رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان وهابية مستترة


ربما لا يعلم الكثير أن جماعة الإخوان المسلمين حركة سعودية المنشأ أسسها الملك عبد العزيز بن سعود فى بداية القرن العشرين، بغرض ترويض واحتواء جماعات البدو الشاردة عن سلطانه فى الجزيرة العربية، حيث أغراهم بإنشاء قرى لإيوائهم، ليتمكن من اختراق عقولهم وترويضها ببث مفاهيم الوهابية المتشددة فيهم من خلال شيوخ تمركزوا فى مساجد تلك القرى، وقد أطلق على تلك التجمعات السكنية اسم (الهِجَر) فى إشارة لهجرهم حياة الكفر إلى حياة الإيمان، وسمى هذه الجماعات من البدو باسم (الإخوان)، وجعل شعارهم: (الله أكبر ولله الحمد).


شكل منهم ميليشيات ضاربة لا تعرف للرحمة طريقا للبطش بالقبائل التى تخرج على أمره، وعندما زادت سطوتها انقلبت على عبد العزيز نفسه، مما دعاه للقضاء عليهم فى موقعة (السَبَلَة) سنة ١٩٢٧، وبعدها بعام واحد وفى جو من الغموض أسس حسن البنا (شعبة) للإخوان فى الإسماعيلية، موطن القيادة العسكرية البريطانية فى مصر .

واتخذ نفس شعار إخوان السعودية (الله أكبر ولله الحمد) وسيفيها، لقد كانت جماعة الإخوان فى حقيقة أمرها فرعا وشعبة من أصلها السعودى، واستخدم الملك عبد العزيز حسن البنا لتصديرها إلى مصر بمباركة الإنجليز، لتشكِل قنبلة موقوتة من أجل ضرب المشروع الوطنى فيها بعد ثورة ١٩19، وإلهائها فى شأنها الداخلى، وأخذا بثأره من خلفاء محمد على الذى دحر آباءه وأجداده من قبل، لتشكل الجماعة حينها هجمة وهابية مستترة نابعة من أصلها السعودى المباشر .

وتمضى السنون وتعصف بمصر الهجمة الثانية للوهابية فى سبعينيات القرن الماضى، ولكن بصورتها الصريحة المباشرة، لتنتشر فى الحوارى والأزقة ثم الجامعات انطلاقا من زوايا شيوخ الوهابية السلفية، ليهيمن عليها صراحة الجلباب واللحية المرسلة والنعل السعودى، لتعلن عمليا انتهاء الدور الوهابى المستتر لتنظيم الإخوان فى مصر لصالح الجماعات الوهابية الصريحة، وليتحول الدعم المالى السعودى إلى تلاميذ ابن باز وابن العثيمين وآل الشيخ، وينقطع عن تنظيم الإخوان، ليولى وجهه إلى قطر، لأنه قد استنفد الغرض الذى أُسِّسَ له، وهو فتح الطريق أمام السلفية الوهابية المباشرة لكى تخترق العقل المصرى وتلجمه، وقد حدث بالفعل، فهل تكون تلك نهاية الإخوان؟
الجريدة الرسمية