رئيس التحرير
عصام كامل

كيف يزور الإخوان تاريخ حسن البنا وسيد قطب؟.. «تقرير»


لم تكن أسطورة هبوط سيدنا جبريل في اعتصام رابعة العدوية، التي روجتها أبواق الجماعة، لإصباغ قدسية على اعتصام مؤيدي مرسي، «حكاية معزولة» عن أدبيات الإخوان وتراثهم، بل كانت امتدادًا لخرافات يحترف رجال الجماعة حياكتها بعمق ساذج، لا يدخل إلا على أدمغة الإخوان وحدهم، آخر نسج لهذه الأحاديث الباطلة كان منذ عدة أيام، حيث زعم أحد قيادات الجماعة، أن نجم الدين أربكان، الأب الروحي لـ«أردوغان وجنوده» سمع عن سيد قطب وقت إعدامه، فساقته الحكاية لجلب كتبه واعتناق فكره، ليبذر الرجل في تركيا ثمرة الإخوان، التي طرحت في النهاية حزب «العدالة والتنمية» الذي يحكم حاليا ميراث الدولة العثمانية، منذ ما يقرب من خمسة عشر عامًا.


إعدام « قطب» وحكاية نجم الدين أربكان
وزعم «أحمد مطر» القيادي الإخواني، ورئيس ما يسمى بالمركز العربي للبحوث السياسية والاقتصادية، أن نجم الدين أربكان، كان في ألمانيا، وشهد احتفالات عارمة بها، ولما سأل عن سببها، فأجابوه أنهم يحتفلون بإعدام إرهابي مصري يسمى «سيد قطب»، لم يصدق الرجل الحكاية التي قيلت له عن قطب، فراح يبحث بنفسه عن كتبه، وقرأها جميعا بنهم شديد، لتصبح تلك الحكاية الغرائبية، بداية ولادة متعثرة لحركة إسلامية في تركيا، تستطيع مواراة العلمانية المتطرفة، التي زرعها كمال أتاتورك في بلاد حملت لواء «خلافة المسلمين» قرونا عدة، ليتصدر الصفوف أبناء الحركة، ويستطيعون الوصول لمقاعد رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان والحزب الحاكم.

وبالبحث عن نجم الدين أربكان، ستكتشف بمنتهى السهولة أن «افتكاسة مطر» تفقتد لأدنى حدود الخيال، فالرجل أنهى دراسته في ألمانيا وعاد لبلاده عام 1955، كما أن نشأته الإسلامية، كانت سابقة على تاريخ إعدام قطب بسنوات، فضلا عن أن الحركة الإسلامية في بلاد العثمانيين لم تختف من الأساس منذ سقوط الخلافة التي نشأ في كنفها «أربكان»، ودشن من مبادئها أول أحزابه السياسية عام 1970، بالتحالف مع أبرز كياناتها، الحركة النورسية التي أسسها الشيخ سعيد الزمان النورسي.

سر احتفال كنائس الغرب باغتيال البنا
نسج الإخوان لعشرات الحكايات الخرافية، عن قيادتهم ومحطاتهم الحياتية والتنظيمية، ليس أمرا جديدا، بل أمرًا مستساغًا صاحب ظهور حسن البنا نفسه، والذي قال عنه «محمد الصغير» أحد قيادات الجماعة على قناة رابعة منذ عامين، إن «سيد قطب» ـــ بطل حكاية مطر، كان في الولايات المتحدة الأمريكية، فوجد أجراس الكنائس تدق، وأطباء وممرضين يحتفلون في أحد المستشفيات، وعندما سألهم عن السبب، قالوا إن حسن البنا قتل، ليقرر الرجل السير في الاتجاه المعاكس، وينضم لجماعة الإخوان، والغريب أن «الصغير كثيف اللحية» لم يحدد أي المصادر اعتمد عليها، وهل مشكوك في صحتها أم لا، وما الذي سيفيد الصف الإخواني من نسج حكايات لا تنطلي على مخ طفل، خاصة بعدما بات الكبير والصغير يتجرأ على نقد أكبر في رأس في الجماعة ـــ المرشد.



سيد قطب التحق بالإخوان بعدما رأى الممرضات في أمريكا يفرحن بموت حسن البنا

ويبدو أن حوار «الصغير» على رابعة، جعله ينسي أنه بإمكان أي باحث في شئون الحركات الإسلامية، كشف زيف حديثه، وإثبات أن سيد قطب، وقبله حسن البنا، بمنتهي السهولة، لم يكونا أيوقونات عالمية، لتتحدث عنهما الصحف والمجلات الأوروبية ليل نهار، لدرجة تجعل من موتهما حدثًا تقيم له بلدان العالم الأفراح، فلم يكن مؤسسي «الفيس وتويتر واليوتيوب» ولدوا في ذلك التوقيت ليخترعوا للبشرية تلك الوسائل التواصلية المتوفرة حاليا، ليتوت من خلالها سكان العالم في نفس الوقت، احتفاءً بموت رجلان، لم يقودا الجيوش الإسلامية الهادرة لإسكات صوت الكنائس الغربية، ما يجعل من موتهما مدعاة لدق تلك الأجراس، وإقامة الصلوات احتفاءً بالخلاص الإلهي منهما.

ويبدوا أن القيادي الإخواني، نسي من فرط حماسته لسرد قصتة الخرافية، أن حسابات الواقع تنكر مزاعمه، فحتى تصفية أسامة بن لادن « نجم الإرهاب الأول في العالم» بحسابات الغرب، لم تقام لموته مثل تلك الاحتفالات المزعومة، في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، حتى تقام لـ«أباء الإخوان القدامي» في نهايات أربعينات وستينات القرن الماضي. 


الجريدة الرسمية