رئيس التحرير
عصام كامل

الناس ملت الصوت الواحد في الفضائيات!


ما نجده من قواسم مشتركة تتبناها برامج التوك شو هي للأسف سلبية كغياب المهنية والموضوعية ومعايير الإعلام المعتبرة عالميًا والانشغال بتصفية الحسابات وإثبات الوجود والإغراق في المحلية والعودة للماضي وخصام المستقبل وإثارة الجدل في قضايا تافهة وتحول البرنامج لملكية خاصة للمذيع المزهو بشهرته، المشغول بالدعاية لنفسه أو لمن يعمل لديه.. حتى أصيب الناس بالملل والقرف وغرقوا في دوامات الإحباط.. فهل يمكن للصوت الواحد المتكرر في تلك الفضائيات أن ينجح في تحقيق رسالة الإعلام أو يعبر عن نبض الشارع.. في ظل ما نراه من اختفاء الرأي الآخر واكتفاء المذيع بذاته حتى شعر الناس بأنه يعبر عن مصالحه أو مصالح صاحب القناة أكثر مما يعبر عن نبض الشارع ومصالحه، وأنه يتناول القضايا بإيعاز أو توجيهات معينة..


ألم يحن الوقت لكي تتبنى الفضائيات قضايا الوطن وهموم المواطن بشفافية وموضوعية.. متى نرى إعلامًا ناضجًا يلتزم كما يحدث في كل الدنيا بقوانين البث والنشر والحرفية والموضوعية ومواثيق الشرف.. متى نرى إعلامنا يحرض على الإبداع والإنتاج ويحارب التطرف والخيانة.. يناصر القضايا القومية.. يلتزم النقد البناء المنزه عن الهوى والمصالح بلا إسفاف ولا تجريح.. ينحاز للمصالح العليا لا المصالح الخاصة أو الفئوية الضيقة.

ما أحوجنا إلى إعلام ملتزم بقضايا أمته يساير التطورات والتحولات الكبرى في عالمنا ومنطقتنا.. إعلام لا يكتفي بنقل الأخبار والتحليلات عن مصادر أخرى لها مصالح تتعارض مع خياراتنا ومصالحنا.. نريده إعلامًا صانعًا للأخبار والتحليلات وفقًا لمنهج علمي يناصر قضايانا ويشحذ هممنا.. يبصرنا بمواطن القصور والخلل ويحافظ على قيمنا وتقاليدنا.. ولا يتسبب في ضياعها..

وإلى أن يتحقق هذا فسوف يظل السؤال متى يعود لإعلامنا بريقه ومكانته وريادته.. متى يعبر بصدق عن أوجاع الناس وهمومهم بلا انتقائية.. ومتى تتحرك الدولة لإنقاذ الإعلام وصيانة أمنها القومي ورأيها العام من عواصف الإعلام المضاد الذي لا يتورع عن هدم كل شيء مادمنا في دائرة رد الفعل أو المتفرج.. متى ننقذ ما بقي من مصداقية لإعلامنا قبل أن يفقد ما بقي له من تأثير ووجود؟!
الجريدة الرسمية