رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تعويم الجنيه.. عَوّم معه كل شيء !


كان من الطبيعي وقبل البدء في إجراءات الإصلاح بتعويم الجنيه وتحديد سعر واحد للدولار، وقبل رفع أسعار الطاقة تمهيدًا لرفع الدعم بالكامل خلال العامين القادمين أن تتم دراسة تداعيات القرار بكل دقة ووضع سيناريوهات المواجهة والعلاج لتلك التداعيات.. لكن أن يتم الإصلاح بالقطعة وخلال ذلك يدفع البسطاء ومعدومو الدخل كل الفاتورة فإن ذلك بالقطع لن يكون في صالح الشعب والفئات البسيطة، ولا في صالح الحكومة التي دخلت في (حيص بيص) جعلها تصدر قرارات عشوائية لعلاج آثار خطوة التعويم وتحرير سعر الصرف !


والحقيقة أن الشعب فعل ما يجب عليه فعله، وقدم أكثر من المطلوب منه، وما زال عنده الكثير ليقدمه للوطن، واستطاع أن يمرر كل محاولات استهدافه، ومحاولات تهييجه وإثارته ووقف خلف الدولة ثقة في الله أولا وفي قدرتها على تحقيق الخير ورفع المعاناة عنه، وثقة في القيادة السياسية التي تخطط وتبذل ما في وسعها برؤية استراتيجية طويلة المدى تنظر للأمام وليس تحت أقدامها فقط، ولكن يبدو أن مصر تعاني من مصطلح (الجملة الناقصة) دائمًا فلا نرى أو نلمح خطوة تكتمل دون نواقص، ودون عوار في التطبيق الذي يدفع تكلفته الشعب في كل الحالات والأوقات !

الخطوة الأهم في برنامج الإصلاح قام بها الرئيس عن قناعة أنها الخطوة الضرورية في إنقاذ الوطن من الغرق، واستقبل الشعب الخطوة عن رضا أو بغير رضا.. المهم الخطوة عدت بسلام وتجنب الوطن ردة الفعل الآنية للقرارات أملا في تحسن الأوضاع، وخرج الخبراء في الاقتصاد والمالية والاستثمار يبشرون الناس بأن حالة السوق سوف تستقر خلال أسبوع أو اثنين على الأكثر، وأكدت الحكومة ذلك، لكن للأسف لم تستقر السوق ولم يتوقف ارتفاع الأسعار، وغرقت الحكومة في سد ثغرات الإصلاح ومحاولات تعويض الفئات محدودة الدخل بتوفير سلع في متناول أيديهم وحسب طاقاتهم الشرائية، وأعتقد أن ذلك يحدث بصعوبة شديدة ولا يصل في كل الأحوال لمستحقيه!

تفاقمت مشكلات الدواء وصار الحصول على دواء بالسعر المناسب للمرضى حلمًا، وتحول الشفاء إلى سراب، وظهرت مشكلة الدواجن وانشغل المجتمع في قضية كان على الحكومة أن تعالجها بعقل أكثر من ذلك، فبينما تقول الحكومة إنها تعمل من أجل الفقراء ومحدودي الدخل نجدها تعمل لحساب كبار المستوردين للدواجن والبروتين الذي لا نعرف مدى صلاحيته للاستهلاك الآدمي، ويخرج أصحاب صناعة الدواجن ليستغيثوا على الملأ من قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك لأن القرار يهدد صناعتهم ويشرد العاملين فيها.. كلام وجدل فيه من الخطورة ما يستوجب أن تتحدث الحكومة بشفافية، ناهيك عن تزايد حالة السعار في الاستيراد الذي أصبح الحل الأسهل لكل شيء، وعلى المستهلك أن يدفع ويتحمل !

يا حكومة نفتح الشباك أم نغلقه، لا يمكن أن نفعل الشيء وعكسه ونظل في الغرفة المظلمة نبحث عن القطة السوداء! كثير من الرشد وقليل من التسرع في القرارات، كثير من العمل وقليل من التصريحات.. تعويم الجنيه عَوّم كل شيء حتى أصبحنا في عرض البحر بلا قوارب نجاة !
Advertisements
الجريدة الرسمية