رئيس التحرير
عصام كامل

أبو طقة يكتب: بلد إشاعات بصحيح!


أنا من النوع اللي بيكره الأسواق.. أكره الشراء وأكره البيع.. أعتمد على أم العيال في مثل هذه الأشياء.. لذا لا أشعر بغلاء الأسعار الذي يتشدق به الكثيرون مؤخرا.. إلا أنني أتفاعل معهم، وأتعاطف كثيرا، لدرجة أنني هاجمت الحكومة في أكثر من مناسبة، بسبب عدم قدرتها على السيطرة على أسعار السوق.


منذ أسبوع كان لي لقاء مع وزير التموين «اللواء محمد علي مصيلحي»، وأجريت معه حوارا؛ كي أنشره لكم في تلك المساحة.. إلا أن الرجل طلب مني أن اصطحبه في جولة بالأسواق قبل نشر الحوار.

وبالفعل أعددت نفسي للجولة التي سأكشف فيها زيف ما يقوله وزير التموين، من أن الحياة بمبي، وأن كل ما يتم نشره عن غلاء الأسعار ما هو إلا كذب وافتراء، يروجه حفنة من المغرضين أعداء الوطن، من المنهزمين في الداخل، والهاربين في الخارج، من فلول جماعة الإخوان ومؤيديهم.

وصلت سيارة الوزارة إلى منزلي في تمام العاشرة صباحا، وأخذتني حيث مبنى الوزارة؛ ليهبط الوزير من مكتبه، ويأمر السائق أن يتجه إلى أقرب سوق للخضار.
دخلنا السوق وكان الوزير متنكرا؛ يرتدي ملابس عادية، عبارة عن بنطلون جينز، وتيشيرت، حتى إن أحدا لم يعرفه في السوق.. سألنا عن أسعار الطماطم، فوجدناها بـثلاثة جنيهات، والخيار بـجنيهين ونصف، والبطاطس والجزر بنفس السعر، والبسلة والفاصوليا الخضراء بـ 5 جنيهات للكيلو.

نظرت إلى الوزير على استحياء، وأنا أتذكر ما قلته له من أسعار كنت أقرأها على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، وما تمليه علي أم العيال وجيرانها من ستات المنطقة.. إلا أن الوزير قابل نظرتي بابتسامة رقيقة، وقال: شوفت بقى ياعم أبو طقة إحنا مظلومين إزاي؟!

أخذت أهز في رأسي، فأشار الوزير للسيارة فركبنا، وقال للسائق اتجه بنا إلى أي محل للعطارة.. نزلنا عند أول عطار فسألناه عن سعر كيلو العدس فقال بـ 18 جنيه.. طب والرز؟!.. قال: بـ 6 جنيه.. فنظرت إلى الوزير على استحياء ولم أعلق.

ركبنا السيارة وقال للسائق اتجه بنا إلى أي محل بقالة.. وهناك سألنا البائع: هل عندك سكر؟!.. فقال طبعا.. هو فيه عندنا أكتر من السكر!!.. فقلت له وكم سعر كيلو السكر.. قال: بـ 7 جنيه يا فندم حسب تسعيرة الحكومة.. طب يعني ما فيش أزمة سكر؟!.. قال: دي إشاعات يا عم الحاج، ربنا يجازي ولاد الحرام اللي عايزين يخربوا البلد.

طأطأت رأسي خجلا من الوزير، والذي أشار لي إلى السيارة، وقال للسائق: اذهب بنا إلى أي جزار.
وعند الجزار وجدت زحاما، فقلت للوزير: وكأن الشعب كله يأكل لحوم يا سيادة الوزير!.. فقال لي ولم لا؟ فأسعارها في متناول الجميع. قلت: «لا بقى يا سيادة اللواء قول كلام غير ده.. دا كيلو اللحمة بـ 120 جنيه.. قال: من قال لك هذه المعلومات يا عم أبو طقة.. اذهب واسأل الجزار».
بالفعل، سألت الجزار: كم سعر الكيلو؟ فقال لي: 65 جنيها. وهنا لم أنطق بكلمة، حيث أشار إليّ وزير التموين بركوب السيارة.

واتجهنا إلى مكتب معاليه؛ ليعزمني على فنجان قهوة، ثم استأذنته لأعود إلى مكتبي؛ لأكتب لكم ما دار بكل شفافية، متمنيا منكم ألا تستمعوا للإشاعات، دون أن تذهبوا للأسواق بأنفسكم.

ملحوظة: بالنسبة للخمسين كيلو سكر وكرتونة الزيت اللي وصلوا للبيت عندي، دي حاجات أنا قمت بشرائها عقب تركي لمكتب معالي الوزير، علشان ما حدش يفهم غلط.. علشان انتم بقيتوا بالفعل بلد إشاعات بصحيح!!
الجريدة الرسمية