؟
عُرف المجتمع المصري منذ قديم الأزل بأنه مجتمع مسالم لا يميل إلى العنف، لكن لوحظ في الآونة الأخيرة تزايد أعداد المنتحرين، فلا توجد إحصاءات جادة في هذا السياق، ومع ذلك صنفت منظمة الصحة العالمية مصر في عام 2012 من ضمن أقل بلاد العالم في محاولات مواطنيها الإقدام على الانتحار، حيث ينتحر خمسة أفراد بين كل مائة ألف مواطن، وترجع أسباب محاولات الانتحار في المجتمع المصري إلى الظروف المعيشية السيئة والأسباب الاقتصادية في الغالب. 

ومع نهاية حكم الإخوان بعد ثورة 30 يونيو 2013 عرفت مصر ظاهرة الأفراد الانتحاريين التابعين لجماعة الإخوان المسلمين أو الجماعات التكفيرية التي تسمى نفسها بالجهادية الرافضين لإرادة الشعب المصري، وخلالها يقوم الانتحاري بتفجير نفسه في حافلة أو أمام منشأة، أو في سوق بهدف إحداث أكبر عدد من الوفيات، وهي عمليات سبق أن قام بها جهاديون إسلاميون في فلسطين المحتلة ضد العدو الإسرائيلي، وكذلك جهاديون إسلاميون أيضا ضد الوجود الأمريكي الإسرائيلي في لبنان. 

*كيف يتم تنشأة الانتحاري؟
لا يوجد تنشئة خاصة أو ظروف بيئية خاصة تصنع هذا النمط من الشخصية الذي يغلب المعتقد على هبة الحياة وقيمتها، فمنهم من ينشأ داخل ظروف أسرية طبيعية، لكن مشكلاته النفسية الداخلية مثل مشاعر الانطوائية والخجل، والخواء النفسي، والشعور الدائم بالوحدة، والرغبة في إيجاد دور له في الواقع الصعب وارتباك واضطراب تفكيره، قد يسقط فريسة في مخالب جماعات تستغل مثل هؤلاء الشباب من أجل تأهيلهم لكي يغلبون فكرة الجماعة ومعتقداتها على فكرة الحياة. 

وبعضهم ينشأ خلال ظروف أسرية سيئة، أسرة مفككة الروابط والصلات، مع تكوينه النفسي الضعيف القابل للاستهواء والإيحاء، ويقع لسوء حظه فريسة لهذه الجماعات التي تستغل مثل هذه الشخصيات الضعيفة المعتمدة من أجل السيطرة عليهم.

*في نفس السياق..كيف نجحت تلك الجماعات في خلق شخصية انتحارية؟
من يقومون بتلك العمليات ينتمون إلى تنظيمات تكفيرية لها معتقداتها الخاصة في الدين والسنة، ويتميزون بعدد من الصفات النفسية أولها قوة الاعتقاد في التنظيم والجماعة، ورسوخ الفكرة لدرجة سيطرتها على كامل عقولهم، وتصبح الفكرة مقدسة داخلهم بمثابة العقيدة لا تقبل الجدل أو المناقشة، كما يتميزون أيضا بقابليتهم للإيحاء بمعنى خضوعهم التام لسيطرة آخرين (قادة الجماعة أو التنظيم) والإيمان المطلق بأن كل ما يقولونه هو الحق المنزل ولا سبيل للجدال معه، والتخلي عن الاستقلالية وقدرة التفكير، أيضا يتميز هؤلاء الأشخاص باليقين بصحة وصدق منهجهم وطريقته، وأن الآخرين على ضلال (تصلب التفكير).

وعلي الجانب الآخر، تعاني الشخصية الانتحارية من الناحية النفسية بالخجل الشديد، وضعف التكوين النفسي، وارتباك التفكير واضطرابه، والفراغ النفسي العميق حيث يتطلب الأمر منهم البحث عن الدفء والحميمية في علاقة أو علاقات مع آخرين يشبهونهم في نفس السمات والتوجهات، ومن ثم يجدون في انضمامهم لتلك الجماعات ضالتهم. 

والانتحاري ضمن هذه الجماعات التكفيرية يشكل نمطا سابعا من الأنماط المفسرة للانتحار، حيث تتغلب هنا الفكرة أو العقيدة على قيمة الحياة، وتصبح فكرة قتل نفسه من أجل إحداث ضرر للعدو من خلال وجهة نظره فكرة مقدمة على حياته، أي تصبح حياته من دون قيمة طالما لم يحقق هذه الفكرة أو ذلك الهدف، ومن ثم يسعى بدأب لتغليب الهدف بغض النظر عن قيمة حياته أو الهبة التي منحنا إياها الله سبحانه وتعالى. 
Advertisements
الجريدة الرسمية