رئيس التحرير
عصام كامل

خطبة الجمعة وخلق القيم


حضرت الجمعة الماضي خطبة جديرة بالاحترام.. خطبة تخاطب العقل بالحجة والمنطق والحكمة البالغة، تجلت في هدوء وعلم الخطيب، واختياره أولا موضوع الخطبة، ثم التناول المنهجى المرتب للعناصر بحيث لم يقم بحشو الخطبة بالكلمات التي تعودنا عليها، والتي احتفظ بجدارة بانتباه الحضور إلى آخر دقيقة باقتدار.


لا شك أن اختيار الخطيب واختباره علمًا ومقومات شخصية أساس وجود توعية حقيقية للمجتمع، فالخطبة هي الرسالة التي تصدر عن الإمام إلى الناس لكى يتعلمون منه مرجعية شئون الحياة في الدين ويعملون بها.. وهي الرسالة الأسبوعية التي تتجدد مع كل صلاة جماعة يجتمع فيها الناس ليكونوا على اتصال مستمر، وإن لم توجد صلاة جماعية في الأديان -ففي رأى الشخصى- إن الناس كان سيستحيل عليهم -وسط ضيق الوقت والانشغال في أمور الحياة- أي لقاء وخصوصًا في وجود إمام يعظ بحكمة ويتدبر الآيات ويخرج منها بنتيجة وأثر يتناول العلم وتفسيره بما يخدم الإنسانية، ويبعد عن الناس التطرف، والهدف منه تحييد السلوك غير المرغوب فيه، وتحفيز الناس لعمل السلوك المرغوب.

تمنيت بعدما انتهت الخطبة أن تستمر وقتًا آخر وأن ننهل من علم ذلك الرجل الذي اختلف عن الآخرين، وانتبه له الناس ليستفيدوا، وهم منصتون لما يقول بحواسهم احترامًا وتقديرًا لعلمه وقدرته على ترك الأثر الطيب وسط جو من الاطمئنان، وخروجًا عن الصياح والصوت العالى الذي لا يثمر إلا صداعًا لمن يسمع، والقدرة على بث الطمأنينة هو أعظم ما يكون لفتح الآذان لاستقبال الكلمات والعمل بها.

أتمنى أن يتم بذل الكثير من الجهد في اختيار الخطباء الذين يمكنهم إرجاع القيم والأخلاق للشعب ونحن جميعًا نعترف بأننا نريد ذلك بصراحة؛ لأننا نعاصر كل يوم ثمرة عدم الاعتناء باختيار الخطيب منذ زمن.

مصر عظيمة، وستظل عظيمة، ولديها القادرون على تغييرها إلى الأفضل وهم كثر، ولكن ينقصنا فقط التنسيق، والخطة التي تضمن حسن استغلال ثروات مصر من الموارد البشرية التي هي عماد أي تقدم في العالم.
الجريدة الرسمية